خبر خبراء مصريون منقسمون بشأن نجاح جولة الحوار الفلسطيني القادمة

الساعة 05:35 ص|31 مارس 2009

فلسطين اليوم-غزة

اختلف خبراء ومحللون مصريون في رسم صورة المشهد الفلسطيني في ظل حوار القاهرة الذي ستنطلق جولته الثالثة نهاية الأسبوع الجاري، فرأى جزء منهم أن مجرد لقاء الفصائل يعتبر نجاحاً مهماًً، فيما رأى آخرون أن الحوار لن يفضي إلى نتيجة عملية لأن الفواصل بين السلطة الفلسطينية وبين فصائل المقاومة هي فروق عميقة، وأن السلطة لا تملك قرارها.

 

وشدد الخبراء لصحيفة فلسطين على أن الانقسام الفلسطيني يضر بالقضية دوليا وإقليميا ويفتح باب التدخلات الخارجية، داعين إلى تغليب المصالح القومية والفلسطينية العليا. ويرى د.زكريا حسين أستاذ العلوم الاستراتيجية والمدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا أن مبدأ اللقاء بين الفصائل الفلسطينية والتحاور في حد ذاته يعتبر إنجازاً مهما. ويقول: "فالموافقة بين الفصائل على التواجد في مكان واحد وقبول الجميع الحضور والمشاركة في الحوار يعتبر نجاحا أوليا، هذا إلى جانب النجاح في التوافق على العديد من النقاط العالقة بشكل جيد ومستوى رفيع".

 

ويضيف حسين: "ولكن القضية الأهم وهي تشكيل الحكومة الوطنية التي لم يتم الاتفاق عليها لأن أمريكا اشترطت على حماس الرضوخ لها ومنها الاعتراف بالكيان الصهيوني والاعتراف بالاتفاقات التي وقعتها السلطة، وهذان مبدآن ترفضهما لأنهما يتنافيان مع مبدأ المقاومة".

 

ويؤكد الخبير الاستراتيجي أن الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) تهدفان إلى استمرار الانشقاق وعدم التئام ووحدة الصف الفلسطيني.

 

ويدعو إلى تغليب المصالح القومية والفلسطينية العليا أولاً، وليس تنفيذ مطالب وضغوط الولايات المتحدة و(إسرائيل)، "لأن ضياع الحقوق الفلسطينية واستمرار الحصار والحرب على غزة ودمارها الشامل وإبادة الأطفال والنساء كان بأسلحة أمريكية وبفعل إسرائيلي، فلا يجب أن تنقاد القيادات الفلسطينية وتنزلق نحو مطالب هذه الجهات، وعليها أن تدرك أين المصالح الوطنية وتسير وراءها سعيا لتحقيقها بدون أي إملاءات خارجية".

ويؤكد حسين على أنه إن "لم يتحقق تقدم في القضية الأساسية فلن يتم إحراز تقدم في القضايا الفرعية، ولن يصل الحوار إلى نتائج حاسمة، لأن هذا مرتبط بإنهاء حصار غزة والتئام الصف الفلسطيني كله، وهذا يبدأ وينتهي بتشكيل حكومة وطنية يجب أن تشارك فيها حماس, كقوة منتخبة لها دور فاعل حقيقي واقعي، وقادت صراعا مسلحا في مواجهة العدو الصهيوني".

 

ويقول :" لا يمكن تجاهل حركة حماس وليس من المقبول عدم الاعتراف بها أمريكيا"، ملفتاً إلى أن أوروبا اعترفت بأنه لابد أن يكون لحماس دور، وهي لها تمثيل شعبي واضح ودور مقاوم، "ولذلك لا يمكن تجاهل حماس، لأن تجاهلها يعني دفع العدو الصهيوني والولايات المتحدة لاستمرار الشقاق الفلسطيني والمتاجرة به، وعلينا أن ندرك العدو من الصديق".

 

من جهة أخرى، رسم النائب في مجلس الشعب المصري صبحي صالح صورة سوداوية للحوار الوطني، ورأى أن الحوار لن يفضي إلى نتيجة عملية لأن الفواصل بين السلطة الفلسطينية وبين فصائل المقاومة بما فيها فتح والجهاد وحماس وغيرها هي فروق عميقة بعضها منهجي أو أيديولوجي أو استراتيجي.

 

وقال :" لسبب آخر أهم وهو أن السلطة الفلسطينية لا تملك قرارها، بمعنى أن قرارها مرهون بالرضا الأمريكي والصهيوني، ولذلك أرى أن الحوار الفلسطيني بالقاهرة أشبه بحوار الطرشان". ويؤكد صالح أن مبدأ الحوار لا غبار عليه، "ولكن المهم أن يتوافر لدى الطرفين إرادة حقيقية وامتلاك القرار".

 

ويضيف عضو البرلمان المصري: "إن السلطة الفلسطينية قبلت التفاوض كوسيلة وحيدة، بمعنى التفاوض على ما يتم التفاوض عليه، وعناصر التفاوض ذاتها محل تفاوض، بلا سقف ولا مرجعية ولا حدود، فكل شيء بالتفاوض حتى جدول الأعمال نفسه".

 

ويتابع: "السلطة في اعتقادي بلا ثوابت، وخيار السلطة هو حل السلام كخيار استراتيجي والتفاوض كخيار تكتيكي مع نبذ الكفاح المسلح، وأن المقاومة هي الخيار المطروح لأن العدو لم يعط شيئاً على مدار 60 عاما".

 

ويشدد على أن السلطة لا تملك قرارها حتى تتفاوض فيه، "فالسلطة تتفاوض في مسائل لا تملكها، لأنها بموجب اتفاقية أوسلو تعهدت بخمسة أشياء ووقعت عليها وهذا سقفها، وحماس لن تسلم بها وبالتالي الحوار عقيم منذ بدايته".

 

ومن ضمن الالتزامات، الاعتراف بـ(إسرائيل)، ونبذ الكفاح المسلح، والالتزام الثالث أن السلطة الفلسطينية تعهدت بمنع "المقاومة" وتعهدت بتأديب من يفعل ذلك من الفلسطينيين, والالتزام بأمن (إسرائيل)، والسيطرة على حمل السلاح، أما الرابع يتمثل بتعهد السلطة بتفكيك البنية التحتية لعناصر المقاومة وحق الاحتلال  في المطاردة الساخنة، إلى جانب تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني، بحسب النائب صالح.

أما الدكتور عبد العليم محمد الخبير بمركز دراسات الأهرام بالقاهرة فيرى أن الانقسام الفلسطيني الحالي يضر بالقضية دوليا وإقليميا، "حيث تدعي الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الصهيوني واللجنة الرباعية أنه لا يوجد شريك للسلام، والانقسام يفتح الباب كذلك للتدخلات الإقليمية".

 

ويشير إلى أن حماس دخلت حوار القاهرة بنية صادقة وبرغبة في الانفتاح وشعور بأن التوقيت حان لإنهاء الانقسام الفلسطيني. ويشدد عبد العليم على أن هناك موقفا متعسفا من قبل اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي تجاه هذه الحكومة الوطنية المبتغاة، "ولكن في الوقت نفسه موازين القوى تؤكد أن رفض شروطهم يعني استمرار الحصار وانعدام تمثيل الحكومة الفلسطينية".

 

ودعا الخبير المصري للبحث عن صيغة متوازنة تسمح لأطراف بالحكومة القادمة بعدم الاعتراف بـ(إسرائيل") ولكن يتعامل معها المجتمع الدولي. وطالب عبد العليم محمد الشعب الفلسطيني وممثليه السياسيين أن يدركوا طبيعة القضايا المطروحة ويبلوروا أجندة فلسطينية مستقلة في ظل التوازن الدولي الراهن، "فلا يمكن أن يعيش الشعب الفلسطيني تحت الحصار للأبد، ولذلك لابد من صيغة وتنازل يسمح برفع الحصار وإعادة الإعمار ومواجهة الاحتلال سلما ومقاومة، وهذا هو التحدي".