خبر الحكومات الصهيونية نهج ثابت ومصالح متبدلة/فايز أبو راس

الساعة 10:30 ص|25 مارس 2009

                            

 

التلكؤ الذي مارسه رئيس الحكومة الصهيونية المكلّف بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة الجديدة رغم توفر كل إمكانيات التشكيل ومن ثمَّ الاستمهال مدة إضافية من أجل التشكيل لن يغير من الواقع الصهيوني القائم داخل الكيان ولن يُقدّم شيئاً ولن يأتِ بأي جديد للحياة السياسية, قد تختلف الوجوه وتتعدد وتتبادل الأحزاب المواقع ما بين حكومة ومعارضة وقد يحتدم بينها الجدال والصراع على المصالح الحزبية وكل أشكال الخلاف لكنّ الحقيقة التي تبقى ثابتة دائماً عند الجميع هي العداء لحقوق الشعب الفلسطيني والعمل على شطبه وتغييبه بغض النظر عن الطريقة والأسلوب والمفردات التي يستخدمها كل فريق وسواء أكانت الحكومة التي يسعى نتنياهو لتشكيلها ضيقة أو موسعة يمينية أو يسارية فإن نهج العداء للفلسطينيين سيبقى ثابتاً في كل الأحوال.

 

نتنياهو يسعى لتشكيل حكومة موسّعة وهو يناور في سبيل ذلك لتحقيق أكبر مكسب يمكن الحصول عليه على حساب الأطراف الصهيونية الأخرى, وهو يريد الثأر ممن شارك مع شارون في شقّ حزب الليكود وتشكيل حزب كاديما , ويلتقي معه في نفس الاتجاه زعيم حزب العمل الحالي ايهود باراك الذي خرج العديد من أعضاء حزبه لنفس السبب, وبدون أن ننسى أن وجود حزب العمل في حكومة يقودها الليكود مصلحة حيوية لتجميل صورة الحكومة في الخارج, لكنّ هذا ليس كلّ شيء فوجود حزب العمل في الحكومة مصلحة داخلية لأن الدعم الخارجي للحكومات الصهيونية لا يقف كثيراً عند من يشكل الحكومة وحتى الحكومة المصغّرة التي كان سيشكلها نتنياهو بوجود ليبرمان تلقت تفهماً من بعض الأطراف العربية وتجاوزاً لكل التصريحات والسلوك العدواني العنصري الذي سبق أن أطلقها ليبرمان ومصدر هذا التفهم العربي هو الرضى الدولي والأمريكي بشكل خاص عن نتنياهو وحكومته المصغرة, مما يؤشر على أن إجراءات التوسيع للحكومة هي لتسديد حسابات داخلية أكثر منها ضرورة خارجية.

 

كاديما سيكون الخاسر الأكبر من الاتفاق بين العمل والليكود لأن قيادة كاديما هم من المتفرغين السياسيين في الحزبين المذكورين سابقاً, وهم لن يقبلوا بأن يبقوا على كراسي المعارضة والاكتفاء بقراءة الصحف ونشرات الأخبار ومراقبة عمل الحكومة وتوجيه أصابع النقد والاتهام للعمل الحكومي, ففي حزب حديث وغير نضالي يعتمد على المتفرغين السياسيين من الصعب أن يصمد طويلاً بدون أن يتأذى وتحصل منه انسحابات وبذلك يتفكك كاديما -وهو المطلوب- وقد يفلح الليكود في استرجاع بعض كادراته المهاجرة وهذا ما يسعى إليه نتنياهو وكذلك الأمر فيما يتعلق بمحاولة حزب العمل استرجاع كادراته  إذا نجح في الإفلات من أن تتسبب مشاركته في ائتلاف مع الليكود في حدوث انقسام داخلي .

 

قيادة حزب العمل في صراعها من أجل البقاء الذي تخوضه بدون نجاح حتى الآن لها مصلحة في الحفاظ على مواقعها السابقة داخل الحكومة إن أمكن ومع أن وزنها التمثيلي لا يؤهلها للحصول على الحصة التي تطالب بها لكنها قد تحصل على ما تريد لأن نتنياهو له مصلحة في ضم حزب العمل بحيث يقلل عدد المنتقدين لسياساته داخلياً ويستفيد من موقع حزب العمل ضمن مجموعة الاشتراكية الدولية عالمياً وينفي عن حكومته صفة اليمين المتطرف, وفي حال حدوث انقسامات داخل حزب العمل يكون قد أضعف وأزاح من طريق حزبه منافس سياسي تاريخي من أصحاب الطرق الملتوية في الوصول إلى الأهداف الصهيونية .

 

الحكومة الصهيونية القادمة بكل تأكيد وحسب المعطيات المتوفرة حتى الآن ستكون حكومة التمسك بالأهداف الصهيونية الواضحة (حيث يغيب الشعب الفلسطيني بكامله) وعلى الجميع أن يقبل ذلك حسب اعتقادهم أو ليكن مأواهم الجحيم!!!, ورغم عنصرية وبشاعة هذا المنطق فإنه سيسهل على المقاومين عملهم ومهمتهم وسيقطع الطريق على كل من لازال لديه وهم بإمكانية إقامة سلام أو التزام باتفاقات تسوية مع هذا الكيان ولن يستطيع أحد أن يسوق الوهم على الشعب الفلسطيني, مادامت القدس والمستوطنات وحق العودة ….الخ الخ  ليست موضع نقاش عندهم, على ماذا سيفاوض المفاوضون بعد ذلك ولمن تقدم المبادرات؟؟!!!

 

الحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن البال أن الوهن الذي أصاب الأمّة هو الذي خلق كل هذا اللُبس مع أن الحقيقة واضحة وساطعة سطوع الشمس في رابعة النهار وهي أن هذا الكيان الثكنة الذي زرع في بلادنا وحولنا إلى لاجئين لا يستهدف الشعب الفلسطيني وحده بل يستهدف الأمّة بكاملها وواجب مواجهته هو مسؤولية الأمّة, وإلى أن تصحو الأمّة من غفوتها وتتحرر إرادتها سيبقى شعبنا الفلسطيني يناضل ويكافح دفاعاً عن حقوقه ونيابة عن أمته إلى أن يأتي اليوم الذي تلحق به الأمّة, وشعبنا يدرك أن العنف والقوة التي اقتلعته من أرضه وزرعت مكانه هذا الكيان هي الطريق الوحيد لعودته إلى وطنه وبها وحدها سيُخلع هذا الكيان من أرضنا وإن طال الزمن.