خبر موقف أوباما من نتنياهو والتسوية ..ياسر الزعاترة

الساعة 11:23 ص|01 ابريل 2009

ـ الدستور الأردنية 1/4/2009

رأى البعض، لا سيما المنحازون لبرنامج التفاوض، وأصحاب شعار "الحياة مفاوضات"، أن تصريحات أوباما بشأن حكومة نتنياهو وحل الدولتين تشكل مؤشرات إيجابية تعكس شعار التغيير الذي تبناه الرجل، وقد تكون إيذاناً بخروج الولايات المتحدة من مرحلة التبعية للهواجس الإسرائيلية التي حكمت ولايتي بوش.

ليس غريباً أن يأخذ هؤلاء مثل هذا الموقف، والسبب أن إعلانهم عدم خروج أوباما من عباءة بوش في ملف العلاقة مع الدولة العبرية سيفرض عليهم سؤال البديل في ظل يمينية نتنياهو، الأمر الذي لا ينطبق على الفلسطينيين وحدهم، بل أيضاً على المعتدلين العرب الذين يعلنون صباح مساء أن التسوية هي خيارهم الإستراتيجي.

نذكّر ابتداء بما ذهبنا إليه سابقاً حين قلنا إن نتنياهو سيجاهد حتى الرمق الأخير من أجل إخراج حكومته من مربع اليمين واليمين المتطرف، وهو ما كان، حيث قدم لحزب العمل بزعامة باراك أكثر بكثير مما يستحقه من المزايا والحقائب الوزارية كي يضمه إلى الحكومة، وبالطبع خشية العزلة السياسية التي يمكن أن تترتب على الخيار الأول، مع أننا نؤمن أن العزلة الحقيقية ليست واردة بحال، اللهم إلا إذا أدار الرجل ظهره بالكامل لعملية التسوية، وهو ما لن تسمح به المؤسسة العسكرية والأمنية، وبالطبع بسبب ما ينطوي عليه من مخاطر على سمعة الدولة ومصالحها، والأرجح أنها سترد عليه بإجراءات تقصّر عمر حكومته على نحو استثنائي.

الآن، وفي ظل الحكومة الجديدة التي تضم العمل، في ذات الوقت الذي تخشى هواجس العزلة السياسية إن هي تشبثت بطروحات لا تعجب الولايات المتحدة والغرب، يمكن القول إن لعبة المفاوضات ستتواصل، وبالطبع ضمن نفس رؤية الدولتين التي باتت رائجة في أوساط صهاينة الولايات المتحدة، بينما يؤمن بها حزب كاديما والعمل، ولا يبتعد عنها نتنياهو نفسه، بل حتى ليبرمان كما تبدى من تصريحاته الأولية الرامية إلى تغيير الصورة السائدة عنه.

من المؤكد أن أوباما لن يتورط في أي مسار سياسي شرق أوسطي يغضب الصهاينة، فما بالك إن تعلق الأمر بمسيرة التسوية، وهو عندما جاء بهيلاري كلينتون بتراثها المنحاز للدولة العبرية وزيرة للخارجية، فقد فعل ذلك لكي يرضي الصهاينة، فيما جاء تعيين دينيس روس ليعكس الوفاء لطروحات كلينتون، المنسجمة بدروها مع رؤية اللوبي الصهيوني، وهو ما يعني أن أي جدل بشأن التسوية أو الاستيطان سيتم بين الصهاينة أنفسهم وبين نتنياهو، وليس بين هذا الأخير وبين أوباما.

ليس لدينا أدنى شك في أن نتنياهو لن يدير ظهره بالكامل لحل الدولتين الذي تحدث عنه أوباما في كلمته المقتضبة بشأن تشكيل الحكومة الإسرائيلية، والسبب هو أن الحل المذكور صار يحظى بما يشبه الإجماع في الدولة، حتى لو اعترض عليه بعض رموز اليمين.

قد يحدث أن يدخل في مزيد من الجدل حول حيثيات ذلك الحل، لكن الموقف سيكون كذلك حتى لو كانت تسيبي ليفني هي رئيسة الوزراء (ليس ثمة إسرائيلي يلتزم بالاتفاقات، ونتنياهو ليس استثناء)، بل إن قوته كزعيم يميني قد تجعله أقدر على اتخاذ قرارات تبدو ضرورية لتمرير ذلك الحل مثل منح قيادة السلطة "تنازلاً" ما في مدينة القدس يدفعها إلى قبول الصفقة بكل ما تنطوي عليه من بؤس يعرفه الجميع: من شطب لقضية اللاجئين إلى الإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبيرة إلى السيادة المنقوصة. وقد قلنا من قبل إن فتح جورج ميتشيل مكتباً له في القدس هو تعبير عن الجدية في مساعي التوصل إلى اتفاق، الأمر الذي ينبغي أن تأخذه قوى المقاومة والممانعة في الاعتبار، لأن إفشال الحل المذكور وفق الصيغة المشار إليها هو هدف كبير ينبغي أن يجتمع عليه العقلاء، بدل أن يدفعوا ثمناً باهظاً ووقتاً طويلاً في تجاوز تداعياته في حال نجحوا في تمريره.