خبر مشروع نتنياهو ليس سحابة صيف .سعد محيو

الساعة 11:22 ص|01 ابريل 2009

ـ الخليج 1/4/2009

 “السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين، والحرب السياسية والعسكرية مع “الخطر الإسلامي” في الشرق الأوسط وما وراءه”.

هذه باختصار خطة عمل حكومة بنيامين نتنياهو التي سيعلنها ربما الأسبوع المقبل، التي أوحى بأنه سيقنع إدارة أوباما بها حين سيزور واشنطن في أول أيار المقبل. وهي بجناحيها الفلسطيني والإسلامي (اقرأ الإيراني وحزب الله وحماس) خطة حاذقة وطموحة .

في الجناح الأول سينشط نتنياهو لتحويل الفلسطينيين إلى مجرد مستهلكين اقتصاديين وعينات أنثروبولوجية لفرجة الحجاج الإنجيليين الأمريكيين على نهر الأردن، وفق المحاور التالية:

- لا حاجة إلى دولة فلسطينية. الأراضي ستقسم إلى مجموعة من المناطق الجغرافية - الاقتصادية المكرسة لمشاريع رجال الأعمال تحت شعار: البحبوحة تحقق السلام، لا السلام يحقق البحبوحة.

- يسمح للفلسطينيين بإدارة تجمعاتهم السكانية في المدن والبلدات، لكن بقية الأراضي ستكون تحت سيطرة إسرائيل لأسباب استراتيجية في إطار حزام أمني - عسكري شامل.

- التركيز الرئيس للخطة هو، وفق تعابير نتنياهو، نقل اهتمام العالم من مسألة الدولة الفلسطينية إلى قضية الصراع بين الإسلام الراديكالي والغرب التي باتت لها الآن الأولوية القصوى في جدول الأعمال العالمي. وعلى الجناح الثاني، سيعمل نتنياهو على إعادة إحياء فكرة كوندوليزا رايس حول “الاصطفاف الاستراتيجي الجديد” على النحو الذي أوضحته سابقاً مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” ، المتحالفة مع الليكوديين الإسرائيليين وصقورالمحافظين الجدد الأمريكيين، على النحو الآتي:

شبح إيران المسلحة نووياً والملتزمة (وفقاً لبياناتها نفسها) بتدمير إسرائيل، لا يحتاج إلى توضيح. وهذا ما يدفع العديد من الخبراء إلى الاتفاق على أن الحفاظ على علاقة ردع مستقرة مع إيران سيكون أصعب بكثير من التجربة الأمريكية - السوفييتية في الحرب الباردة. كما أن إيران نووية وإيديولوجية وتوسعية، تمثل بوضوح تهديداً للدول الخليجية الغنية بالنفط. إيران توسع الآن ادعاءاتها في حقول النفط والغاز الطبيعي في الخليج وبحر قزوين. وبالتأكيد فإنها ستمارس حتماً سياسة أكثر توكيداً إذا ما امتلكت الأسلحة النووية.

هذا الوضع دفع إلى صك تعبير “الاصطفاف الاستراتيجي الجديد” في الشرق الأوسط، بين الولايات المتحدة وتلك الحكومات الراغبة في تعزيز السلام والاستقرار ضد أولئك الذين يدعمون التطرف العنيف. وهو إصطفاف يجب أن يضم تركيا وإسرائيل و دول اخرى، وبرغم أن الفعالية المستقبلية لهذا الائتلاف الاستراتيجي في مواجهة إيران لايزال موضع شك، إلا ان التهديد الكامن الإيراني للاستقرار الإقليمي ليس كذلك.

للمساعدة على تعزيز هذا “الإصطفاف الاستراتيجي الجديد”، يقترح بعض المحللين وصناع القرار ان تعرض الولايات المتحدة مجموعة من الترتيبات الأمنية الرسمية والبيانات التي تؤكد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل وشركاء أمريكا ضد أي هجوم نووي.

هل يمتلك مشروع نتنياهو مقومات نجاح ما؟

نعم، بسبب الانشطار الكبير في الحركة الوطنية الفلسطينية وهذا ما قد يساعد الليكود والعمل وكل أطياف اليمين الإسرائيلي ومعه في الواقع كاديما والعمل على طي الملف الفلسطيني لأجيال عدة.

أما بالنسبة إلى الحرب على إيران و”التطرف الإسلامي”، فهذه يجب أن تنتظر حصيلة الحوار الإيراني - الأمريكي وطبيعة الانفتاح الأوبامي على العالم الإسلامي. لكنه انتظار قد لايطول أكثر من حفنة أشهر إذا ما نجح التحالف العريض في الشرق الأوسط المعارض لهذا الانفتاح في نسف الحوار الأمريكي- الإيراني والأمريكي - الإسلامي.

لكن، ثمة أمر واحد مؤكد في لعبة الانتظار هذه: نتنياهو لايتحرك في فراغ، ولاينطلق من أوهام، ولا يسير في عكس التيار الأمريكي. إنه بالأحرى التجسيد الواضح، وربما الضروري أيضاً، للعصا في استراتيجية العصا والجزرة الأمريكية الجديدة.

وهذا، إضافة إلى تخثّر الحركة الوطنية الفلسطينية، ما يجب أن يدفع إلى عدم القفز فوق مرحلة نتنياهو بوصفها سحابة صيف عابرة. فهي ليست كذلك. إنها بالأحرى غيوم فصل شتاء كامل.