خبر طريق حزب العمل التائه-هآرتس

الساعة 10:42 ص|26 مارس 2009

بقلم: يسرائيل هارئيل

 (المضمون: حزب العمل فقد هويته عندما سار في دروب التيه وتخلى عن روح الصهيونية مركزا على ذاته على حساب الدولة التي قام من اجلها - المصدر).

تقلص وانكماش حزب العمل المتواصل هو عملية ارتقاء ترتبط بشيء قليل بتصرف منتخبيه. هذه نتيجة مجريات ما بعد عصرية يمر بها العالم، وخصوصا المجتمع الاسرائيلي. لذلك لم يكن الجلوس في المعارضة "لاعادة بناء وانهاض الحزب" ليوقف عملية الانكماش هذه، مثلما لا يمكن للمشاركة في الائتلاف الحاكم ان تجلب التغيير الجوهري في اتجاهات اختفاء حزب العمل (او "دفنه" كما يقول معارضو انضمام حزب العمل للحكومة).

كل الدول التي حظيت بالاستقلال قي القرن العشرين وصلت الى هذا الاستقلال وشعبها موجود على ارضه. الانجاز المتميز لشعب اسرائيل يكمن في ان حركته الوطنية الصهيونية، نجحت في اقناع مئات الالاف بمغادرة اماكن بعيدة كان ابائهم يقطنونها طوال مئات السنين والعودة الى ارض صهيون. كما ان الانجاز ذاته متميز: القادمون الجدد نجحوا في اقامة بنى تحتية تربوية وعمرانية وزراعية وصناعية، وبالاساس جيشا. اتاحت كلها، عندما نضجت الظروف التاريخية اقامة دولة مستقلة وحماية وجودها من كل اولئك الذين ثاروا ضدها وقاموا عليها يريدون القضاء على هذه الدولة الفتية ابان قيام الاباء المؤسسين بوضع لبناتها الاولى.

مر ستون عاما منذ ذلك الحين، ولم تتغير المشاكل الاساسية الوجودية لهذه الدولة قيد انملة. اهمها: عدم قبول العرب والمسلمين بعودة شعب اسرائيل الى وطنه. هم لا يتوقفون عن خوض الكفاح ضد هذه العودة بكافة الوسائل. في الاونة الاخيرة – من خلال انتاج سلاح نووي، يهدف الى ابادة اسرائيل.

وبما ان هذا الوضع مزمن، فعلى اسرائيل ان تطرح امامه ايضا في ظل العالم المتغير، نفس الروحية التي اتاحت اقامتها – روحية النهضة: ثقة بعدالة النهج الصهيوني، وتطوع طليع ريادي ومواصلة الصلة، ليس فقط من اجل استمرارية تيار الاستنهاض، مع الشعب اليهودي في المهاجر.

تيار العمل كان في ذروة قوته القيامية، وكإشتقاق لذلك قوته السياسية، طالما ظل يرعى ويقود هذه الروح. وعندما توجه للاهتمام بنفسه وذاته وتخلى عن نهجه الريادي الثوري، بدأ يفقد هويته، وفي عام 1977 وكنتيجة لا مفر منها لهذه المجريات فقد الحكم ايضا.

في ايام ازدهار تيار حزب العمل ونهجه كانت الصهيونية مربوطة بالاشتراكية. كانت هناك تيارات فرعية متشعبة مثل مبام التي رفعت شعار الاشتراكية قبل الصهيونية، ومباي المهيمن الذي قدم الصهيونية على الاشتراكية. ولكن التيارات مثل الاحزاب الاخرى التي انتمت لهذا النهج، ادعوا ان الصهيونية هي المحرك الاساسي للنهضة اليهودية في ارض اسرائيل.

هدف تجسيد الصهيونية، لم يطرح في هذا الاسبوع على شفاه الاطراف المتناحرة في حزب العمل. وان كان مؤيدو الانضمام للائتلاف – عوفر عيني، شالوم سمحون، بنيامين اليعازر – قد تجاهلوا ذلك، ناهيك عن المعارضين – اوفير بينس ودانيال بن سيمون وشيلي يحيموفيتش. كلهم من معارضين ومؤيدين ركزوا على الوسيلة: كيف يمكن الحفاظ على النقاء الاشتراكي – الديمقراطي بصورة اكثر هل هو في المعارضة ام في الائتلاف "اليميني".

دولة اسرائيل ظهرت حتى تبني في الارض اسرائيل دولة يهودية صهيونية. النظام الاقتصادي – الاجتماعي رمى الى خدمة هذا الهدف، وليس لان يكون الهدف نفسه. تيارات سياسية في اسرائيل وفي دول اخرى من تلك التي فقدت قدرتها على التمييز بين الوسلة والهدف انحرفت عن النهج ورحلت عن العالم. خطر التلاشي يحلق ايضا فوق رأسي احزاب اخرى بمن فيها الليكود، ان ساروا في طريق التيه الذي يسير عليه حزب العمل.