خبر دفن حمار.. معاريف

الساعة 10:25 ص|25 مارس 2009

بقلم: جدعون سامت

ان السياق الواسع لعملية غزو الائتلاف، مع باراك ونتنياهو كقائدين للدورية هو تغيير بعيد المدى لوجه السياسة الاسرائيلية. لم يولد هذا البديل الان. لقد انحط الى حضيض لم يوجد له مثيل على طريق معوج عرفه العمل باعمال التوحيد، والشقاق ومغادرة الحزب. لم يكن أمس اهمية حقيقية للتصويت في المؤتمر. على اية حال، كانت تلك معركة سخيفة على احتياز قدر المستطاع، وغزو باراك بعيدا عن حدود حزبه، على نحو تجاوز اكثر قواعد اللعبة السياسية. لم يوجد هنالك بطبيعة الامر حساب يمين ويسار. فهذه التحديدات محيت ولم يسجل اتفاق على طريق ما، الا اذا كان الطريق مسارا سريعا الى حكومة في منطقة خطرة. كان الاجراء ارادة شخص واحد وعدد من الشركاء. من اجل ان يظل باراك سيد الامن استخف بالعالم كله واطلق النار على قواته هو ايضا.

الدكتور موشيه سنيه، وهو من اشد الساسة ذكاءا منذ قيام الدولة ومن المتقلبين فيهم، انتقل بالتدريج من قمة حركة العمل الى الحزب الشيوعي. لقد ابغض بن غوريون ولقبه  بونابرتاش- مشتقا ذلك من اسم بونابارت والبرتاش (العمل المهمل)، في تلميح الى قامته الضئيلة. استحق باراك لنفسه هذا اللقب في اسابيع من السعي اليائس والجاهد الى احتضان نتنياهو الحميم. وهو يستحق شيئا اخر. في مسابقات المصارعة المسرحية في اتحاد (دبليو دبليو اف) لعب ذات مرة نحو القمة مصارع قاس يلقب "القابر". ان باراك وهو اكثر الابطال تتويجا قد قبر العمل. سواء امكث في الحكومة ام خارجها.

ان الرجل الكثير الكلام غير اقواله من يوم الى يوم. لكن يمكن ان نقول فيه على الاقل انه لم يتخل في داخله عن المهمة لحظة. عندما تلقيت مكالمة من باراك في الاسبوع الماضي، مثل اخرين كثيرين، لم يوجد عندي اي شك في مبلغ تصميمه. كان يمكن ان نفترض بيقين ان عددا مقبولا من الوظائف وعددا من صيغ البرنامج المعوجة ستسوي الامر. لقد توهج حافزه. سيقول مقربوه القلائل انه اراد مصلحة الدولة. كان يوجد شيء مقلق جدا في هذا التصميم. في جميع احاديث باراك في الاسابيع الاخيرة لم يوجد ذكر تقريبا للخوف من ان سعيه قد يقسم الحزب. ان الدافع القهري الى الانضمام الى الحكومة الاشد يمينية، التي تضمن انجازات لا شبيه لها لاسرائيل بيتنا والاحزاب المتدينة، قد جعل باراك صاروخا خطرا. مضى موشيه ديان الى بيغن مع وعد بتغيير سياسي حاد. اما باراك فخطا الى عكس ذلك: الى دفن حمار لدبلوماسية جدية ما.

نجح باراك من ناحية ما. فقد اتى باتفاق ومؤتمر عقد معارض لدستور الحزب. وقد حصل على خمسة وزارء ونائبين. يستطيع ايتان كابل مثلا ان يبتلع خطابة التنديد به من مقعده رئيسا للجنة الخارجية والامن. كان ذلك عمل توعية جريئة بالنسبة لنجم وحيد واحد جريء. لكن المعنى الصائب هو ان باراك حاز غاية تقضي على محتليه.

لم يتجاوز باراك الخطوط وحده. لقد اراد ان يغتصب حزبا كاملا. حتى لو ايده في الامس فان زعيم العمل سعّره امام نظر الجميع كمنتوج ذي مظهر مهين يقترح للبيع بشروط ضائقة. اشتراه نتنياهو لانه في ضيق ايضا. وقد تمت الصفقة في مناخ سياسي لن يمحى من الذاكرة. سيدفع القابر الطموح عن ذلك ثمنا تاما، مع بقايا حزبه. هو يعرف مقالة تشرتشل عن زملائه في المجلس الوزاري المصغر، الذين أيدوا في ايام الحرب الاشد مرارة تسوية مع هتلر: الدول التي تسقط على سيفها تقوم على قدميها؛ والدول التي تخضع يقضى عليها. وكذلك الاحزاب.