خبر مصلحة العمل .. إسرائيل اليوم

الساعة 09:11 ص|23 مارس 2009

بقلم: زلمان شوفال

القرار الحاسم الذي يواجه اعضاء حزب العمل واضح: هل سيظل عاملا رسميا مقررا، ام سيصبح كتلة حزبية غير ذات صلة وغير مؤثرة، تشبه ميرتس ب، وذلك في احدى اشد الفترات الصعبة والحاسمة للدولة؟

اقام وينستون تشرشل مع تعيينه رئيسا لحكومة بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، من الفوز حكومة طوارىء وطنية. عين لمقر قيادة الحرب الى جانب وزراء حزبه المحافظ، وزراء من حزب العمل، خصومه السياسيين والعقائديين اللد منذ سنين بعيدة، وعين زعيم حزب العمل، كليمنت اتلي نائبا له طوال فترة الحرب. مع اقتراب غيوم تلك الحرب من امريكا ايضا، عين الرئيس الديمقراطي، روزفلت، شخصية جمهورية رفيعة المستوى هو هنري ستمسون، لولاية وزارة الدفاع. في الايام القريبة سنتبين هل يمكن ان يحدث هذا عندنا ايضا.

بالرغم ان التهديد الامني الذي تواجهه اسرائيل لا يقل على التحقيق في خطره عن ذلك الذي تعرضت له انكلترا وامريكا، فضلا عن الازمة الاقتصادية، فان كاديما ما يزال يشغل نفسه بألاعيب الكرامة، واذا قرر اعضاء حزب العمل رفض توجه بنيامين نتنياهو للانضمام الى حكومة برئاسته فان دولة اسرائيل ستتضرر.

اذا كنا ذكرنا كاديما فانه ينبغي ان نقول ان تسيبي لفني لها حظ ان شارون ليس موجودا. لانه اذا سمح لي التقدير فاقول انه لو كان شارون يستطيع ان يسمع صوته لقال لها تحقيقا: اتركي السخافات، يوجد وضع طوارىء والشعب محتاج الى الوحدة. انظري الى مصلحة الشعب والدولة ولا تنظري الى الغريزة؟

العجيب ان نشطاء حزب العمل الذين يعارضون الانضمام الى حكومة نتنياهو لا يخفون البتة ان ما يوجههم ليس المصلحة الوطنية، بل التقدير السياسي الضيق – وهو كيف سينجحون نجاحا افضل "في اعادة بناء حزبهم". هذا مثلا رأي وزيرة التربية المنصرفة يولي تامير. لكن انسانا جديا ومسؤولا ايضا مثل البروفيسور افي شاي برفرمان الذي قال في صوت اسرائيل انه بسبب الازمة الاقتصادية "تحتاج اسرائيل الى حكومة قوية" – وهو على حق  - ما زال لا ينجح في القفز على التناقض بين هذا القول ورفض فكرة الوحدة.

والمفارقة هي ان من يعتقدون من بين افراد العمل ان فائدة ما انتخابية ستأتيهم من الجلوس في المعارضة، في المستقبل – مخطئون؟ لانه حتى لو بقي العمل، مع ميرتس، في المعارضة، وحتى لو انجر وراء كاديما هنالك، فسيكون كتلة حزبية غير ذات صلة ولا تأثير لها. من المجدي عليه ان يدخل الحكومة.

ان تدهور العمل على نحو عام لم يبدأ في الانتخابات الاخيرة ولا حتى في التي سبقتها. فالمسيرة طويلة متصلة؛ ففقد كان العمل، وامه مباي، العامل السياسي المهيمن في اسرائيل ما كان قادته رسميين وعبروا في الموضوعات السياسية والامنية عن مواقف "امنية". هكذا سلك كل قادته المهمين، من بيرل كتسنلسون، الى دافيد بن غوريون وسواهما. وفيهم اسحاق رابين، حتى زل في اوسلو على الاقل. وفي الحقيقة انه وجد اخرون ايضا لكنهم لم يكونوا ذوي تأثير. بدأ التدهور، بالرغم من انه لم يشخص في البدء، مع انحراف العمل صوب اليسار، انحرافا عبر عنه اقامة "المعراخ" مع مبام وانزلاق بعض من قادته صوب "سلام الان". ان من حاولوا اقناع الجمهور بان رئيس العمل يجب ان يحظى ايضا بتاج "رئيس معسكر السلام"، تجاهلوا عالمين – او غير عالمين – انه يوجد في "معسكر السلام" هذا غير قليل من الجهات المعارضة للصهيونية، وتجاهلوا الى ذلك ايضا ان اتفاق السلام مع مصر تم احرازه تحت حكم الليكود، وان اتفاق السلام مع الاردن جرى تقديمه جدا بفضل حكومات الليكود برئاسة اسحاق شامير.

واليكم مسألة سياسية اخرى: كلما تبين انه لا يوجد في الجانب الفلسطيني من هو مستعد او قادر على التوصل الى سلام حقيقي وكلما زاد العنف والارهاب – وجه الجمهور نظره الى "معكسر الامن" اكثر من "معسكر السلام" المزيف والوهمي.

من المهم ان ندرك ان رفض حكومة الوحدة خاصة قد يفضي الى نهاية حزب العمل الحزينة. سيكون مصيره كمصير ذلك الحوت الذي فقد اتجاهه ولقي حتفه في مياه شواطىء استراليا الضحلة.