"الكرشة" .. مصدر رزق للكثيرين ووليمة عزيزة للغزيين

الساعة 12:16 م|23 يوليو 2021

فلسطين اليوم

حظيرةٌ كبيرةٌ مليئةٌ بالعجول والخراف، لم يبقى فيها موطئ قدم، صرخات التهليل والتكبير وسن السكاكين تصدح منذ فجر اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك، دماء الأضحية تتناثر في مكان، في زاوية مخصصة داخل الحظيرة يفتح "محمد فايز" صنبورة المياه ليزيل بيديه الخشنتين مستعينًا بسكين حادة بقايا الأوساخ والدهون من الفوارغ والكُرش.

الشاب "فايز" في منتصف الثلاثينيات بينه وبين تنظيف الفوارغ والكُرش "عشرة عمر" يحفظ طريقة تنظيفها بشكل كامل عن ظهر غيب، ترك بهجة العيد مع عائلته وأطفاله وانشغل في مهنته الموسمية أملًا في تحصيل ما يوفر له ولأسرته لقمة العيش.

قبل أيامٍ من عيد الأضحى يجهز "فايز" نفسه جيدًا ليترك أسرته المكونة من "طفلين" في أول أيام العيد ويذهب مبكرًا إلى "المذبح"، ويرجع السبب إلى عدم توفر فرص العمل إلا في المواسم ليستغلها "فايز" وغيره الكثير من أمثاله الشباب لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم.

"لدي خبرة في تنظيف الكُرش والفوارغ لكثرة السنين التي مرت عليَّ للعمل في هذه المهنة الموسمية، فالكثير من الناس يشعر بالاشمئزاز من رائحتها وعدم التقرب منها مطلقًا، وهنا استغل الفرصة وأقدم نفسي لتنظيفها بمقابل يتراوح ما بين (30 إلى 40 شيكل) للكرشة الواحدة"، قالها وهو منهمك في تنظيف إحدى الكرش.

وتختلف طريقة تنظيف كرشة العجل عن نظيرتها في الخراف فهي تحتاج إلى وقت أكبر وجهد مضاعف، ويقضي "فايز" 10 دقائق كاملة لتنظيفها بشكل مثالي باستخدام سكين حادة لقطع الدهون ثم يزيل الأوساخ بالماء مستخدمًا يده.

ومع مرور الوقت وجد "فايز" نفسه مستمتعًا بتنظيف الكرش، لتتحول العلاقة بينه وبينها إلى علاقة "مصلحة متبادل" فهو يقوم بتنظيفها رغم رائحتها الكريهة بطريقة مثالية ليحصل على مبلغ مالي من أصحابها يعيله على ظروفه الاقتصادية الصعبة.

ويُعد تنظيف "الكرشة" في المذبح مرحلة أولى من مراحل التنظيف الدقيق لإزالة الدهون والرائحة الكريهة.

يوم الكرشة استدعي البنات

تجلس "أم خالد" وبناتها تحت شجرة "التين" لتُنظف الكرشة بالمرحلة الثانية التي تعد أهم مراحل تنظيف الكرشة قبل تخزينها في الثلاجة حتى يأتي اليوم العالمي لطهيها على نار هادئة وعرضها في أطباق شهية ولذيذة لتناولها.

صنبورة المياه، والليمون والطحين وبعضَا من "الشيت" هي أدوات "أم خالد" التي تستخدمها لتنظيف الكرشة، لتقول وهي منهمكة في تنظيفها: " يوم تنظيف الكرش باستدعي البنات فأنا لا اثق بتنظيف الكرشة سواء من عاملين في المذابح أو حتى أصحاب المحال التجارية، متحججة بالقول أن تنظيفها يحتاج لدقة متناهية لإزالة كل الشوائب والدهون والأوساخ ليصبح لونها ناصع البياض".

بجانب "أم خالد" بعضًا من أواني تحتوي على قطع بيضاء من الكرش لتنقلها ابنتها إلى الثلاجة استعدادًا لليوم العالمي لتقول: "تبقى الكرش في الثلاجة لـ 3 ايام وأقصى حد لـ 10 ايام لأعزم بناتي وأزواجهن لتناول الوليمة التي تعتبر من أشهر الولائم بعد عيد الاضحى المبارك".

لا تكفيني كرشة خروف

بينما "أبو أحمد" في الخمسينيات من العمر ينتظر عيد الأضحى بفارغ الصبر ليحصل على الكرشة من أصحاب العجول أو الخراف اللذين لا يحبون تناولها، فيفضل "أبو أحمد" الكرشة على كيلو من اللحوم الحمراء.

كرشة الخروف مع "الفلفل" و "الصلصلة" لا تكفي "أبو أحمد" وأبنائه وزوجاتهم ليشتري كيلو من "الفوارغ" إلى جانب الكرشة، أما كرشة العجل يعزم عليها إلى جانب أبنائه وزوجاتهم، بناته وأزواجهن فهي تكفيه و14 فردًا من أسرته.

وحول سعر الكرشة يعتقد "أبو أحمد" –لا يشتريها كثيرًا- أن سعر شراء الكرشة الجاهزة للطعام من المحال التجارية قد تزيد عن 70 شيكل.

وشهد موسم الأضاحي هذا العام اقبالًا كبيرًا من قبل المواطنين وأصحاب الجمعيات الخيرية والاغاثية حيث خلت بعض حظائر الحيوانات من بيع العجول والخراف قبل أسبوع من بدء عيد الاضحى المبارك.

 

طريقة-غسل-الدوارة-أو-الكرشة-خروف-العيد-للمبتدأت.jpg


الكرشة.jpg
 

images.jpg
 

كلمات دلالية