خبر غزة تحتمي بسقف الذاكرة.. د. فايز أبو شمالة

الساعة 09:02 ص|27 مارس 2009

لماذا تُقتَّلُ غزة؟ وتُقطَع أطرافها من خلاف؟ لماذا يضيق الحصار، ويطغى الدمار، ويبحر في الدم واهي النهار؟! لماذا يشقق حلم البريئة، ويطفأ في دمعها جمرات الخلاف؟ لماذا العقاب، وهذا الخراب، لماذا تموت العروبة حين يسافر في حزن غزة همس العتاب؟ لماذا تجافي الحقيقة بعض العقول، وتشهد بالله أن: وجود الفصائل مثل "حماس"، ومثل "الجهاد" هما سبب الويل، مصدر كل العذاب، وأن سيطرة تنظيم حماس على قطاع غزة هو السبب في محرقة الإنسان، والشجر، والبنيان، لقد تناسى بعض الكُتّاب، والمعقبين على أحداث غزة الأبعاد الحقيقية لما يجري من قتل، ونسف، وتدمير، وهنا لا بد من الاحتماء بالذاكرة، والاستعانة بالموروث الثقافي في الكشف عن الجذور التي قامت عليها الدولة العبرية، وفضح أساس نشأتها، والإعلان عن قيامها على أنقاض البيوت، والمساجد، والكنائس، والمدن، والقرى المهدمة، والمدمرة سنة 1948، قبل أن تولد حركة حماس، وغيرها من فصائل المقاومة.

 

الذاكرة الفلسطينية تلجم كل انجراف في مقولات تهدف إلى تمرير أفكار لا تخدم القضية الفلسطينية، وتنحرف عن تفاصيل مذبحة دير ياسين، وعشرات المدن والقرى الفلسطينية المدمرة حين اغتصب اليهود الأرض، وطردوا مئات ألاف السكان الذين وجدوا أنفسهم لاجئين، وفي مخيمات البؤس يحملون بطاقة تموين. ولم يكن في فلسطين تنظيم اسمه فتح، أو حماس سنة 1956 عندما احتلت الدولة العبرية قطاع غزة، وسيناء، وقتلت، وذبحت، ونفذت مجازر رهيبة تشهد عليها طفولتنا، وشهدت لها الوثائق، والملفات الإسرائيلية نفسها، ولم يكن بين الفلسطينيين شيء اسمه تنظيم حماس، والجهاد سنة 1967 عندما هزمت (إسرائيل) الجيوش العربية، واحتلت قطاع غزة، والضفة الغربية.

 

في غمرة تشويه الحقائق تكون غزة قد تعرضت للغزو مرتين، مرة بفعل الطائرات الإسرائيلية، وأسلحة الدولة العبرية الفتاكة، ومرة بفعل غزاة الرأي الذين ربطوا بين السلامة والتسليم، والمقاومة والتدمير، ولم يفرقوا بين الحقيقة والتبرير، وبين الوطنية والتزوير.

 

إن ما تقوم به (إسرائيل) من محرقة في قطاع غزة لا علاقة له بالتنظيمات الفلسطينية، وما لها من مسميات، وإنما له علاقة وثيقة باعتلاء صهوة المقاومة، وبالمواقف السياسية المعلنة، ومدى التمسك بالثوابت الوطنية، ليكون الدمار والحصار هو جواب الدولة العبرية على كل من تسول له نفسه التمسك بالحقوق التاريخية في فلسطين، أو الحلم بالعودة لشعب طرد من وطنه ليعيش منتظراً في مخيمات اللاجئين.