خبر القدس عاصمة للثقافة العربية: أيها الحكام العرب ألا تُستفزون لشيء؟! .. بقلم: د. أسعد أبو شرخ

الساعة 09:06 م|22 مارس 2009

      

إذا كان تهويد القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين واختطافها واتخاذها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني لا تستفز حميتكم وإذا كان منع ممثليكم بطريقة وقحة، من زيارة القدس والاحتفال بها عاصمة الثقافة العربية لاحظوا الثقافة العربية – لم نقول الفلسطينية – لم يستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

وإذا كان قرار محاكمة زميلكم الرئيس السوداني عمر البشير أمام محكمة الجنايات الدولية بتهم كاذبة ملفقة تضليلية لم يستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

وإذا كان قتل زميلكم الرئيس ياسر عرفات بالسم جهاراً نهاراً لم يستفزكم، فما الذي يستفز حميتكم؟

 

وإذا كان إعدام زميلكم الرئيس العراقي صدام حسين شنقاً ويوم عيد الأضحى وأمام الدنيا بطولها وعرضها وتلفزيونات العالم لم يستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

وإذا كانت حرب الإبادة الصهيونية على فلسطين وذبح وقتل وحرق ألاف النساء والأطفال والشيوخ بالفسفور الأبيض واليورانيوم المخصب وتهديم البيوت على رؤوس ساكنيها وفرض حصار خانق وإجرامي ووحشي ومتوحش على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لم يستفزكم، فما الذي يستفز حميتكم؟

 

وإذا كان العدوان الصهيوني البربري على لبنان لمدة ثلاثة وثلاثين يوماً استخدمت فيه إسرائيل مئات آلاف الأطنان من القنابل التدميرية والأسلحة غير التقليدية التي تعادل أكثر من قنبلة نووية لم تستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

وإذا كان غزو العراق عاصمة الدولة العربية الإسلامية سيف هذه الأمة ودرعها والعقل العربي وقلبه ومخزوننا العلمي والثقافي والحضاري ورمز عزنا وتقدمنا ووجودنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ومركز الإشعاع الحضاري ماضياً وحاضراً ومستقبلاً لم يستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

وإذا كان قتل ملايين العراقيين وتشريد الملايين منهم وتدمير العراق بأكملها واحتلاله وذبح أهله وتيتيم أطفاله وترميل وتثكيل نسائه وقتل شبابه ونهب مقدراته وتقسيمه وقتل علمائه وتدمير إنجازاته العلمية والثقافية وتعطيل وشطب دوره وتركه نهباً للاحتلال الأمريكي الصهيوني واغتصاب حرائره وممارسة حفلات التعذيب لهن ورجال العراق في سجن أبو غريب وتسليمه العراق لقمة سائغة للعملاء والخونة والجواسيس الذين تربوا في أقبية المخابرات الغربية والأمريكية لم يستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

وإذا كان العلم الصهيوني بخطيه الأزرقين ونجمته البيضاء الذي يرمز إلى دولة صهيون الممتدة من الفراق في العراق إلى النيل في مصر هذا العلم المنغرس والمرتفع والمرفرف في سماء بعض عواصمكم الصغيرة والكبيرة رمزاً للهزيمة والذلة والقهر والاستعلاء والخنوع والخضوع لم يستفزكم، فما الذي يستفزكم؟

 

لعله لا يستفزكم لأنكم لا ترونه ولا تنظرون إليه وربما تطأطئون الرأس خجلاً عندما تمرون من أمامه بسيارات ذات زجاج مظلم ومعتم!!! ولهذا لن يستفزكم ولن يستفزكم لأن الحياء مات في عروقكم والأحاسيس تلبدت لديكم.

 

يا حكام العرب ما الذي يستفزكم؟! آلا يستفز حميتكم شيء؟! هل تملكون أحاسيس ومشاعر البشر؟! أفهمونني .. أتسمعونني؟! أتسمعونني؟! ألم يكن الشاعر يقصدكم حين قال:

 

لقد أسمعت لو ناديت حياً  ولكن لا حياة لمن تنادي

 

 

ألم يقل فيكم الشاعر عمر أبو ريشة عام 1948 بعيد احتلال فلسطين

 

أمتي هل لك بين الأمم   منبر بالسيف أم بالقلم

اتلقاك وطرفي مطرق  خجلاً من أمسك المنصرم

الإسرائيل تعلو راية  في حمى الأقصى وظل الحرم

رب وا معتصماه انطلقت  ملاً أفواه الثكالى اليتم

لامست أسماعهم لكنها  لم تلامس نخوة المعتصم!

 

 

راية إسرائيل كبرت وتمددت وأصبحت رايات ترتفع في العواصم العربية الكبيرة والصغيرة وسفراؤها ومندوبوها وممثلوها ورجال استخباراتها وجواسيسها يجوسون الديار العربية المقهورة بلا حساب أما صرخة تلك المرأة العربية المستنجدة بالمعتصم فهم عنها وعنا غافلون هل مات فيهم الحياء وماتت فيهم الحياة بحيث أصبحوا أمواتاً أو خشباً مسندة.

 

الآن الكيان الصهيوني وبتحدٍ سافرٍ وغطرسة فاضحة وإهانة مستفزة نعم مستفزة... أتسمعونني؟يمنع في وضح النهار وأمام الكاميرات وعبر وسائل الإعلام والتصريحات العنجهية تمنع الاحتفال بالقدس عاصماً للثقافة العربية، هذا القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية هل سمعتم بجامعة الدول العربية؟! أم هي محنطة في أحد المتاحف؟ إذ أصبحت مكاناً للفرجة والتندر والفرجة والتنكيت والتبكيت!

 

ألا تحافظون على قراركم، هل تردون على قرار إسرائيل بمنعكم من الاحتفال بالقدس نعم القدس مدينة الله عاصمة للثقافة العربية باتخاذ قرار حاسم وحازم وساطع وقاطع بمقاطعة "إسرائيل" وقطع العلاقات معها وطرد سفرائها وممثليها وإيقاف علاقات الحب والغرام معها والتغزل بها والزواج غير الشرعي معها الذي أنتج حتى الآن لقيطاً مشوهاً يدور في العواصم العربية فساداً وإفساداً تدميراً وخراباً.

 

هلا غضبتم غضبة مضرية تهتك حجاب الشمس وتثور لكرامتكم وكرامة شعوبكم وتعلنون أن لا علاقات ولا تطبيع ولا اتصال ولا تواصل ولا تسايح ولا تسابح ولا تلاقح ولا تناكح مع هذا العدو الغاصب المغتصب العنصري الحاقد على كل القيم الإنسانية النبيلة؟

 

هل نسمع منكم قرارات شجاعة تذكرنا بأيام العز والمجد أم أن النذالة والذلة والمسكنة كتبت عليكم وليس

عيهم؟!

 

أمازلتم كما قال عنكم الشاعر لحظة خذلتم القدس:

أدخلتم كل زناة الليل على حجرتها

وجلستم تسترقون السمع حول فض بكارتها (القدس)

أولاد الق...ـه هل تصرخ مغتصبة

 

لحظة غضب أيها العرب متى ستغضبون؟! ثوري يا جماهير أمتنا العربية واقتلعي النذالة والخيانة.

 

ما زال يتردد في أذني وفي عقلي وفي قلبي وفي وجداني قول الشاعر:

أعرب أنتم؟!

إني في شك من بغداد إلى جدة!

 

أما أنت أيتها الجماهير العربية، فالرد لابد وأن يأتي منك، نريد تسونامي ثوري يقتلع كل الطحالب المنغرسة بيننا وأريدك أيتها الجماهير أن تردي بالفعل الثوري الهادر والغاضب والعارم دفاعاً عن كرامتنا وشرفنا ووجودنا.

 

 

أكاد أؤمن من شك ومن عجب   هذه الملايين ليست أمة العرب

 

وين وين وين الملايين؟!

 

* أكاديمي وكاتب فلسطيني يقيم في غزة.