خبر « انتزعوا الايمان مني »..يديعوت

الساعة 09:31 ص|27 مارس 2009

بقلم: ناحوم برنيع

ايتان كابل هو رائد في الكتيبة 66 في اللواء 55 – لواء المظليين الاحتياطي. هم لا يدهنون انفسهم بالزيت مثل خريجي وحدة هيئة الاركان الخاصة، وانما اسرائيليون اعتياديون تحركهم محبة الرفاق لدرجة لا تقل عن محبتهم للوطن، والخدمة الاحتياطية هي المكان الذي يشعرون فيه بمشاعر مريحة: لا يقوم احد بسرقتهم هناك ولا يخدعهم ولا يبني مسيرته على ظهورهم.

لا يعرف كتيبة كابل جيدا: خدمت بها لسنوات طويلة. عندما قام باراك بحركته الالتفافية السابقة عندما تعهد بالاستقالة اثر تقرير لجنة فينوغراد ومن ثم تراجع، قلت له، العلاقات بينك وبين كابل لن تنتهي جيدا فهو ليس مثلكم، هو من الكتيبة 66. باراك رد عليه بحركة يد غير موافقة وقال انه لا يوجد سياسي ليس له ثمن وان الجميع نفس الشيء.

كابل المحطم او غير المحطم اقسم على خوض الكفاح ضد باراك حتى اقالته. بينما كنا نتبادل اطراف الحديث اتصل بوغي هرتسوغ الذي تردد واحتار حتى حصل على حقيبة الرفاه الاجتماعي الموسعة. وناشد كابل بان يخفض من لهجته الهجومية فقال له كابل انه سيتحدث كما يريد. هرتسوغ واصل مناشدته فرد كابل عليه،: "انا مشغول الان يا اخي فدعني منك".

المتمردون السبعة في كتلة حزب العمل يمثلون سبعة قوائم مختلفة. ليس صدفة ان شالوم سمحون الوسيط من قبل باراك قد رتب تسعة مناصب مختلفة من اجل المؤيدين الستة للانضام للائتلاف (خمس وزراء ، نائبي وزير، رئيس الكتلة وثلث رئيس للجنة الخارجية والامن). ان نجحت كتلة باراك في كسب متمرد اخر فستكون لها اغلبية في القائمة المشتركة. هذا انجاز كابل اقسم بان لا يقع في الاغراء.

"انا ادعي ان حزب العمل لم يقم بمحاسبة نفسه منذ انقلاب 1977"، قال. "المجتمع الاسرائيلي اليوم هذا الذي حطمنا في يوم الانتخابات، مختلف تماما عن المجتمع الذي ازاحنا عن الحكم في 1977. والان ايضا لم تتم عملية محاسبة للنفس. شرخنا الاكبر ينبع من اننا فقدنا الطاقة للقيادة. تحولنا الى مفدال العلمانيين. نحن سنؤثر من الداخل، هذا ما نقوله، وهذا ما يريده ناخبونا ، وما تريده الدولة، وخلال بذلك نفقد جمهورنا وكذلك الجمهور العريض.

نتنياهو قام بالاصلاح اثر فشله في الانتخابات وجلس في المعارضة مع اثني عشرة مقعدا وضبط نفسه. باراك لم يقم باصلاح في اي مرة. هو خرج وعاد وكتب لي رسالة قائلا فيها انه قد تغير وتعهد بصورة استعراضية صارخة بان يخرج من الحكومة".

لماذا ايدت باراك في مواجهة عامي ايالون؟ سألت كابل

"جاء الي الداد يانيف وقال لي لقد تغير ايهود، نحن نسير في درب اخر من اجل اقامة حزب نظيف منظم وسنقود الدولة الى مكان اخر، ايهود جاء للتكفير عن اخطائه في الولاية السابقة.

"ترددت. بعد عدة لقاءات مع عامي ايالون اقتنعت بتأييد ايهود. كنت اليمني خاصته. نفذت له عملا مخلصا وجهاديا. موشيه شاحل انضم الى الداد يانيف والي وقمنا معا ببناء خطة لاستنهاض حزب العمل. وعندئذ جاءنا باراك وقال كابل ويانيف يحاولان سرقة الحزب مني. انا لا افهم حتى اليوم من اين جاء بهذا الكلام.

وعندئذ جاءت فينوغراد واتضح ان الكلمة ليست كلمة. هو قال بانه سيستقيل بعد تقرير فينوغراد الاول ولم يفعل وقال بعد فينوغراد الثاني ولم يفعل حيث اتصل معي وقال لقد جاء التقرير رماديا ولم يستقل. الجمهور رد بصورة ملائمة: باراك هبط في الاستطلاعات وانزلنا الى الحضيض معا".

 سؤال: ولكنك واصلت السير معه رغم ذلك؟

جواب: قررت مواصلة دعمه على امل ان يقوم بالشيء الصحيح في اخر المطاف، ولكن عندما ضغط من اجل تقديم موعد الانتخابات كان الوقت متاخرا جدا وليس من اجل الهدف المنشود. انتهى بنا الامر باثني عشر مقعدا.

سؤال: ولكنك قلت ثلاثة عشر.

جواب: المقعد الثالث عشر هو مقعدي. قبل الانتخابات تلقيت هاتفا من باراك. قلت لك ان تعقد اتفاقا حول البواقي مع كاديما، قالها وهو يصرخ. لماذا لا تفعل ذلك. لانني قمت بذلك مع ميرتس. نحن نعقد الاتفاقيات معهم منذ سنوات طويلة ومن الاصح ان نعقد هذا الاتفاق مع حزب صغير. عدا عن ذلك، انت  لا يمكنك ان تعقد اتفاق فوائض مع حزب لا تريد ان تخسر له مقعدا. لو عقدنا الاتفاق مع كاديما كما طلب لخسرنا مقعدا اخر. لذلك كان المقعد الثالث عشر لي. الهزيمة في الانتخابات الاخيرة هي هزيمة صرفة لباراك. كل الحملة بنيت عليه وحتى لو بنيت بطريقة اخرى لما غير الامر شيئا: الناس يصوتون للراس وهم لم يرغبوا بالتصويت لباراك".

ولكن هنا يوجد تناقض، قلت لكابل. ان كان حزب العمل يحتضر طوال عشرات السنين فلماذا تلقي باللائمة كلها على باراك؟

جواب: توجد هنا عمليتان حتى باراك ومن باراك. باراك حصل على موعد ثان وهو امر نادر في السياسة. هو كان الامل. ليس بامكانه ان يتهرب من المسؤولية.

من المحتمل ان يكون عهد حزب العمل قد ولى وان الولاء للاطار الحزبي لم يعد عاملا مؤثرا. مشكلتك ليست مع باراك وانما مع الواقع ، قلت لكابل.

جواب: كابل اغمض عينيه بامل وقال: "انا سابلغ الخمسين بعد قليل وانا احب هذه الدولة. انا لا اريد ان لا تكون كلمتها كلمة وان تكون كلها قائمة على الحيل والمناورات. الامر الاكثر فظاعة الذي حدث لي هو انهم قد سرقوا الايمان مني. انا شخص مؤمن واعتبر السياسة رسالة ومهمة. انا لا اوافق على ان عهد الاحزاب قد ولى. هناك نهج وفلسفة والحزب هو امر هام. الناس يتطلعون لاطار يعبر عنهم ويقودهم مع حقيقة داخلية عميقة. وانا لست بقرة عوراء يقودونها اينما يريدون. انا اريد ان اعرف ما الذي انقض عليه. اجل لدي تطلعات ولكن ليس باي ثمن. عندما استقلت من الحكومة بسبب تقرير فينوغراد شعرت بانني عاجز. الجميع يتعايشون مع ذلك وانا وحدي الذي استقيل. اليوم اقول انني لم اقاتل بما يكفي في مواجهة باراك. واني انظر لخطوتي من خلال منظور تاريخي. قلت لباراك انني اريد ان يتذكروني اما كمن نجح في اسقاط هذا البيت او كمن حاول قدر المستطاع ولكنه لم ينجح".

الكفاح ضد باراك قاد كابل الى اعادة تقييم سياسيين اخرين. هو يقدر نتنياهو لانه اصر على البقاء في المعارضة ويقدر اولمرت على ادائه كرئيس للوزراء وتسيبي لفني التي فضلت طريقها على الانضمام الاعمى لحكومة نتنياهو.

ما الذي سيحدث الان؟ سألته.

جواب: كلنا خسرنا في التصويت في المؤتمر ولو توجهنا للمعارضة لكانت امامنا خيارات ولتمكنا من بناء انفسنا او الاتحاد مع احزاب اخرى اما في الحكومة فلم يتبق امامنا الا ان نواصل تعفننا وهذا انضمام من منطلق اليأس وانا ارفض ان اكون يائسا. الـ دي. ان. اي الخاص بحزب العمل، الذي يتشبث بالحكم. انتصر رفاقنا العرب والدروز الذين يحلمون بالوظائف. الاغلبية الصغيرة التي تبلورت في المؤتمر هي ليست اخر المطاف واني امل بان نستيقظ عما قريب ونتراجع عن قرارنا. انا اتحدى قرار المؤسسة الحزبية العليا. هذه ليست مسالة عادية. ولكن علي ان اصرخ. انا اشعر بالذنب لانني لم اتجاوز الخطوط الحمراء في مرحلة سابقة.

خلال التصويت في مركز المؤتمرات تجول السياسيون بين الناخبين لابراز وجودهم. باراك ربت على الاكتاف. كابل تعرض لعناق كبير. كابل هو شخص جذاب للعناق ربما بسبب صغر قامته او بسبب رأسه المستدير. او بسبب عينيه الزرقاوين.

في مثل هذه اللحظات يمكنك ان تمر امام وجوه الخصوم والعيون مطأطأة كشريك في الجريمة او ان تتبادل معهم نكتة سخيفة هزلية. كابل اختار تبادل النكات. "جاء شخص وقال لي دعك، هذا مصدر رزقي"، قال كابل بعد ذلك. "ماذا يتوجب عليه ان اقوله له؟ تخلى عن مصدر رزقك؟ ليس لدي ما اقوله له".

نصف عزاء

المناورة السياسية النتنة في هذا الاسبوع لم تحدث في حزب العمل وانما في الجهاز الامني تحديدا. المداولات التي جرت في الحكومة حول الازمة التي حدثت في المفاوضات حول اطلاق سراح شليت قام رئيس شعبة الاستخبارات الرئيسية عاموس يدلين بتقديم تقريره. وقدر ان حماس قد شددت موقفها بسبب المظاهرات وخيمة الاحتجاج التي اقامتها عائلة شليت في القدس الامر الذي رفع من مستوى توقعاته. رئيس الشاباك يوفال ديسكن والمبعوث عوفر ديكل قدما تقارير مشابهة.

العيون وجهت نحو وزير الدفاع ايهود باراك الذي كان ارفع الوزراء الذين زاروا الخيمة.

رده لم يتأخر. مصادر مجهولة او شبه مجهولة اتهمت الاذرع الاستخبارية بالبلادة الحسية ازاء ضائقة الجندي الاسير وقلب الحقائق بصورة انتهازية.

حملة صغيرة قبيحة ولا داعي لها: ولكنها لم تنظف باراك ولم تغير الحقائق. احد المسؤولين في الاذرع الاستخبارية جلب الى ديوانه في هذا الاسبوع كتابا امريكيا يستغرق في قراءته. الكتاب اسمه "الحرب من الداخل" من تأليف ودوورد، كبير المؤلفين المحققين. هو يركز على ولاية بوش الثانية.

ودوورد يقول ان روبرت غيتس الذي كان رئيس السي. اي. ايه قرر بعد خروجه من المنصب كتابة مذكراته. الكتاب "من بين الظلال" لم يصدر ابدا لان غيتس استدعي للخدمة مرة اخرى ولكن كوزير للدفاع في هذه المرة.

ودوورد يقتبس فقرة من الكتابة اليدوية: "في اخر المطاف عملت تحت امرة اربعة وزراء ورأيت كل شيء كواليس وغرز الخناجر في الظهر والطموحات المنفلتة والصدامات التي لا تنتهي والتسريب والوشاية والتجسس ... والانانية التي تنافس فيه كبرها كبر النصب التذكارية المحيطة في البيت الابيض، معارك بين الحيتان ووزراء في المجلس الوزاري يتصرفون مثل الاطفال وانفجارات غضب لرؤساء الحكم...".

احد رجال الاستخبارات قرأ وشعر بالاطمئنان: ان كان هذا ما يحدث في البيت الابيض فلماذا نشتكي مما يحدث في الطابق الرابع عشر في وزارة الدفاع في تل ابيب.