خبر المكروهين-هآرتس

الساعة 10:44 ص|26 مارس 2009

بقلم: آري شافيت

 (المضمون: باراك ونتنياهو الشخصان الاكثر بغضا في السياسة الاسرائيلية يبرهنان على انهما يتحليان بالنضج والمسؤولية الامر الذي يزيد من فرص نجاحهما سياسيا واقتصاديا - المصدر).

كراهية – نتنياتهو اكثر عمقا. هي نابعة من تلك الايام التي اعتبر فيها بنيامين نتنياهو معاديا للمسيح، اسحاق رابين ومحرضا ادى بصورة غير مباشرة الى اغتياله. وهذه الكراهية تمتد لتلك الايام التي بدا فيها ان السلام في متناول اليد وان يحول دونه هو نتنياهو وحده. ولكن حتى بعد ان اتضح انه في ظل عدم وجود نتنياهو هذا، ليس هناك سلام، لم تتلاش كراهية نتنياهو هذه. هي غيرت شكلها وارتدت صورة اخرى الا انها لم تتلاش. التيار المركزي في النخبة الاسرائيلية ليس مستعدا بعد للصفح عن نتنياهو لانه المتحدث القوي والاكثر فصاحة بلسان اليمين المتعقل. في ظل عدم وجود السلام والايمان الحقيقي بهذا السلام، كراهية – نتنياهو تبقى الموقدة العاطفية لقبيلة اليسار.

ولكن كراهية  –  باراك لا تقل شدة وعنفوانا. هي نابعة من ان ايهود باراك لم يلبي التوقعات الخلاصية التي علقت عليه بعد رحيل نتنياهو. وهي تمتد عبر قيام باراك بتبديد وهم السلام الان في كامب ديفيد. ولكن حتى بعد ان برهن ايهود اولمرت وتسيبي لفني في انابوليس عن ان الوهم لم يكن الا وهما، لم تتبدد كراهية – باراك هذه. حقيقة ان باراك هو ابن كيبوتس اجتاز الخطوط ظاهريا وانتقل للطرف الاخر زادت من شدة العداء له. التيار المركزي في النخبة الاسرائيلية غير قادر بعد على الصفح عن رئيس حزب العمل لانه سار في طريق السلام وبرهن ان هذا الطريق يؤدي الى طريق مسدود. وفي ظل غياب السلام وفقدان الايمان الحقيقي بالسلام، كانت كراهية – باراك البؤرة العاطفية الجديدة الوقادة لقبيلة اليسار.

نتنياهو وباراك هما شخصيتان تمتلآن بالعيوب والنواقص. نتنياهو متقلب وباراك مراوغ كثير الالتواء. نتنياهو متعجرف وباراك متعالي. كلاهما يفتقدان للذكاء العاطفي. وكلاهما يمتلكان مشاعر سياسية باهتة باردة. ولكن ليست هناك اية صلة بين نتنياهو الحقيقي وباراك الحقيقي وبين الفزاعتين المكروهتين اللتان القيتا في هذا الاسبوع في قلب النار. رغم كل نواقصهما فهذان القائدان اللذان شاهدا الواقع في التسعينيات ينظران له بصورة صحيحة الان ايضا. ان عرفا كيف يصلحا اخطاء الماضي التي ارتكباها وعملا كطاقم – مهمة واحد، ففرصتهما في ان يفاجئا الجميع كبيرة.

المهمة المباشرة التي تمثل امام نتنياهو – باراك هي ايران. ليس هناك الكثير من الوقت امام رئيس الوزراء القادم ووزير دفاعه القادم. خلال اشهر قلائل يتوجب عليهما ان يقوما بما لم يتم تنفيذه طوال سنوات. حشد الاسرة الدولية وفرض حصار سياسي واقتصادي على ايات الله. حقيقة ان نتنياهو سيدخل الى الغرفة البيضاوية التي يجلس فيها اوباما مصحوبا بباراك وليس بافيغدور ليبرمان ستحسن بدرجة كبيرة قدرته على الاقناع. ولكن ان اتضح ان الولايات المتحدة غير مستعدة لاخراج الابرة من القش. فسيضطر نتنياهو وباراك لاعداد اسرائيل باحداث صعبة. ليس هناك اكثر من هذين الاثنين ملائمة وقدرة في القيادة الاسرائيلية الحالية للوقوف امام هذا التحدي.

المهمة الاخرى التي تواجه الاثنين هي الاقتصاد. خلال فترة قصيرة ستجد اسرائيل نفسها امام جبل جليد – الديون المتراكمة وفي مواجهة الطوفان الاقالات الجماعية. حقيقة ان نتنياهو وباراك وعوفر عيني سيقودون الاقتصاد بصورة مشتركة تنطوي على مغاز كثيرة. بهذه الطريقة سيتاح المجال امام خطوات متزنة متلائمة ومتناغمة وموضوعية الامر الذي يوفر للدولة اقصى الاحتمالات لاجتياز العاصفة الاقتصادية الوشيكة من دون الغرق.

نتائج انتخابات 2009 كانت اضغاث احلام هي منحت اليمين اغلبية قوية وحالت من قيام زعيم اليمين بالحكم. وفي خضم ذلك اجاد نتنياهو قيادة الدفة. ونجح في تخليص نفسه من شرك الحكومة الضيقة الظلامية التي تفتقد للامل . قرار باراك بالانضمام لنتنياهو ينطوي على مشاكل كثيرة ولكن في اخر المطاف وفي الظروف التي نشأت يمكن القول ان باراك ايضا تصرف بحكمة وشجاعة. عندما غلفت لفني واتباعها انفسهم بالنزاهة المصطنعة، تصرف نتنياهو – باراك بنضج. اكثر شخصين مكروهين في السياسة الاسرائيلية برهنا مرة اخرى على انهما اكثر جدية وفطنة ممن يكرهونهما.

في هذا الزمان وفي هذا المكان يعتبر نتنياهو وباراك الراشدان الوحيدان اللذان يتحليان بالمسؤولية. لذلك لا يعتبر التحالف المتأخر بينهما انباء سيئة بل انه خبر جيد. بعد سنوات طويلة من حكم الحماقة يوفر هذا التحالف لاسرائيل اخيرا قيادة جوهرية.