خبر علاقات «باردة» ومستقبل «مقلق»..3 عقود على معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية

الساعة 06:46 ص|26 مارس 2009

فلسطين اليوم-وكالات

مرت أمس الذكرى الثلاثين لتوقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية من دون أي مظاهر احتفالية في القاهرة وسط «قلق» إزاء مستقبل العلاقة في ظل التطورات الإسرائيلية الداخلية، خصوصا الاتجاه لتعيين زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية، وهو من اتهمته دوائر رسمية مصرية بـ «الوقاحة» حين هاجم الرئيس حسني مبارك بسبب عدم زيارته لإسرائيل.

 

ففي 26 آذار (مارس) عام 1979، وقّعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام إيذاناً ببدء العلاقات الرسمية بين أكبر بلد عربي و «كيان» لم يكن يلقى أي اعتراف عربي في حينه، وتطورت العلاقات في عهد الرئيس الراحل أنور السادات واعتراها ثبات، إن لم يكن هبوطاً، بداية عهد الرئيس مبارك، قبل أن تتوتر على خلفية الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، ثم جاء إسحق رابين فدفع عملية السلام وتحسنت العلاقات مع مصر، لتنحسر مجددا مع تولي بنيامين نتانياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية عام 1996. ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، شهدت العلاقات المصرية - الإسرائيلية أزمة حادة تلاشت تدريجا عبر بوابة الاقتصاد بتوقيع اتفاقية «الكويز» في كانون الأول (ديسمبر) عام 2004.

 

لكن العلاقات ظلّت على مدار العقود الثلاثة الماضية «باردة» خرجت عن إطارها الرسمي «على استحياء»، إذ يواجه التجار أو المثقفون «المطبّعون» بوابل من الهجوم يجعل غالبية العلاقات غير الرسمية «سرية وغير معلنة»، حتى أن كثيرا من المصريين ينظر إلى زيارة إسرائيل على أنها «خطيئة ما كان يجب أن تقترف».

 

ويقول وزير الخارجية المصري السابق أحمد ماهر لـ «الحياة» إن العلاقات المصرية - الإسرائيلية «في منتهى السوء»، عازيا ذلك إلى عدم تجاوب إسرائيل مع استحقاقات السلام. وأوضح أن ما يحكم وتيرة هذه العلاقات هو مدى رغبة إسرائيل الحقيقية في تحقيق السلام الشامل، مضيفا: «لا يبدو من تصرفات الإسرائيليين أنهم أناس راغبون في السلام... لذا فالعلاقات متوترة».

 

كذلك يربط الرئيس مبارك الذي لم يزر إسرائيل إلا مرة واحدة عام 1995 لحضور جنازة رابين، العلاقات مع إسرائيل بمسألة الصراع العربي - الإسرائيلي عموما، إذ قال في حوار مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في كانون الأول (ديسمبر) عام 2007 «إن الانتقال لمرحلة السلام الساخن مع إسرائيل يتطلب فترة كبيرة من الوقت»، متحدثا عن الطابع العنفي لإسرائيل في تعاملها مع الفلسطينيين. وأشار ماهر إلى أن نية تولية ليبرمان على رأس وزارة الخارجية «سيكون له أثر غير إيجابي على العلاقات الثنائية».

 

وعكس الشد والجذب في شأن هذا التوزير «مخاوف» إزاء مستقبل العلاقات بين الجانبين، فليبرمان وصل في هجومه على مصر إلى حد المطالبة بقصف السد العالي، وهو أيضا السياسي الإسرائيلي الأكثر انتقادا في مصر رسميا وإعلاميا وشعبيا.

 

وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أعرب عن قلق بلاده من تولي حكومة يمينية الحكم في إسرائيل، وقال في نقاش في الجمعية البرلمانية اليورومتوسطية في بروكسيل قبل نحو أسبوع: «نواجه عاملاً سلبياً قد يلحق الأضرار بعملية السلام هو انبثاق حكومة لليمين المتطرف في إسرائيل... في حال عمد أعضاء الحكومة المقبلة التي ترتسم برئاسة نتانياهو إلى تطبيق ما تحدثوا عنه في السنوات الأخيرة، فسنواجه مصاعب جمة وأكثر الأوضاع تطرفًا».

 

وهذا «القلق» المصري تقابله مخاوف على الجانب الآخر تبرزها دراسة إسرائيلية نشرها «مركز بيغن - السادات للدراسات الاستراتيجية» تحت عنوان «عدم الاستقرار في العلاقات المصرية - الإسرائيلية» تخلص إلى أن «هناك مخاوف قائمة ترتبط بإلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، بل احتمال اندلاع مواجهات عسكرية بينهما نتيجة لأسباب وعناصر متعلقة بالداخل المصري، ولأسباب أخرى متعلقة بالجانب الإقليمي». وهناك من يرى أن معاهدة السلام حققت مكاسب مهمة للطرفين، ويقول الوزير الأميركي المفوض للشؤون السياسية والاقتصادية ويليام ستيوارت في حوار أجراه مع شباب مصريين عبر الانترنت أمس إن المعاهدة «خلقت مناخا من السلام، ما سمح للمصريين بالتمتع بالنمو الاقتصادي والحياة من دون الخوف من الحرب... خلقت إطار عمل لجميع دول المنطقة للتركيز والعمل على إيجاد حل سلمي عادل للقضية الفلسطينية»، معربا عن ثقته في أن المعاهدة «ستستمر رغم المزايا والمساوئ السياسية في إسرائيل ومصر وحتى الولايات المتحدة كما يحدث دائما». واعتبر أن «الفائدة الأكثر وضوحا هي مرور ثلاثين عاما من دون حروب بين مصر وإسرائيل».

 

لكن شبابا مصريا لا يرى سلاما مع إسرائيل ويقول الصحافي في كالة أنباء الشرق الأوسط طارق عبد الرؤوف (25 عاما): «في كل بيت مصري شهيد في الحروب مع إسرائيل وفي كل بيت فلسطيني جريح بسبب عدوان الاحتلال ... كيف نتحدث عن سلام؟ ... إنه سلام مكتوب وليس مطبّقاً».