الشهيد "عمار الندر": دك حصون العدو قبل أن يرتقي للجنان

الساعة 04:53 م|09 يونيو 2021

فلسطين اليوم

في حضرة من أضاءوا طريق القدس بدمائهم، كم هو صعب أن تجتمع الكلمات والمفردات أمام مهجهم ونورهم، فمن رووا الأرض بدمائهم واحتضنوا الأرض بأجسادهم، فلا يمكن لأي عبارات أو كلمات أن تفي حجم تضحياتهم، وتبلغ منازل الشهداء.

شهيدنا عمار عبد الله فوزي الندر امتشق سيف الحق في وجه الطغيان والاستكبار، وضرب المحتل في مقتل فكانت مقاومته محافل عز ومجد.

ميلاد مجاهد

في كنف أسرة مجاهدة محافظة متدينة احتضنت المقاومة وجعلت من فلسطين عشقا أبدياً لأبنائها ومن القدس قبلة لجهادهم، ولد الشهيد المجاهد عمار عبد الله الندر بتاريخ 06/11/1989 في المملكة الهاشمية الأردنية، نشأ وترعرع وتفتحت عيناه على حنين العودة إلى فلسطين بين أزقة الغربة والحرمان من تراب فلسطين، كبر عمار وكبر حلم العودة معه، فهو من تربى على حب الجهاد والمقاومة.

ففي العام 1994م، عاد الشهيد عمار مع عائلته إلى أرض الوطن وتجددت فيه روح الجهاد والحنين إلى أرض الشهداء التي خضبت بالأحمر القاني، ودرس المرحلة الابتدائية في مدرسة الرافعي والمرحلة الإعدادية بمدرسة شهداء جباليا بمدينة جباليا شمال قطاع غزة، واضطر إلى ترك الدراسة والالتحاق بمهنة النجارة لإعالة أسرته، خلال رحلته في الكدح والجهد لحياة كريمة، وتزوج الشهيد من زوجة صالحة وأنجب منها 4 من الأبناء.

صفاته وأخلاقه

بدورها أوضحت والدة الشهيد عمار الندر إن ابنها عمار كان لوحة من الأخلاق وهو مثال للحب والتواضع، وأن قلبه كان متعلقًا بالجهاد والمقاومة والمساجد، ولا يحمل ذرة من الغل والحقد والضغائن لأحد.

وأضافت خلال حديثها لموقع السرايا: لقد كان أكثر إخوته تواضعا ومرضياً لوالديه وحنونا على إخوته وأطفال العائلة، وكانت محبة الجيران والأصدقاء للشهيد عمار في أعلى درجاتها لما يتمتع به من أخلاق حميدة، ومتواضعًا بين الصغار والكبار.

وقالت والدة الشهيد عمار الندر:" تميز عمار رحمه الله منذ صغره بحبه للجهاد ومقاومة العدو الصهيوني؛ فكان شجاعاً ثابتاً على نهج الإيمان والوعي والثورة، وعند مواجهة جنود الاحتلال لا يأبه سلاحهم وعتادهم وكان يقاومهم بكل جرأة وثورة وعنفوان".

وتابعت:" دائماً عهدت ابني عمار متقدماً الصفوف ويواجه العدو الصهيوني في الكثير من الجولات والاجتياحات التي كان تتعرض لها مدينة جباليا شمال قطاع غزة".

نهج الجهاد والمقاومة

انتمى شهيدنا عمار لحركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس، وكان تواقاً لرؤية وطنه محرراً من دنس الاحتلال، بتلك الكلمات بدأ والد الشهيد عمار الندر حديثه لموقع السرايا عن تعلق ابنه بحركة الجهاد الإسلامي.

وتابع قائلاً:" عندما قرر الشهيد عمار الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي جاء لي وقال لي إنه اختار طريق الجهاد الإسلامي وقرر الانتماء لجناحها العسكري سرايا القدس، وكان ردي دون تردد أن يتوكل على الله، وأنني اعتقته لوجه الله ولهذا الطريق، ومضى عمار في طريقه".

وفيما يتعلق بمسيرات العودة وكسر الحصار ومقاومة الاحتلال من نقطة صفر، أوضح والده أن عمار لم يغب يوماً عن المسيرات شرق جباليا شمال قطاع غزة حيث أصيب عدة مرات خلال هذه المسيرات. 

وعن إصابته خلال معركة سيف القدس أوضح والد الشهيد عمار الندر أن عمار أصيب قبل 3 أيام من استشهاده في قصف صهيوني على شمال قطاع غزة، وهذا لم يمنعه من مواصلة جهاده في معركة سيف القدس والانتقام لدماء الشهداء دفاعاً عن المقدسات، فالشهيد دائماً ما كان يردد لوالديه وإخوته وزوجته أنه واهب نفسه لله ولا يريد من الدنيا شيئاً.

وقال والد الشهيد عمار:" إن يوم استشهاده تزامن مع موعد عملية بتر قدمي اليمنى بفعل المرض، وخلال التجهيز للدخول لغرفة العمليات، شاءت الأقدار أن يأتي أخي حاملاً خبر استشهاد عمار، فنطقت سريعاً ما يرضي الله " إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" اللهم تقبله شهيداً عندك في الفردوس الأعلى، وقمت بتأجيل العملية كي أودعه وشاركت في تشييع جثمانه الطاهر؛ فأمثاله هم فداءً للمقدسات وأرض فلسطين".

مشواره الجهادي

انتمى شهيدنا المجاهد عمار الندر إلى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ ريعان شبابه، وشارك إخوانه في مسجد الصديق شرق مدينة جباليا العديد من فعاليات حركة الجهاد الإسلامي، ولالتزامه الكبير في الصلاة وحبه الشديد للجهاد والمقاومة التحق بصفوف سرايا القدس.

نفذ الشهيد عمار خلال رحلته الجهادية في سرايا القدس العديد من المهام الجهادية بميادين متعددة، فالتحق في وحدة الاستشهاديين، وكانت أولى مهامه المشاركة في كمين استشهادي محكم خلال اجتياح مدينة جباليا عام 200م، وكذلك خلال حرب 2008-2009م، لكن إرادة الله كانت حاضرة ليبقى الشهيد حي يرزق ويكمل مشواره الجهادي، ثم تنقل بين الوحدات العسكرية فعمل في سلاح الإشارة، ومن ثم عمل في الوحدة الصاروخية لسرايا القدس مشاركاً إخوانه في دك المغتصبات الصهيونية خلال معركة بشائر الانتصار والسماء الزرقاء ومعركة البنيان المرصوص، مؤدياً المهام على أكمل وجه في دك حصون بني صهيون.

قبل معركة سيف القدس عمل الشهيد عمار الندر في وحدة المدفعية "الإسناد" في لواء الشمال، حيث شارك إخوانه المجاهدين في دك المغتصبات الصهيونية بعشرات قذائف الهاون التي قضت مضاجع جنود الاحتلال وأدت لمقتل وإصابة عدد منهم.

موعد مع الشهادة

ارتحل الشهيد المجاهد عمار عبد الله فوزي الندر بتاريخ 19 مايو 2021م خلال معركة سيف القدس، في يوم لبى فيه فارس سلاح المدفعية في لواء شمال غزة نداء الواجب والوطن، فبعد عمله الجهادي في دك الحشود الصهيونية ومغتصبات غلاف غزة بعشرات قذائف الهاون، باغتت طائرات الاحتلال الشهيد شرق مدينة جباليا ليرتقي شهيداً على الفور ولحق بركب من أحبهم بالدنيا ورحلوا إلى جنان الخلد شهداء، فارتقى عمار للمجد مقامًا.. وإلى الله في الخالدين.

كلمات دلالية