خبر الرمادي...لون سياسية الحكومة الإسرائيلية المقبلة...

الساعة 10:29 ص|24 مارس 2009

فلسطين اليوم: وكالات

يبدو أن اللون الرمادي هو السائد في السياسية الإسرائيلية, من حيث شكل الحكومة القادمة أو تعاملها مع الملف الفلسطيني, وخاصة الوضع في قطاع غزة. عدا عن كون انتخابات الكنيست هذه المرة تبدو أكثر من غيرها باهتة على مستوى الشخصيات والبرامج السياسية, حيث غابت الأجندات السياسية الحقيقة, وبدت الانتخابات وكأنها تصويت على نتائج الحرب على قطاع غزة.

فعلى الرغم من أن الاستطلاعات المختلفة للرأي تظهر على الدوام تفوق حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو, إلا أنها تختلف في حجم الفارق بينه وبين حزب كاديما الذي يليه في استطلاعات الرأي, حيث تعطي بعض الاستطلاعات فوارق بسيطة, والأهم من ذلك هو عدم حسم نتائج الاستطلاعات بشكل واضح في ماهية الحزب الذي سيكون في المرتبة الثالثة, حيث أن الحديث يدور عما سيكون هل هو حزب العمل بقيادة وزير الدفاع إيهود باراك؟ أم سيكون حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة إفيغدور ليبرمان المعروف عنه التطرف الشديد وعنصريته تجاه العرب, لكن الشيء الواضح حاليا أن الحكومة القادمة ستكون برئاسة نتنياهو.

ويعيش نتنياهو من الآن أجواء الأزمة في حكومته القادمة, فالمؤشرات تقول أن التحالف بين حزب الليكود وحزب كاديما برئاسة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني مستبعد، حيث بدأت تصريحات الطرفين تتصاعد في هذا الاتجاه التي تأتي في ظل العداوة الشخصية القديمة بين نتنياهو ولفني إضافة للعداوة بين الحزبين التي أتت بعد انشقاق كاديما عن الليكود, لذلك فإن نتنياهو سيلجأ إلى التحالف مع الحزب الثالث الذي لم تحسم هويته إلى الآن ( إسرائيل بيتنا أو العمل ), وبالرغم من أن الاستطلاعات بدأ تدفع بأن يكون حزب "إسرائيل بيتنا" في المركز الثالث إلا أن المعطيات تقول أن نتنياهو يفضل أن يضم حزب العمل إلى حكومته؛ ليبعد عنها صورة الحكومة المتطرفة, ومن هذه المعطيات:

أ‌)       أن نتنياهو لم يهاجم في حملته الانتخابية وزير الدفاع باراك, في حين شن حملة ضارية على منافسته "تسيبي ليفني" رئيسة حزب "كاديما"

ب‌)  خروج العديد من الإشارات من فريق نتنياهو بأنه يفضل باراك وزيراً للدفاع في حكومته القادمة.

ت‌)  بحكم أنه من المستبعد تحالف الليكود مع كاديما, فإن عدم التحالف مع باراك يعني ارتماء نتنياهو في أحضان ليبرمان المتطرف وهذا الوضع سيخلق له مشاكل في علاقاته الدولية وستبدو حكومته " حكومة متطرفين", خاصة مع وجود إدارة أمريكية جديدة برئاسة باراك اوباما.

ث‌)  تصريح نتنياهو لمجموعة من السفراء الأوروبيين بأنه في حال فوزه في الانتخابات فانه لن يشكل حكومة متطرفة كما يتهمه منافسيه.

إلا أن طريق نتنياهو للتحالف مع باراك لا تخلو من العقبات, حيث صرح قيادات من حزب العمل بأنه سيعملون عن منع انضمام باراك لحكومة نتنياهو, وأنهم في الحد الأدنى سيشترطون للمشاركة في حكومة الليكود عدم مشاركة ليبرمان في الحكومة, ولكن التحدي الأخر الذي يواجه نتنياهو هو هل انه سيستطيع تجاهل ليبرمان في حال واصل صعوده في استطلاعات الرأي حتى موعد الانتخابات المقرر في العاشر من الشهر الجاري. 

كل ذلك يضع العراقيل في وجه الحكومة القادمة التي يبدو أنها ستسير كالبطة العرجاء, خاصة مع فقدانها للبرنامج السياسي الواضح للتعامل مع الملف الفلسطيني في ظل وجود مساعي أمريكية لتحريك الأوضاع في المنطقة وتعين شخصية كبيرة لتولي هذا الأمر وهو جورج ميتشيل, وهذا تحديداً ما حاولت ليفني تخويف الإسرائيليين منه في تصريحاتها الانتخابية.

أما طريقة تعامل الحكومة الإسرائيلية المقبلة مع الملف الفلسطيني, فسيحدده شكل الحكومة المقبلة, ففي حال ضمت الحكومة المقبلة باراك وزيرا للدفاع فمن المتوقع أن يمضي قدما في انجاز ملف التهدئة مع حركة حماس في قطاع غزة كحصد لنتائج الحرب التي تزعمها على القطاع, ويتقاطع بذلك مع رغبة نتنياهو بفترة هدوء مع بداية توليه الحكم, كما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت الأقدر على انجاز مثل هذه الملفات مع جيرانها العرب, وانجاز الصفقات الكبرى معهم  مما قد يفتح الباب أمام انجاز ملف الجندي شاليط المأسور لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, أما في حال اضطر نتنياهو لتشكيل حكومة من المتطرفين فخياراته مع القطاع تبقى مفتوحة وإن كانت الحرب الأخيرة قد قلصت من هذه الخيارات, إلا أنه على كلا الحالين فسيشهد خط التسوية إنسداداً سياسياً أو في أفضل الأحوال مراوحة في المكان.