خبر ثمن مرتفع مقابل انجاز ضئيل-هآرتس

الساعة 09:30 ص|24 مارس 2009

بقلم: موشيه ارنس

 (المضمون: عمليات الرصاص المصهور فشلت كما فشلت حرب لبنان الثانية واسرائيل بحاجة لاستراتيجية جديدة - المصدر).

الادعاءات القائلة ان جزءا من وحدات الجيش الاسرائيلي التي شارت في عملية "الرصاص المصهور" قد خرقت الشيفرة الاخلاقية التي يؤمن بها الجيش الاسرائيلي – بحاجة للخضوع للتحقيق طبعا. ولكن آن الاوان لان نسال انفسنا ما الذي تم انجازه فعلا في هذه العملية، وان كان هناك تناسب منطقي بين الانجازات وبين الثمن.

في البداية شعر الجمهور الاسرائيلي بالارتياح للبدء في عملية الجيش الاسرائيلي –  هذا الجيش الذي كان مدربا ومزودا بالعتاد بصورة جيدة خلافا لوضعه في حرب لبنان الثانية – وفي ظل تبدد النبوءات السوداوية المتكدرة التي توقعت سقوط المئات من الجنود في العملية البرية في غزة. كان هذا دليل اخر على ان الجيش الاسرائيل قد اعد جيدا للعملية.

ولكن ما الذي تمخضت عنه هذه العملية؟ هي لم تضع حدا لاطلاق صواريخ القسام ولم تؤد الى  اطلاق سراح جلعاد شليت في المقابل دفعت اسرائيل ثمنا باهظا عندا اثارت ضدها الراي العام في العالم بسبب الدمار الكبير الذي خلفته في قطاغ غزة والضائقة السكانية المدنية هناك. هذه الامور ستلاحقها لزمن طويل وستصعب عليها بالتاكيد الرد على استفزازات حماس القادمة.

بالمقارنة مع الثمن – الانجازات تبدو معدومة. العملية توقفت رغم ان الصواريخ ظلت تسقط على الجنوب، بسبب الذريعة الواهية بانه لم يعد هناك ما يمكن فعله وانسحاب الجيش الاسرائيلي من دون ان ينجز شيئا تقريبا.

عمير بيرتس يتهم احيانا بالفشل في حرب لبنان الثانية، لانه دخل الى وزارة الدفاع من دون تجربة تقريبا وورث رئيس هيئة الاركان دان حالوتس الذي كان على قناعة بان القوة الجوية هي رد على كل شيء. كان من الممكن ان نلمس مشاعر الارتياح في اسرائيل عندما دخل باراك صاحب التجربة الامنية الواسعة الى وزارة الدفاع. وحصل على جابي اشكنازي بالوراثة وعلى سلاح مشاة مجرب ذو سمعة مزدخرة. الان اعتقدنا ان الشؤون الامنية قد اودعت بافضل الايادي. ولكن حكم علينا ان نمنى بالفشل.

البداية كانت مبشرة بالسوء، صواريخ القسام اطلقت على اسرائيل طوال اشهر كثيرة، وقيل للجمهور ان العملية الصحيحة ستبدأ في الوقت الصحيح، وان كل يوم يمر يقربنا من العملية البرية. الخطوة الثانية كانت اتفاق وقف اطلاق النار مع مخربي حماس الذي كان من المفترض به على حد قول باراك ان يسرع المفاوضات لاطلاق سراح شليت. حماس استغلت كما كان متوقفعا وقف اطلاق النار لادخال المزيد من الاسلحة الى القطاع بينما بقي جلعاد شليت قابعا في اسر حماس.

عندما واصلت حماس اطلاق صواريخها رغم وقف اطلاق النار بدأت اخيرا عملية "الرصاص المصهور" التي ارتكزت في البداية على القصف الشديد من الجو والحقت اضرارا متوقعة بالمدنيين. حينئذ فقط بدأوا يستخدمون سلاح المشاة بتردد الا انهم اعادوه من قبل انجاز المهمات وتردد نداء وزير الدفاع مرة اخرى مطالبا بوقف اطلاق النار.

لشدة الغرابة كان هناك تشابها كبيرا بين حرب لبنان الثانية التي ادارها بيرتس وبين عملية غزة بادارة باراك. كلاهما حملا الفكرة الاستحواذية بان عمليات الجيش الاسرائيلي قد نجحت في استرداد قوة الردع الاسرائيلية. حقيقة ان حزب الله اقوى بكثير اليوم مما كان عليه قبل حرب لبنان وعدم اختفاء الخطر في الشمال راسخة الان. حماس ايضا ما زالت تتسلح وتهدد وتطلق الصواريخ بين حين واخر من قطاع غزة. العبرة المستفادة هي انه لا يمكن ردع المخربين وانما يتوجب نزع سلاحهم. هذه عبرة يتوجب ان نتعلمها مرة تلو المرة.

 

فشلان عسكريان متتاليان يكفيان اسرائيل الان. نحن بحاجة لتفكير استراتيجي جديد يواجه المخاطر الجسيمة التي تمثل امامنا.