خبر مفارقة عجيبة.. ألف يوم لشاليط و11300 يوم لعميد الأسرى الفلسطينيين !!

الساعة 09:43 ص|21 مارس 2009

فلسطين اليوم-غزة ..بقلم  عبد الناصر عوني فروانة

طالعتنا الصحف العبرية الصادرة اليوم الجمعة لاسيما صحيفتا " يديعوت " و" معاريف " بمقالات تحمل عناوين متشابهة وذات مضمون واحد تقريباً  " 1000 في الأسر " ، " اليوم السبت يحل يوم الـ 1000 على جلعاد شليت في الاسر " .

 

وتجاهل هؤلاء بأن عميد الأسرى " نائل البرغوثي " يقبع في غياهب السجون الإسرائيلية منذ ( 11300 ) يوم ، وبعد أيام قليلة سيتمم عامه الواحد والثلاثين ، فيما أن مجموع ما أمضاه أقدم خمسة أسرى فلسطينيين هو ( 53540 ) يوما، أي أكثر من خمسين ألف يوم في ظروف هي الأقسى في العالم.

 

فما بالكم لو أجرينا حسبة على عشرة آلاف أسير ، أو على الأقل حسبة صغيرة على ( 335 أسير ) معتقلين منذ ما قبل أوسلو وأقل واحد منهم أمضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ( 5430 ) يوما وما فوق .. !.

 

ويبدو لي أن من كتب حول هذا الموضوع من الإسرائيليين أراد أن يُظهر مدى " المأساة " التي يحياها شاليط في قبضة المقاومة الفلسطينية ويحاول التضخيم منها ، ورسم صورة مأساوية لأوضاع احتجازه ، واعتبار ان فترة أسره قد طالت وبالتالي يجب العمل من أجل استعادته ، ومن جانب آخر أعتقد بأن ذلك قد يكون موجهاً للجمهور الإسرائيلي حاملاً عدة رسائل مفادها ، بأن فترة أسر " شاليت " قد طالت ووصلت لألف يوم ، عجزت فيها " اسرائيل " عن اعادته ، وبالتالي فإن لا عودة له إلا اذا دفعت  حكومة " اسرائيل " ثمن ذلك ، بمعنى آخر تهيئة الجمهور الإسرائيلي لصفقة محتمل اتمامها في الأيام القليلة القادمة.

 

وأنا شخصياً قلت في أكثر من مناسبة بأن فشل اتمام " صفقة التبادل " لم يُحسم أمره ، والإعلان عن الفشل لا يعني بالمطلق استحالة العودة للمفاوضات ، وانما ما جرى بتقديري هو فشل جولة من جولات التفاوض ، أعقبها خطوات اسرائيلية انتقامية كمناورة ومحاولة لضغط والتأثير على الفصائل الآسرة لجندي " شايت " ، ولن أفاجأ لو طالعتنا الصحف خلال الساعات القليلة القادمة بنبأ استئناف المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى.

 

بل ولمعطيات كثيرة اذهب في توقعاتي إلى أبعد من ذلك ، متوقعاً اتمام صفقة التبادل خلال الأسبوعين القادمين وقبل رحيل " أولمرت " الذي من المرجح أن يبقى فترة إضافية بعدما سيتقدم " نتانياهو " بتمديد فترة تقديم حكومته الجديدة ... .  

 

وعودة على بدء .. وتصريحات الأمس لوزير العدل الإسرائيلي " فريدمان " التي قال فيها أن إسرائيل قررت عدم التعامل بعد اليوم بإنسانية مع السجناء الفلسطينيين والتعامل بالمثل كما هي أوضاع " شاليط " ، وكأن أسرانا يعيشون في فنادق خمس نجوم ويحصلون على كافة حقوقهم الإنسانية ، وتناسى " فريدمان " وغيره من الإسرائيليين بأن الأسرى الفلسطينيين والعرب يعيشون في قبور سُميت بالسجون وتفتقر لأبسط الحقوق الإنسانية.

 

ومن كتب في الصحف الإسرائيلية اليوم ، ومن أدلى بتصريحات منهم خلال الأيام الماضية ، قفز عن حقائق ومعطيات كثيرة أهمها:

 

بأنه اذا كانت معاناة  " شاليت " تتمثل بحرمانه من الالتقاء بالأهل أو مراسلتهم طوال ألف يوم ، وهو الذي أسر حينما كان ضمن قوات عسكرية مُحتلة جاءت لقطاع غزة على ظهر آليات عسكرية هي الأحدث في المنطقة ، لقتل أبرياء فلسطينيين عُزَّل ، فإن الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين الذين اعتقلوا وهم يقاومون الإحتلال وأجهزته العسكرية في اطار مقاومة مشروعة تكفلها كل المواثيق الدولية ، محرومون من رؤية ذويهم وأبنائهم منذ آلاف الأيام ، بشكل فردي وجماعي ، ولم نسمع ادانة من وزير العدل " فريدمان " او من المستشار القانوني للحكومة " ميني مازوز " وهو بالمناسبة عضو اللجنة الوزارية الخاصة التي شُكلت مؤخراً لاستحداث أساليب تهدف للتضييق أكثر على الأسرى ، مما يفتح المجال لأن تتحول السجون الى مسارح لجرائم إسرائيلية جديدة.

 

وما بين الألف يوم لشاليت ، وملايين الأيام لمعتقلينا فرق شاسع جداً ، لا يقارن ، ومأساة لا توصف وحكايات لم تكتب بعد ، وجرائم أرتكبت بحق معتقلينا هي الأبشع على مدار تاريخ السجون في العالم.

 

ولهذا أعتقد جازماً ، وعلى الإسرائيليين أن يقتنعوا بأن من أفشل اتمام الصفقة ، هي حكومتهم وحدها ولا أحد غيرها ، ولا يمكن للفصائل الفلسطينية أو للشعب الفلسطيني أن يقبل بصفقة تبادل وفقاً لشروط إسرائيلية تبقي هؤلاء القدامى أو جزءا منهم في السجون ، أو تستثني منها ذوي المؤبدات وتبقيهم لسنوات أخرى في سجونها، وعلى من تَفهم معاناة " شاليت " ان يتفهم معاناة آلاف المعتقلين الفلسطينيين التي لا حدود لها.