خبر مرتان اولمرت- معاريف

الساعة 10:47 ص|26 مارس 2009

بقلم: عوزي بنزيمان

 (المضمون: نتنياهو وباراك مجبولان من ذات مادة رئيس الوزراء المنصرف. انتهازيان كل همهما هو البقاء في الكرسي. اما تسيبي لفني فتضرب مثالا آخر عن نقاء اليدين وصدق المبادىء - المصدر).

في العام 1992، في نهاية  الانتخابات للكنيست الـ 13، التي خسر فيها الليكود برئاسة اسحق شمير الحكم لحزب العمل برئاسة اسحق رابين، قرر ايهود اولمرت بانه استنفد نفسه في العمل البرلماني وبحث عن افق جديد لتوجيه مبادراته ونشاطه. كان هذا استنتاجات شرعيا. حتى ذلك الوقت كان تمكن اولمرت من أن يكون عضوا في الكنيست 18 سنة بل وتذوق مناعم السلطة كوزير في حكومة شمير. اولمرت درس الساحة العامة وقرر التنافس على بلدية القدس. وقد انتصر على الاسد العجوز تيدي كوليك وتبوأ منصب رئيس البلدية لعشر سنوات. في العام 2003 هجر التزامه لسكان مدينته وفضل العودة الى الكنيست والحكومة. وتحت قيادة ارئيل شارون (الذي تنافس امامه على رئاسة الليكود في 1999) اصبح القائم باعمال رئيس الوزراء. هذا ايضا شرعي: فقد كان سياسيا في افضل سنيه، مجربا، واعتقد ان من حقه الكامل تحقيق تطلعه للعودة لاداء دور مركزي في ادارة شؤون الدولة.

ما لم يفهمه اولمرت ابدا ولا حتى في هذه الايام التي يوشك على أن يودع فيها الحكم، هو أن سلوكه في معظم سنوات نشاطه العام اعتبر سلسلة من الخطوات التي ترمي الى ارضاء نوازعه واحتياجاته الامنية وليس تحقيقا لرسالة في مركزها مصلحة الجمهور. في سعيه اصبح اولمرت نائبا، في سعيه رئيس بلدية، في سعيه عضو في الحكومة بل ورئيسها. في كل واحد من المناصب العليا تلك تميز اولمرت كمن عمل فيها للتمترس اكثر مما كمن تشتعل في عظامه حماسة لتحقيق مهمة وطنية يؤمن بها. لم تكن هناك حاجة للاطلاع على افعاله الخفية، الجنائية، كي نفهم بان الحياة العامة بالنسبة له هي اساسا تجربة استمتاعية، سلسلة من الفرص لتلبية امانيه الشخصية.

ايهود باراك وبنيامين نتنياهو مصنوعان من مادة مشابهة: فهما ليسا سياسيين من طراز آريه الداد، يوسي سريد او بيني بيغن. هما ليسا اناسا في رأس اهتمامهما تقف الرغبة لتطبيق مذهب سياسي او اجتماعي. هما، مثل اولمرت، يجتذبان الى مراكز القوة كي يستمتعا بما في هذه المراكز من احساس بالسيطرة. هما تكنوقراطيان سياسيان، وليسا نبيين ذوا رؤىَ.

صحيح انهما يقولان لنفسيهما (ولغيرهما) ان ليس الكرسي هو ما يعنيهما بل الطريق، وليس مصلحتهما الشخصية هي التي تحركهما، بل الحرص على الاحتياجات العامة – ولكن العقلانية مفعمة بالتضليل الذاتي، في افضل الاحوال، او التبرير التهكمي في اكثر الاحوال. اناس كاولئك يكيفون الخطوات مع الفرص التي تلوح لهم في الاحداث السياسية ولا يبقون مخلصين لتعهداتهم لناخبيهم. ولما كانوا كفوئين واذكياء فانهم ينجحون في تحقيق اهدافهم.

سلوك باراك ونتنياهو في الايام الاخيرة جسد صحة هذا التشخيص. فالدولة ستدار من الان فصاعدا من قبل انتهازيين ماكرين النسغ الذي يربط بينهما هو الرغبة الشديدة في الامساك لاطول زمن ممكن بمؤسسات الحكم. المناهج المتضاربة لحزبيهما، في المجال السياسي، الاقتصادي والاجتماعي ستعتبر في نظرهما شيئا خسارة اضاعة الكلام عليه.

تسيبي لفني حاليا تتخذ صورة الاستثناء في معرض القيادة الوطنية. فهي تصر على رأيهما، لا تخون عقائدها ولا تضلل مقترعيها. وهي تواصل بث المصداقية ونقاء اليدين، وهي مقتنعة برفضها الانضمام الى حكومة نتنياهو. خلافا لرؤساء الليكود والعمل، تعتقد زعيمة كديما انه لا تكفي الكلمات المنمقة وعديدة المعاني للتغطية على فوارق حقيقية من حيث الطريق، وان نهاية خطة عمل حكومية تستند اليها كنهاية الفقاعة المالية التي تنفجر اليوم للجميع في الوجه.