خبر ما لم يعلم هيلاري به -هآرتس

الساعة 08:15 ص|01 ابريل 2009

بقلم: نداف شرغاي

 (المضمون: فوضى البناء غير القانوني في شرقي القدس ليست نابعة من الحاجة فقط بل انها سلاح في حرب الفلسطينيين ضد الفلسطينيين واسرائيل ليست بريئة من الذنب ايضا - المصدر).

عشر سنوات مرت منذ ان تشاجر ايهود اولمرت كرئيس لبلدية القدس مع شمعون بيرس كوزير للخارجية حول قضية طريق الطوق الشرقي، الذي يراد منه احاطة حدود القدس البلدية من الشمال الى الجنوب. اولمرت نجح حينئذ في اقناع الحكومة بمصادرة اراضي الفلسطينيين لصالح هذا الشارع، بعد ان حذر من ان عشرات المباني غير القانونية ستظهر على مسار هذا الطريق المزمع. اغلبية هذا الطريق باالمناسبة لم تعبد حتى اليوم لاسباب تتعلق في الميزانية، ولكن الاراضي في اغلبيتها قد صودرت.

تاريخ التخطيط في القدس حافل بالنماذج والامثلة التي تجسد حالة الفوضى المطبقة الناجمة عن المخالفات القانونية في مجال البناء في شرقي المدينة: بناء في العيسوية على اراض خطط لاقامة مدرسة عليها، ومسارات شوارع غيرت بسبب البناء غير القانوني، وسكان من احياء عربية طلبوا من البلدية ان تتدخل ، حتى تكبح البناء غير القانوني من فوق اراضيهم التي يمتلكونها.

هناك شك ان كانت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون، التي دعت اسرائيل للامتناع عن هدم المنازل في شرقي القدس، مدركة لهذا الجانب من القضية. كلينتون تتغذى بالاساس من المعلومات التي تأتيها من منظمات حقوق الانسان وحركات اليسار الاسرائيلية. هذه الجهات تمدها بتقارير تتعلق بالمصاعب التي تضعها اسرائيل طوال السنين امام البناء المنظم والمرخص في شرقي القدس من جهة، وحول عملية هدم المباني غير القانونية من جهة اخرى.

كلينتون على ما يبدو لا تدرك بما يكفي الحقيقة القائمة ايضا، بان البناء غير القانوني في شرقي المدينة عبر السنين لم يهدف فقط لحل ضائقة السكن، وانما – بصورة منهجية ومنظمة ومعلنة – لاحتلال المناطق المفتوحة وقطع الطريق على مشاريع التطوير الاسرائيلة وتحقيق ما لم يتحقق بالوسائل الارهابية او – و الدبلوماسية من خلال استخدام هذا السلاح، وهكذا على سبيل المثال تم بصورة كبيرة تقليص المساحة الشاغرة للبناء (خطة ي –1) بين معاليه ادوميم والقدس وتم قطع التواصل والتتالي بين التلة الفرنسية بسغاد زئيف.

اسرائيل لا تستطيع ان تسمح لنفسها بالاكتفاء بطرح معطيات حول مدى ومعدلات المخالفات الجانبية في مجال البناء في شرقي القدس. عليها ان تحدث كلينتون وكل من يتهمونها بالتطبيق الانتقائي للقانون بخلفية هذا البناء المغرضة، وان تطلعها على الحقيقة المذهلة بان اغلبية البناء في شرقي القدس منذ 1967 قد نفذت من دون ترخيص، واحيانا بتمويل السلطة الفلسطينية. وكذلك اعلامها بالمساعدة القانونية التي تضعها منظمات مختلفة رهن اشارة مجرمي البناء وكذلك التسامح والقبول الاسرائيلي بهذه الظاهرة واسعة الحجم: هدم العشرات المباني غير القانونية فقط في السنة في اوساط جمهور اعتاد على بناء مئات والاف المباني غير القانونية سنويا.

وبالرغم من ذلك ليست اسرائيل نقية من الاخطاء الشديدة في تعاملها مع سكان شرقي القدس عموما وقضية البناء الغير قانوني خصوصا. الفجوات في الخدمات والبنى التحتية بين المناطق اليهودية العربية – احيانا الاف النسب المئوية – تصرخ الى عنان السماء . اسرائيل لا تكلف نفسها تغيير ذلك تماما. في قضية البناء غير القانوني في شرقي القدس افترض الحكم الاسرائيلي ان من الممكن محاصرة التطور الطبيعي العربي من خلال ذلك من اجل ان تكون هناك اغلبية ديموغرافية يهودية. الا ان السحر انقلب على الساحر.

وحقيقة انه عبر سنين كثيرة جدا، امتنعت بلدية القدس عن اعداد خطة هيكلية للوسط العربي ادت الى تعاظم البناء غير القانوني وتمخضت عن ادغال عمرانية وحالة من فوضى التخطيط. من الافضل اليوم ايضا تخطيط البناء العام بما في ذلك لسكان شرقي القدس، كما حدث في الوسط اليهودي. الجدار الفاصل ايضا الذي يحيط اليوم باجزاء كثيرة من القدس يسهم في تحفيز البناء غير القانوني، نتيجة لتزايد الضغوط والطلبات من قبل عشرات الاف الفلسطينيين الذين لا يوجد لديهم استعداد للتنازل عن السكن في المدينة والامتيازات التي يترتب عليها ذلك.