خبر مصطفى الصواف يكتب : سؤال لنجاح الحوار: هل تريدون فلسطين؟

الساعة 07:43 ص|22 مارس 2009

لن ينجح الحوار ولن يكون هناك إنهاء لحالة الانقسام، إذا بقي هذا الحوار منطلقاً من قاعدة الاعتراف بشروط الرباعية الدولية والارتهان للموقف الأمريكي المنحاز إلى العدو الصهيوني. وزير المخابرات المصري عمر سليمان، أضاع وقتا كبيرا في ذهابه إلى أمريكا على أمل أن يؤثر في موقف الإدارة الأمريكية الجديدة، رغم علمه أن الموقف الأمريكي، في ظل أوباما، بهذه القضية لم يتغير، خاصة أن وزيرة خارجيته مصنفة بحبها الشديد لدولة الكيان الغاصب، ومن أكثر الشخصيات الأمريكية دعماً للصهاينة سراً وعلناً.

 

واليوم يدعو عمر سليمان أمناء الفصائل الفلسطينية للعودة إلى القاهرة هم أو من ينوب عنهم، ليضعهم في موقف الإدارة الأمريكية الذي أوضحته وزيرة الخارجية هلاري كلينتون والمتحدثون باسم البيت الأبيض حتى قبل هبوط طائرة سليمان في مطار القاهرة، وهذا الموقف الأمريكي لم يطرأ عليه تغيير، وهو موقف معروف ومفهوم للشعب الفلسطيني وكل قادته، فهذه الدعوة من سليمان ليست في مكانها إذا كانت فقط لإطلاعهم على الموقف الأمريكي، وليست من أجل البحث في آلية لتجاوز شروط الرباعية والإدارة الأمريكية.

 

نجاح الحوار الفلسطيني، إذا كان المنطلق هو الاعتراف بدولة الكيان بشكل واضح لا لبس فيه كما يقول أحمد قريع انه يريد حكومة فلسطينية تعترف بالاحتلال بشكل شفاف كالكريستال لا غبار عليه، وهو الموقف الذي يريده عمر سليمان وتريده دول عربية أخرى، فقد فشل الحوار، رغم عمليات التزويق والاستخدام المنمق للعبارات، وحجة الإرهاق الذي أصابه المتفاوضين نتيجة مواصلة الحوار لساعات طويلة، والحديث عن جولة ثانية أو ثالثة، والتأكيد على موضوع إنهاء الانقسام، وكثير من العبارات والمصطلحات وردت على ألسنة الجميع ممن تحاوروا وممن أشرفوا على الحوار، والنتيجة فشل وصفر كبير.

 

تحدثوا على مدى أيام الحوار عن نجاحات في كثير من القضايا، ولكنهم أجّلوا القضايا الرئيسية والأهم التي يتوقف عليها النجاح أو الفشل، وهي الاعتراف "الكريستالي " بالاغتصاب وكيانه، وهذه القضية يعلمها قريع وسليمان ومشعل وغيرهم من القادة أنها قضية مختلف عليها ولا يوجد فيها وسط أو نقطة التقاء، لأنه من غير الممكن أن يكون فيها إجماع فلسطيني أو حتى مجرد التفكير فيها، وإن اعترف البعض بالمحتل، فهذا البعض لا يمثل الشعب الفلسطيني، الذي أعلن بصراحة ووضوح " كريستالي" أن لا اعتراف للغاصب بما اغتصب.

 

الإدارة الأمريكية والرباعية الدولية ما زال البعض يريد السير على هواهما وعلى ما تحددانه من سياسات تضر بمصالح شعبنا وقضيتنا وحقوق شعبنا وتخدم مصالح المغتصب والمعتدي، وإلا ما تفسير المراقبين والمحللين لزيارة عمر سليمان للولايات المتحدة الأمريكية، هل هو لمعرفة موقفها المعروف للجميع ولا يحتاج زيارات أو محاولات للاستعطاف؟ ولكن ماذا كانت النتيجة؟ رفض لأي حكومة فلسطينية لا تعلن صراحة اعترافها بالاحتلال، وهذا ما يريده السيد محمود عباس وحركة فتح، التي تدعي أنها لم تعترف بـ(إسرائيل)، والواقع يكذب ذلك، أليس السيد محمود عباس هو القائد الأعلى لحركة فتح؟، أليس السيد أحمد قريع أحد قيادات حركة فتح وعضو اللجنة المركزية والحركية العليا ومن القيادات المعروفة للقاصي والداني؟، وحواراتهم وقبلاتهم ومفاوضاتهم مع قادة الاحتلال هل هي صحيح باسم منظمة التحرير الفلسطينية الغائب الحاضر؟، حتى لو ألغينا عقولنا وقلنا إنهم يحاورون باسم المنظمة، لماذا تطالب فتح  الفصائل في حوار القاهرة وخاصة حركة حماس بضرورة الالتزام بما وقعت عليه منظمة التحرير الفلسطينية ؟، وهل المنظمة لم تعترف بـ(إسرائيل)، وهل فتح غير ملتزمة بالاتفاقيات التي وقعت عليها المنظمة؟.

 

كثيرة هي الاستفسارات  التي تحمل الإجابات وتؤكد على أن فتح تعترف بـ(إسرائيل) وليس كما يتشدق المتشدقون ويتلاعبون بالألفاظ والجمل والعبارات، وجميعها لا تقنع أطفال فلسطين الذين باتوا لا يحتاجون إلى من يقنعهم أو يقدم لهم التبريرات والحجج الواهية.

 

هل حقاً تريدون حواراً ناجحاً؟، وإنهاء للانقسام والعودة إلى الوحدة؟ الطريق سهل ومعروف ولا يحتاج إلى كلام كثير، لقد مللنا من الحديث حول ذلك، ورغم هذا الملل نكرر مرة أخرى أن شروط النجاح تعتمد على الفلسطينيين أنفسهم، من خلال الإجابة على السؤال التالي: هل تريدون فلسطين؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فالاتفاق ونجاح الحوار وارد، ولن تكون هناك إشكالية، لأن الطريق إلى فلسطين معروفة، أما إذا وقف البعض وقال: نريد حل الدولتين (فلسطين – إسرائيل) فالاتفاق سيكون مستحيلاً، ولا داعي للتعب والسفر والسهر والحوار، والأيام وحدها كفيلة بحل الإشكالية القائمة، حتى يقتنع من يرون حل الدولتين أن هذا الحل مستحيل التطبيق، ليس فقط لأن فلسطين لا تقبل القسمة، بل لأن الصهاينة لن يقبلوا بدولة فلسطينية، وإلا لماذا هم يهودون القدس ويدمرون منازلها ويعملون على ترحيل أهلها؟ ولماذا هذه المستوطنات ومصادرة الأراضي و..و...و؟

 

عندما يقتنع كل الفلسطينيين أو غالبيتهم المطلقة بأن فلسطين لا تقبل التقسيم ويعلنون على الملأ أنهم يريدون فلسطين، عندها ما أسهل التوافق والوفاق والمصالحة! وعندها لن يحتاج الفلسطينيون للسفر أو الرعاية من أي جهة كانت، ما يجري اليوم وغدا وبعد غد في القدس دليل لا يحتاج إلى إثبات، فهو أوضح من عين الشمس وهو أن الاحتلال الصهيوني ماض في مشروعه التهويدي والاحتلالي طالما بقي من الفلسطينيين والعرب من ينادي بالاعتراف بالاحتلال وشرعيته وأن له حقاً في أرض فلسطين، نفهم الواقع وما يجري، فهل تفهمون ذلك أنتم؟.