تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المتصاعد والمتواصل على قطاع غزة، عصر الاثنين، استهداف المدنيين العزل في المنازل والأماكن العامة، اسفر عن استشهاد العشرات بينهم أطفال ونساء ورجل مقعد، رغم تجريم القانون الدولي لهذه الجرائم واعتبرتها جرائم "إنسانية" يعاقب عليها القانون.
إلى جانب ذلك، قصفت الطائرات الحربية مراكز صحية ومنازل مدنية ومساجد ومصانع ومنشآت اقتصادية في محاولة من الكيان المحتل للضغط على الفلسطينيين وإرباك الجبهة الداخلية، والتأثير على رد المقاومة بقصف البلدات المحتلة.
سياسة الاحتلال المستمرة باستهداف المدنيين ليست بالجديدة، وسبق على مدار احتلال فلسطين ارتكاب "القوات الإسرائيلية" مئات المجازر البشعة بحق الفلسطينيين دون تفرقة، وبدم بارد، زادت في حروبها الثلاثة على غزة (2008، 2012، و2014)، إضافة إلى التصعيدات العسكرية وفي مسيرات العودة.
منذُ أمس، نشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو المصورة والمؤثرة، توثق جرائم الاحتلال باستهداف الأطفال والنساء بالصواريخ الثقيلة، رغم طابعهم المدني، وكانت مجزرة أطفال عائلة المصري في بيت حانون نموذجًا حيًا.
وقتلت طائرات الاحتلال 14 طفلاً وأصابت مئات المدنيين بجراح في عدوانها المستمر على غزة، وفق أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الصحة بغزة؛ حتى مساء اليوم، وسط توقعات بارتفاع عدد الضحايا، لأنه مرتبط بتطورات التصعيد الميداني.
وقصفت الطائرات العديد من المنازل في جنوب ووسط وشمال القطاع بدون إنذار مسبق، إذ استهدفت شقة في عمارة سكنية في مخيم الشاطئ أسفر عن استشهاد ثلاثة مدنيين بينهم سيدة، ومنزل ثاني في تل الهوا، أدى لارتقاء فتاتين وطفل، عبارة عن أشلاء، ما رفع عدد الشهداء إلى 53 شهيدًا.
براج سكنية عدة طالها القصف المتجدد، حيث سوت الطائرات برجي الجوهرة وهنادي وسط وغرب مدينة غزة بالأرض، بعد تهديد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بقصفها، رغم انها تحتوي على مكاتب صحفية وخدماتية.
سماء غزة مليئة بالطائرات الحربية وبكافة أنواعها وأشكالها، وتحلق على ارتفاعات متوسطة ومنخفضة، وسط مخاوف من المدنيين من استهداف المزيد من المنازل والاحياء السكنية والمكتظة بالسكان.
أكد المكتب الإعلامي، أن طيران الاحتلال قصف ابراج ومنازل وبيوت سكنية وصل عددها إلى اكثر من ٥٠٠ وحدة ما بين الهدم الكلي والجزئي، فضلا عن تضرر مالا يقل عن ١٠٠٠ وحدة سكنية لأضرار بين متوسطة وطفيفة جراء القصف المتواصل، وذلك حتى الساعة 12:00 من اليوم الأربعاء.
وفي هذه الأثناء، تواصل الأذرع العسكرية للمقاومة الفلسطينية في غزة، بقصف البلدات المحتلة وفي عمق الكيان المحتل، بالصواريخ، وسط تكتم واضح من سلطات الاحتلال بالفصح عن حجم الخسائر، فيما نشر مستوطنون مقاطع فيديو عبر المنصات الرقيمة، تظهر "بوقوع خسائر كبيرة بمنازل المستوطنين، إضافة إلى تعرض ممتلكات آخرى للقصف ".
وكانت وسائل إعلام عبرية، قد ذكرت أمس، أنه "يوجد وساطات وتحركات دبلوماسية تجري لتهدئة الأوضاع الميدانية ووقف إطلاق النار مع غزة"، فيما تشدد المقاومة على التزام الاحتلال بشروطها، الرامية لوقف عدوان العدو على الفلسطينيين أماكن تواجده، لاسيما في القدس.
تجاوز خطير
من جهته، دانت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، وبشدة تعمد جيش الاحتلال استهداف وتدمير الابراج السكنية في غزة، الأمر الذي يفضح سلوكه في تعمد المساس بالمدنيين وممتلكاتهم المدنية، واعتبرته "تجاوز خطير لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني".
وترى الهيئة الدولية، في بيان لها، استهدافات الاحتلال للأبراج السكنية وتدميرها وقتل المدنيين، أنه "يعيد للذاكرة مشاهد مروعة لعمليات استهداف الأبراج السكنية وتدمر البنايات السكنية فوق رؤوس ساكنيها"، والتي نفذها الاحتلال كسياسية إبان العملية الحربية واسعة النطاق المنفذة في العام 2014.
وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف العدوان وحماية المدنيين كجزء أصيل من واجبه القانوني بموجب القانون الدولي.
وحثت (حشد) المجتمع الدولي بالعمل الجاد من أجل فتح ممر إنساني لدعم قطاع الصحة وتسهيل الأعمال الإغاثية، والضغط على دولة الاحتلال لتقيد أعمالها الحربية بالمبادئ والقواعد المستقرة في كلاً من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977.
وطالبت الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بإعلان موقف واضح وصريح تجاه رفض إسرائيل عدم الالتزام، وتطبيق الاتفاقية في الأراضي الفلسطينية، سيما وأن(إسرائيل) طرف موقع على الاتفاقية.
أكد البيان، أن المطلوب من القيادة والدبلوماسية الفلسطينية ببذل المزيد من الجهود مع المحكمة الجنائية الدولية، لحثها على الانتقال خطوة للأمام نحو فتح تحقيق دولي بالجرائم الدولية المرتكبة من قبل قوات الاحتلال، لضمان عدم افلات المجرمين الإسرائيليين من العقاب.
ودعت حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني، وكافة المنظمات العربية والإقليمية والدولية للتحرك على كل الأصعدة القانونية والسياسية والدبلوماسية والحقوقية والشعبية، لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
أما المركز الدولي للدراسات القانونية المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة بلاهاي فاطو بنسودا، دعا الى ضرورة النظر العاجل في جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين والاعيان المدنية في غزة.
وأكد بنسودا، ضرورة تصنيف هذه الانتهاكات كأولوية ضمن تحقيق المحكمة، مشيرًا إلى أن "أي تقاعس أو تسويف في محاسبة الجناة سيجعل من (إسرائيل) دولة فوق القانون، وفوق المحاسبة، وفوق أي رادع أخلاقي أو سياسي"، ما ينعكس على ارتكاب المزيد من الجرائم والفظائع بحق الفلسطينيين.
المعركة مستمرة
وفي بيان لها، أكدت الغرفة المشتركة، أن معركة "سيف القدس" مستمرة دفاعاً عن شعبنا ومقدساتنا، وقالت "وهي معركةٌ مقدسة مستمرة حتى يتراجع العدو عن عدوانه"، وتوعدت "مزيد من الرد على استمرار عدوان الاحتلال".
رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، أعلن الليلة، البدء بعمليه "حارس الأسوار"، داعياً المستوطنين إلى "الاستعداد لمعركة قد تستغرق وقتاً حتى استعادة الهدوء".
وأضاف نتنياهو أن "جيشه قام بضرب مئات الأهداف في غزة وأنه سيواصل ذلك"، وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده الليلة مع وزير جيشه بيني غانتس وقائد الأركان أفيف كوخافي ، بالإضافة لرئيس "الشاباك" نداف ارغمان.