خبر التواءات باراك -هآرتس

الساعة 09:27 ص|24 مارس 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: باراك يثبت انه غير موثوق وغير صادق بتحالفه مع حكومة اليمين الضيقة فهل سيسير حزب العمل وراءه ويقضي على نفسه نهائيا -  المصدر).

السياسة هي فن الركض لمسافات طويلة. احد هؤلاء الذين عرفوا ذلك هو اريك شارون. مع موت زوجته اخذ يفكر باعتزال السياسة الا ان شخصا مثله لا يفعل ذلك. بعد ذلك استطاع ازاحة ايهود باراك عن رئاسة الوزراء وتصدى لعودة بيبي لرئاسة الليكود والاهم من كل ذلك – القى قنبلة فك الارتباط. الشخص الذي شق الليكود على خلفية التراجع عن "حلم ارض اسرائيل الكبرى" وشكل حزب كاديما الحزب العلماني الجديد الوحيد منذ حركة "داش" التي اجتازت سقف الخمسة عشر. في الختام وجه ضربة لبيبي وباراك واليسار ايضا. وحدهم بن غوريون وبيغن وشامير ورابين وبيرس هم الذين اجادوا هذا الفن من بين كل قادتنا. تكتيك طويل المدى وصبر فولاذي والاهم من كل ذلك – اختيار التوقيت الصحيح للخطوة الصحيحة.

بيبي وباراك متمركزان حول ذاتهما من اليوم الاول. ولكن بيبي اكثر تقدما واكثر نجاحا من باراك في المنافسة الخفية الجارية بينهما. بالمقارنة مع نتائج الانتخابات الاخيرة، بيبي صعد من حزيب صغير يبلغ (12) مقعدا الى (27) – بينما تدهور باراك المليء اعتزازا بالنفس من (19) لحزب العمل الى (13).

كان من الممكن توقع تحالف باراك وتسيبي معا لبناء معارضة قوة ضد حكومة ليبرمان  الضيقة اليمينية. ولكن باراك يستعد بدلا من ذلك للانضمام كذلك لحكومة اليمين والاشاعة تقول انه ان لم يوافق حزب العمل على ذلك فسيخرج منه ويعين وزيرا للدفاع لدى بيبي. فقد بعد ان ترك المجال للاشاعة للتجوال، صرح بأن "استقالته من حزب العمل ليست مطروحة على المحك الان". ماذا تعني كلمة "الان"؟ الان لا، ولكن بعد حين نعم. هل هذا ما يقصده؟

باراك يقارن نفسه بموشيه ديان الذي انضم لحكومة بيغن. ولكن الفرق يكمن في ان ديان لم يكن حينئذ في حزب العمل وشعر بالتزام شخصي بالتكفير عن اخفاقاته في حرب يوم الغفران، من خلال التوصل الى اتفاق السلام مع مصر. رغم انه امتلك عينا واحدة الا انه كان احد القادة الوحيدين الذين تبنوا مبدأ الرؤية لمسافات بعيدة.

ان انضم باراك للحكومة كوزير دفاع، مع شق حزب العمل، فانه سيتحول لوزير مهني، او لمسؤول بارز تابع لبيبي، هذا ان لم نقل انه يصبح مرتزقا. منذ ولايته الفاشلة كرئيس للوزراء، لم اسمع مثل هذا القدر من التنابذ بالالقاب والشتائم التي توجه لسلوكه كما يحدث الان. في يوم اعتيادي يقول عضو حزب العمل، باراك يعتقد انه هدية من السماء للجنس البشري. وفي يوم نوبة التواضع التي تصيبه، يرى نفسه مثل بن غوريون. صحيح ان باراك كان مقاتلا مقداما، ولكن هناك من يشكك بصورته المثلى كوزير للدفاع.

الدليل : حرب لبنان الثانية المتسرعة، مع جيش اعرج، حققت اكثر مما حققته عملية "الرصاص المصهور"، لانها انتهت باتفاق برعاية الامم المتحدة، بينما تسببت المعركة التي شنت ضد حماس في غزة والتي استطالت بلا داع بوقوف العالم كله ضدنا، واطلاق صواريخ القسام من دون توقف.

هل تغير بيبي فعلا؟ الرد ايجابي بدرجة معينة. هو تعلم من اخطائه السياسية وتوقف عن التحريض العلني. حتى زوجته سارة ليست طوال الوقت الى جانبه، وان كان المتطلعون يقولون ان تاثيرها عليه ما زال كبيرا. كما ان سلوكه الخارجي قد تغير. لم يعد يتصرف كما كان كملك لاسرائيل ولا شخصا مستنسخا من بيبي. الى ان سياسته الاساسية لم تتغير. هذا ليس الشخص الذي يواصل نهج شارون ويقود الدولة الى حدود دائمة مع التنازلات التي ينطوي عليها ذلك – رغم انه يسعى للظهور في مظهر المتطلع للسلام. من الذكاء منه انه اختار حزب العمل بقيادة باراك كذريعة، ولكن لو لم يكن من الذكاء من قبل حزب العمل ان يكون ستار دخان يطمس ما تبثه حكومة بيبي – ليبرمان للعالم.

باراك يتحمل مسؤولة الهبوط الاكبر الذي مني فيه حزب العمل في كل تاريخه. لفني في المقابل تتصرف كرئيسة حزب حصلت على العدد الاكبر من الاصوات ولذلك تطرح نفسها بديلا لحكومة بيبي. هي لا تبحث عن الوظائف وانما عن طريق للسلام. صمودها ضد اغراءات الانضمام لحكومة الطوارىء المزعومة ليس صحيحا فقط وانما يعبر عن المصداقية فقط. هذا خلافا لباراك، الذي صرح بلغة مدوية بان الناخب قال كلمته وارسل الحزب للمعارضة، وهو باق لاصلاحه. وبينما كان يردد هذه العبرات النبيلة، التقى هو وبيبي في الخفاء وحبكوا صفقتهما. اليوم سنرى ان كان حزب العمل سيخضع لالتواءات باراك ويقضي على نفسه.