خبر هذه طبيعتهم.. معاريف

الساعة 10:24 ص|25 مارس 2009

بقلم: عوفر شيلح

هذا مثال قديم ولكن ليس هناك ما هو اكثر ملاءمة منه للحياة السياسية في اسرائيل. مثال عن العقرب الذي يطلب من الضفدع نقله عبر النهر. انت ستقرصني في منتصف الطريق، يقول الضفدع، فيعجب العقرب: أنا؟ فهذا ليس منطقيا. وعندها، حين يكونان في منتصف النهر فانه بالطبع يقرصه. ماذا فعلت؟ يصرخ الضفدع، فيما يغرقان كلاهما. ما العمل، يقول العقرب بآخر كلماته الشهيرة، هذه طبيعتي.

حزب العمل استكمل أمس مرحلة اخرى من انتحاره، ورغم الاحاديث عن الدراما، فان احدا لم يفاجأ حقا. هذه طبيعته، طبيعة المخلوق السياسي الذي ينازع الحياة هذا، طبيعة نشأت من الارتباط الفتاك على نحو خاص: محافل مقررة متعفنة، مأهولة باناس فقدوا كل ابداع سياسي؛ حكام اصوات منذ زمن لم يعد لهم أي صلة بالحكم وفرض جدول اعمال وكل ما يريدونه هو مواصلة الجلوس في الحكومة، لاي سبب كان باستثناء انهم يعجزون عن التفكير في أنفسهم بشكل مغاير؛ والعقلية المبايية هذه، التي تصر على الوهم بماذا سيصير بالدولة اذا لم يديرها العمل، رغم أن هذا لم يحصل منذ زمن بعيد ويبدو أنه لن يحصل الان ايضا.

وعليه، لا يوجد أي معنى حتى في الجدال. لا معنى للتذكير بدور وتأثير العمل في حكومة اولمرت وفي صالح ماذا رفع باراك وفؤاد وهيرتسوغ وسمحون ايديهم في الائتلاف الذي مثلوا فيه اكثر من ربعه. لا معنى للشرح لماذا فقد العمل ثلث مقاعده في الانتخابات. بلا لا معنى حتى للتساؤل ما الذي سيفعله سبعة المعارضين لدخول الحكومة الان: بعضهم باراك سيشتريه بالمناصب. البعض الاخر، ولا سيما اولئك الذين جاءوا في وقت قريب ماضٍ – بريفرمن ويحيموفتش وبن سيمون – لا يزالون عبيد التفكير بان العمل هو حزب كبير ومؤثر، المكان الذي كان جديرا بان يترك من أجله المجال الاكاديمي او الاعلامي، رغم أنهم يفهمون في عقولهم بان جسدا جديدا، سليما فقط ومعافى من آليات الدمار الذاتي القائمة، يمكنه أن يعيده الى عهوده تلك. اما الباقون، بينس وكابل ويولي تمير، فيعرفون كل شيء ويفهمون كل شيء ولكنهم مباييون: وحتى متمردون كما ينبغي، مشاغبون وعديمو المسؤولية وانقياء من الكليشيهات مثلما في الليكود لن يخرجوا منهم.

ما تبقى هو فقط النظر الى الاشخاص. الى تهكم باراك الذي تفجر منه في الاونة الاخيرة كل التحقير الذي يكنه لمحيطه، كل التهكم الذي تأكدت فيه المعرفة في بانه احد الاشخاص الاقل عطفا لدى الناخبين في اسرائيل. وأمس لم يكلف نفسه حتى عناء التظاهر بانه معني باجراء ديمقراطي. وبدأ خطابه بانه لا يوجد الكثير مما يمكن الحديث فيه، وانه حان وقت التصويت. ضابط كبير روى لي ذات مرة بانه قبل تعيين هام دخل لدى رئيس شعبة الاستخبارات باراك ووجده يقرأ صحيفة. لعشرين دقيقة جلس الضابط، احد ما تعرفونه جيدا بينما رئيسه يطالع العناوين الرئيسة في الصحيفة، وعندها قال باراك: "لماذا جئت؟ المنصب لك". هكذا بدا امس في المؤتمر: لماذا جئتم، فعلى أي حال طبيعتكم وعوفر عيني يقولان لكم ما العمل. يتبقى النظر الى نتنياهو الذي منذ الصباح لديه حكومة ولكنه غير قادر على الحكم. اذا كان هكذا يدير بيبي المفاوضات فلعله حقا من الافضل الا نتحدث مع الفلسطينيين في سنوات حكمه. فهو كفيل بان يعطيهم كل الاراضي حتى نصف ميل داخل البحر، وعندها التوجه الى الخلف برضى ورؤية ان ما تبقى لنا هي قبرص. مذهل رؤية شخص انتظر عشر سنوات للعودة الى الحكم، لفرصة حياته للاصلاح وتحديد مكانة في التاريخ، ويبني لنفسه فشله مسبقا اذ ان هذه هي طبيعته.

والنظر الى فؤاد، شالوم وبوغي، ثلاثة اشخاص تميزوا، قبل كل شيء بقدرة نفي لا تتوقف، هيرتسوغ شعر بالاهانة بالتأكيد من أن الجميع استخفوا بتردداته؛ وقد اثبت امس بان الاستخفاف كان ينبغي أن يكون اكثر حدة بكثير. وفوق كل شيء، يمكن النظر الى الشخصية الاخذة في الاختفاء لذاك المبايي: ذاك الذي لا يزال يظن انه ستكون مصيبة اذا ما حكم اليمين، رغم ان اليمين يحكم منذ 30 سنة على التوالي تقريبا. ذاك الذي يريد ان يفعل الكثير والذي يخدع نفسه دوما في أنه يفعل شيئا ما. ذاك الذي صوت أمس في صالح الغرق اذ ان هذه هي طبيعته.