خبر مسؤول عربي كبير: القذافي أجهض أي حديث عن مصالحة عربية

الساعة 06:16 ص|31 مارس 2009

فلسطين اليوم-وكالات

اختتمت القمة العربية أعمالها في العاصمة القطرية الدوحة بصورة مفاجئة مساء أمس، بعد أن كان مقرراً أن تختتم اليوم.

وانتهت القمة العربية وسط أجواء لغط وجدل بسبب مداخلة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والصخب الذي صاحبها وأدى إلى تلاشي الصوت أحيانا وانقطاعه مرتين بينما كان رئيس الجلسة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة يحاول إسكات القذافي الذي واصل حديثه غير آبه بدعوات الالتزام بالنظام.

وبسبب الارتباك الذي ساد الجلسة في تلك اللحظات لم يتمكن كثيرون داخل قاعة المؤتمر وخارجها من سماع كل ما قيل بدقة، بل سمع الكثيرون أجزاء فقط من الحديث. وطغت هذه الواقعة على الأجواء، ولم تتضح حتى مساء أمس الظروف التي أدت إلى اختصار القمة يوما واختتامها مساء أمس بعد أن كان مقررا أن تنتهي اليوم الثلاثاء.

وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قد ثمن في كلمته في افتتاح القمة مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من أجل المصالحة العربية، التي أطلقها في قمة الكويت الاقتصادية، وقال إنها «عبرت عن مدى حرص خادم الحرمين، على لم الشمل وتحقيق التضامن العربي وتجاوز أي اختلاف في الرأي». كما عبر أمير قطر عن اعتزازه بمشاركة خادم الحرمين في قمة الـ20 الاقتصادية في لندن، معرباً عن ثقته بأن الملك عبد الله يمثل القادة العرب جميعاً في هذه المهمة.

وخلال إلقائه كلمته، قاطع الزعيم الليبي معمر القذافي أمير قطر وتوجه بالحديث إلى خادم الحرمين الشريفين، ووسط اعتراض أمير قطر ومحاولته استفهام فحوى كلمة القذافي وذهول الحاضرين، تلاشى الصوت وحدث ارتباك.

وتمكن رئيس الجلسة من استعادة النظام بعدها، بينما ساد الوجوم والدهشة المقرونة باستياء عددا من الوفود في القاعة. وغادر القذافي بعد ذلك القاعة. وخيمت هذه الأجواء على القمة طوال المساء وربما عجلت بختامها.

ونقلت وكالات الأنباء أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قاطع الجلستين المغلقة والختامية للقمة احتجاجا على عدم تمكنه من إلقاء كلمة تعرض رؤية بلاده حول تفعيل العمل العربي، حسبما قال عضو في الوفد اليمني المشارك في القمة. وقال عضو الوفد، الذي رفض كشف هويته في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن «الرئيس علي عبد الله صالح قاطع الجلسة المغلقة للقمة العربية والجلسة الختامية احتجاجا على عدم السماح له بتقديم الرؤية اليمنية حول تفعيل آليات العمل العربي وإقامة اتحاد عربي». وأضاف أن «الرئيس (اليمني) لم يتمكن من إلقاء كلمة رغم أن الرؤية اليمنية سبق إعلانها وتم إقرارها ورفعها للقمة لإدراجها ضمن جدول الأعمال».

وتحدث لـ«الشرق الأوسط» مسؤول عربي كبير، معبراً عن استياء عدد من الوفود العربية من ما نحت إليه القمة العربية في أعقاب مداخلة الرئيس الليبي «ضد المصالحة العربية بشكل عام» مشيراً إلى أن الموقف الليبي «أجهض كثيراً من مشاريع القرارات التي كان قد سبق واتفق عليها من قبل المندوبين ثم وزراء الخارجية العرب، وهو ما أفضى إلى خروج إعلان الدوحة بطريقة أشبه بالميتة».

ووفقاً للمسؤول العربي فإن رئيس دولة عربية أبدى صراحة، وأمام القادة العرب، رفضه للطريقة التي تحدث بها الرئيس الليبي.

وشهد البيان الختامي، الذي كان تحت مسمى إعلان الدوحة، تحفظات من قبل دولتين عربيتين هما العراق ولبنان، فعندما تليت الفقرة الخاصة بالتجديد بالالتزام باحترام ووحدة العراق وسيادته واستقلاله وهويته العربية والإسلامية، ودعم الدول العربية للمسار السياسي الذي يتركز على المشاركة المتكاملة لمختلف مكونات الشعب العراقي، وفقاً للتصور العربي الذي أقرته القمة العربية، تحفّظ نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، على هذه الفقرة، مطالباً بأن يكون هناك تأكيد للتقدم الأمني الذي يشهده العراق حالياً، كما تحفّظ على تحويل القمة العربية المقبلة من استضافة العراق لها لتكون باستضافة ليبيا.

التحفظ الثاني كان من الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي تحفظ على البند الخاص بجنوب لبنان وبمزارع شبعا تحديداً. وكان أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قد افتتح القمة العربية صباح أمس، وغلبت الأزمة المالية العالمية على الحديث الافتتاحي لأمير قطر، الذي حرص، قبل أن يختتم كلمته، على أن يكرر «الترحيب والتأييد والإشادة بالمبادرة الكريمة والحكيمة التي أطلقها أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في قمة الكويت من أجل المصالحة العربية، والتي عبرت عن مدى حرصه على لمّ الشمل وتحقيق التضامن العربي وتجاوز أي اختلاف في الرأي بين دولنا، الذي يبقى في النهاية حول الوسيلة وليس الهدف، فهدفنا جميعاً واحد، هو مصلحة شعوبنا وأمتنا ورفعة شأنها. كما أود في هذه المناسبة أن أعبر عن اعتزازي واعتزازنا جميعاً بمشاركة أخي خادم الحرمين الشريفين ممثلاً للمملكة العربية السعودية في قمة العشرين الاقتصادية في لندن.. ولا أغالي إذ أقول إننا نشعر أنه يمثلنا جميعاً في هذه المهمة التي نتمنى له التوفيق والنجاح فيها، وإننا على ثقة أنه سيمثل مصالح أمتنا وعالمنا العربي، وحتى الدول النامية المتضررة وطموحها بعلاقة أكثر توازناً مع الدول الصناعية المتقدمة».

من جهته، أكد الرئيس السوداني عمر البشير في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية أنه يتوقع من نظرائه العرب موقفاً قوياً ضد الإجراءات القضائية الدولية بحقه، وقال مخاطباً القادة العرب «نقدر لكم مساندتكم وستمضي هذه المساندة إن شاء الله بإصدار قرارات قوية واضحة لا لبس فيها ترفض هذا القرار (قرار المحكمة الجنائية) وتطالب من افتراه بإلغائه».

من جهته، طالب الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته، من جديد، بتعليق المبادرة العربية، وقال إن طرح تعليق المبادرة العربية جاء بمثابة رد طبيعي على استهتار إسرائيل بالسلام. مضيفاً أن طرق الأبواب لتسويق المبادرة العربية لا جدوى وراءه «ما لم نرَ تحولا إسرائيلياً جدياً»، الأمر الذي استبعد الأسد حدوثه قريباً.  وأكد البيان الختامي للقمة العربية الحادية والعشرين على رفض الزعماء العرب مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتضمنت الفقرة الخاصة بهذا الموضوع «نحن نكرر تضامننا مع السودان ورفضنا للإجراء الخاص... بالمحكمة الجنائية الدولية ضد سيادته (البشير)»، غير أن التضامن العربي لم يتعرض لموضوع الملاحقة التي وردت في قرار المحكمة الجنائية الدولية. فيما تحدثت الفقرة الأصلية التي وافق عليها وزراء الخارجية العرب في البيان ذاته، قبل التعديل، المطالبة بـ«إلغاء إجراءات المحكمة الجنائية الدولية». كما أكد البيان الختامي دعمهم للسودان في مواجهة كل ما يستهدف النيل من أمنه واستقراره ووحدة أراضيه ورفضهم لكل الإجراءات التي تهدد جهود السلام التي تبذلها دولة قطر في إطار اللجنة الوزارية العربية الأفريقية وبالتنسيق مع الوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. كما أكد القادة على دعمهم وتأييدهم للسودان من أجل إحلال السلام في دارفور.

وأكد إعلان الدوحة التزامه بالتضامن العربي «وتمسكه بالقيم والتقاليد العربية النبيلة وصون سلامة الدول العربية كافة واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني ومواردها وقدراتها ومراعاة نظمها السياسية وفقاً لدساتيرها وقوانينها وعدم التدخل في شؤونها».

وفي إشارة سريعة للخلافات العربية العربية، شدد البيان على تسوية الخلافات العربية بالحوار الهادف والبناء والعمل على تعزيز العلاقات العربية وتمتين عراها ووشائجها والحفاظ على المصالح القومية العليا للأمة العربية.

ودعا الإعلان إلى مواصلة الجهود الرامية إلى تطوير وتحديث منظومة العمل العربي المشترك وتفعيل آلياتها والارتقاء بأدائها بما يمكّن من إيجاد سياسيات فاعلة لإعادة بناء المجتمع العربي المتكامل في موارده وقدراته وبما يتلاءم والتحديات الجديدة في المرحلة المقبلة ومواكبة المستجدات التي قد تطرأ على المستويين الإقليمي والدولي. وأدان الإعلان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكداً دعم القادة العرب صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.

وطالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية وتثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة وفتح المعابر كافة، إضافة إلى التأكيد على تحميل إسرائيل المسؤولية القانونية والمادية عما ارتكبته من جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مطالباً المجتمع الدولي بملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم وإحالتهم إلى المحاكم الدولية.

كما أعرب إعلان الدوحة عن الدعم الكامل للجهود العربية لإنهاء حالة الانقسام في الصف الوطني الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومطالبته جميع الفصائل الفلسطينية بالتجاوب مع هذه الجهود بما يكفل تحقيق المصالحة الوطنية المنشودة وبما يضمن وحدة الأراضي الفلسطينية جغرافياً وسياسياً.

وجدد على دعم السلطة الفلسطينية واحترام المؤسسات الشرعية للسلطة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية بما في ذلك المجلس التشريعي الفلسطيني.

وطالب بوقف السياسات الإسرائيلية أحادية الجانب وإجراءات فرض الأمر الواقع على الأرض، بما في ذلك الوقف الفوري لكافة النشاطات الاستيطانية وإزالة جدار الفصل العنصري وعدم المساس بوضع القدس الشريف والمحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.

كما أكد إعلان الدوحة على عدم قبول التعطيل والمماطلة الإسرائيلية، وهو الأمر الذي استمر عبر حكومات إسرائيلية متعاقبة، إضافة إلى ضرورة تحديد إطار زمني محدد لقيام إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها تجاه عملية السلام والتحرك بخطوات واضحة ومحددة نحو تنفيذ استحقاقات عملية السلام القائمة على المرجعيات المتوافق عليها دولياً، لاسيما مبادرة السلام العربية.

وأكد الإعلان أيضاً على ضرورة التوصل إلى حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي في إطار الشرعية الدولية، مبيناً أن السلام العادل والشامل في المنطقة لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بما في ذلك الجولان العربي السوري المحتل حتى خط الرابع من يونيو 1967 وما تبقى من مزارع شبعا وأرض كفر شوبة والتوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، رافضاً كافة أشكال التوطين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.