خبر السلام الشامل الخيالي- هآرتس

الساعة 09:37 ص|29 مارس 2009

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: تشرذم القمة العربية المنعقدة في الدوحة اليوم دليل جديد على ان السلام الشامل خيالي ولكن السلام الجزئي ممكن في المقابل - المصدر).

قمة الدوحة المنعقدة اليوم تبدو مثل قطعة الاحجية الفسيفسائية التي يسعى اللاعبون لتركيبها في صورة كاملة. قطر الدولة المستضيفة في نزاع مع مصر والاردن يستشيط غضبا على قطر لان محطة الجزيرة التي تمتلكها العائلة المالكة تبث مرة اخرى تقارير مفادها ان الملك حسين كان عميلا لـ سي.آي.ايه. والسودان ما زال يحاول حشد دعم عربي ليس معروفا بعد ان كان سيشارك ام لا بسبب امر الاعتقال الصادر ضد رئيسه ومصر لم تتصالح مع سوريا بعد اما السعودية فقد شرعت في حملة مصالحة عربية شاملة الا ان نجاحها كان جزئيا. الفصائل الفلسطينية فتح وحماس لم تتوصل الى الاتفاق والعراق ما زال جسما مشبوها خاضعا للنفوذ الايراني. باختصار هذا ما تبدو عليه قمة اللاوفاق العربية.

هذه تبدو صورة شبه اعتيادية وفرحة كبرى لمن يبحث عن دليلا جديد على الانقسام في الشرق الاوسط العربي الذي يفقد قاسمه المشترك الاصغر . ولكنها في واقع الامر صورة تبعث على اعادة التفكير بمصلحة "المبادرة العربية" الذي صدر عن قمة الجامعة العربية في بيروت (2002). تلك القمة نجحت في توحيد الدول العربية حول قضية لم يطالبوا في السابق بالاتفاق حولها. السعودية ومصر بالتعاون مع الاردن ودول الخليج نجحوا في بلورة اجماع عربي من طراز جديد تماما:- توفير حزام امن لاسرائيل والاعلان عن نهاية الصراع واقامة علاقات دبلوماسية وتطبيع مقابل الانسحاب الاسرائيلي من كل المناطق واقامة دولة فلسطينية وحل عادل لمشكلة اللاجئين. هذه كانت قمة بدلت التصور العربي الاستراتيجي من اسرائيل الذي تكرس في قمة الخرطوم في 1967 بلاءاتها الثلاث. لا صلح، لا اعتراف ، لا استسلام – بصورة رسمية.

الا ان الامر الجديد الاستراتيجي الذي تمثله المبادرة يعتمد على الاجماع العربي الشامل بتبنيه. من دونه ليس هناك معنى لمضمون المبادرة. نظريا ما زالت هذه المبادرة قائمة ولكن بعد سبع سنوات من غمسها في عصارة الكسل والتقاعس السياسي المجمدة اصبح من اللازم التوقف عندها والنظر في عيونها مباشرة والقول ان من الممكن ارشفتها مع خريطة الطريق وتقرير ميتشل وغيرها من الوثائق الجميلة التي انهارت وتحطمت على صخرة الحاجز السياسي الاسرائيلي الفلسطيني.

بعد ان قلنا ان اسرائيل فقدت فرصة تاريخية اخرى للسلام الشامل بسبب ادارة ظهرها للمبادرة، لن يكون الادعاء بأن السلام الشامل هو طموح مبالغ فيه، كفرا كبيرا – وليس بسبب اسرائيل وحدها. هل سيعقد العراق المرتبط بايران السلام مع اسرائيل فقط لانها ستوقف اتفاق سلام مع الفلسطينيين؟ وهل سيوافق لبنان الذي يملي حزب الله سياسته على السلام مع اسرائيل حتى ان عقد اتفاق سلام مع سوريا؟

والسودان الاصولي هل سيدفع لتقبيل ايادي بنيامين نتنياهو؟ وما الذي سيقترحه الفلسطينيون؟ سلام رام الله ام حرب غزة؟ وحتى دول الخليج ستجد صعوبة خلال الامتحان لتحديد سياسة موحدة تجاه اسرائيل. التصور الذي يفيد بان "الشرق الاوسط" ينتظر الاوامر فقط لعقد اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين وسوريا من اجل السير معا نحو القدس ووضع السيف امام قدميها، يلائم الازمنة التي كان فيها شرق اوسط فعلا وليس دولا عربية.

مع ذلك، القمة العربية تنفرط في قطر وهي تسعى لان تسمى "قمة المصالحة العربية"، الا انها لا تستطيع ان تكون دليلا على بطلان المبادرة العربية بسبب عدم توفر شروطها الاساسية: الاجماع العربي. هي تستوجب تبني عبرة سياسية جديدة مفادها ان السلام التفصيلي بين اسرائيل والفلسطينيين ، وبين اسرائيل وسوريا ولبنان هو مصلحة حيوية بحد ذاتها حتى وان لم ينضم اليمن والسودان وليبيا والجزائر في صبيحة اليوم التالي للاتفاق مع اسرائيل.

السؤال المطروح على اعتاب حكومة اسرائيل ومنتقديها ليس ما الذي كان سيحدث لو تبنت اسرائيل والعرب المبادرة العربية، وانما كيف يمكن دفع المفاوضات مع الفلسطينيين ومع سوريا وكانها غير موجودة. هذا هو التوجه الواقعي المطلوب الان بدلا من الجدل الذي لا ينتهي حول ما يوجد وما لا يوجد في المبادرة العربية وبالتاكيد بدلا من تصورات السلام الشامل الخيالية.