خبر مصدر سوري: ما تم بالرياض مصارحة وليس مصالحة وطالبنا الفلسطينيين بالوحدة

الساعة 06:35 ص|20 مارس 2009

فلسطين اليوم-القدس العربي

 أكد مصدر دبلوماسي سوري رفيع لـ'القدس العربي' أن عدم حضور وزير الخارجية السوري وليد المعلم مراسم افتتاح السفارة اللبنانية بدمشق لا يعني تلميحا سياسيا، ونوه إلى أنه حسب اتفاقية فيينا للعام 1961 ليس هناك نص قانوني يتحدث عن إجراء مراسم افتتاح السفارات ورفع الأعلام وغير ذلك من إجراءات، وأنه ليس هناك عرف دبلوماسي يقتضي هذا الأمر، مذكراً بأنه منذ شهر ونصف الشهر رُفع العلم السوري على السفارة السورية في بيروت دون حضور أي من المسؤولين اللبنانيين، ودون أن يثير عدم الحضور الرسمي اللبناني هذا حفيظة أحد في سورية، بل كان الأمر طبيعياً تماماً.

 

واعتبر المصدر ان إثارة هذا الموضوع إعلامياً يأتي بسبب رغبة بعض اللبنانيين الإيحاء بأن سورية غير راغبة تماماً في إتمام عملية التبادل الدبلوماسي مع لبنان، وتساءل أنه لو كانت هذه الخطوة واجبة دبلوماسياً، بمعنى أن سورية لم تقم بما هو مطلوب منها من حيث الحضور الرسمي، فلماذا لم يبادر لبنان إلى هذه الخطوة عند رفع العلم السوري في بيروت؟

 

الأسماء المتداوَلة لشغل منصب السفير السوري في لبنان غير صحيحة

 

وحول تأخر تسمية السفير السوري في لبنان ومدى صحة الأسماء المحتملة المرشحة لهذا المنصب التي يتداولها الإعلام كشف المصدر أن كل ما يتداوله الإعلام من أسماء لشخصيات سورية هو غير صحيح إطلاقاً، معتبراً أن تعيين سفير في لبنان هو حق سيادي سوري بحت يخضع لاعتبارات إدارية وسياسية ومالية، ولا يوجد أي نص قانوني دولي يلزم سورية بتعيين سفير خلال فترة زمنية محددة، مذكراً بأن الرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني ميشال سليمان اتفقا على إقامة سفارات في كل من سورية ولبنان، دون أن يحددا موعدا لتعيين السفراء، وكشف أن سورية لم تبادر إلى الإسراع في تعيين السفير لا لعدم رغبتها في إرضاء البعض ولا نفياً لشبهة ما، وأوضح المصدر أن بعض الأطراف في لبنان تحاول خلق مشكلة من خلال إثارة هذا الموضوع وإعطائه أبعاداً سياسية، لكن سورية لن تقدم على تعيين السفير إلا وفق أجندتها السياسية والسيادية، وأوضح أيضاً أنه سيتم تعيين السفير السوري في لبنان (على الأغلب) قبل الانتخابات النيابية اللبنانية في حزيران (يونيو) المقبل وربما قبل نهاية الشهر الحالي، وقال المصدر ان الشخصية التي ستتم تسميتها يجب أن تتمتع بمهارات إدارية واسعة لأنها ستشرف على تأسيس سفارة وتسيير أمورها وليس على تسيير أمور سفارة منطلقة منذ سنوات.

 

بين السفارات والمجلس الأعلى؟

وحول مدى جدية عمل السفيرين السوري في لبنان واللبناني في سورية سيما في ظل النفوذ السوري في لبنان وتعاطي سورية مع جهات وأطراف لبنانية قوية من جهة ومع وجود المجلس السوري ـ اللبناني الأعلى من جهة أخرى، كشف المصدر أن السفير السوري في لبنان سيخضع في عمله لاتفاقية فيينا 1961 وسيلتزم بالأعراف الدبلوماسية المعمول بها بهذا الشأن دون ممارسة أي نوع من أنواع الضغط السياسي الذي قد يتحدث عنه البعض، وأضاف المصدر أنه يجري الآن بحث حقيقي في آلية العمل المستقبلية للتمييز بين عمل السفارات في كل من سورية ولبنان وبين المجلس الأعلى السوري ـ اللبناني للوصول لآلية للتوفيق بين المرجعيتين، بمعنى ما هي الملفات التي ستبقى ضمن اختصاص المجلس الأعلى كالاقتصادية والفنية مثلاً وما هي الاختصاصات التي ستتولى السفارات متابعتها.

 

وحول استعداد سورية لإنهاء أعمال المجلس الأعلى السوري ـ اللبناني إذا طلب لبنان ذلك، قال المصدر ان إنشاء المجلس كان وفق معاهدة بين دولتين تتمتعان بالسيادة الكاملة ولا تستطيع أي دولة قانوناً إنهاء معاهدة أو تعديلها إلا برضا الدولة الثانية، وأوضح أن سورية ترى في بقاء المجلس الأعلى ضرورة لتعزيز العلاقات بين البلدين ولا مانع لديها في تعديل بعض جوانبه عملا بما يتوافق مع رغبة الجانبين.

 

إيحاء مصري

وفي شأن آخر متصل بقمة الرياض والمصالحة العربية كشف المصدر أن تغيب قطر عن القمة لم يكن بطلب مصري واضح بل بنوع من الإيحاء السياسي، مؤكداً في الوقت نفسه أن كل خطوات المصالحة التي خطتها سورية جرت بتنسيق تام مع قطر وأن هناك توافقا بين قيادة البلدين (سورية وقطر) على أن أي خطوة لتعزيز المصالحة العربية يجب المضي بها، مذكراً ـ والكلام للمصدر ـ بما قاله أمير قطر بأن قطر تقبل بما تقبل به سورية وأن أمير قطر قد زار السعودية قبل فترة من قمة الرياض ولم تلق زيارته إلا الترحيب والتشجيع السوري.

 

وجهة النظر السورية

وعودةً على موضوع المصالحة العربية كشف المصدر أن المصالحة التي تمت في الرياض يمكن تسميتها مصارحة أكثر منها مصالحة وأنها بالنسبة لسورية تقوم على شقين: شكلي وموضوعي، يتعلق الشكلي حسب المصدر ذاته بإعادة لغة التواصل والحوار العربي ـ العربي بعد جفاء وانقطاع دام لعدة سنوات، الأمر الذي تحقق في قمتي الكويت والرياض وأن هذا الجانب الشكلي يشكل ربع المصالحة فقط، فيما تعتمد الأرباع الثلاثة المتبقية من المصالحة على الجانب الموضوعي المتصل بالملفات الخلافية الأساسية المتعلقة بلبنان وفلسطين والعراق وإسرائيل والعلاقة من أمريكا، علاقة سورية مع إيران، موضحاً أن التوافق في قمة الرياض كان اقتصر على خطوط عريضة تخص المقاومة ومشروعيتها، وأن إيران ليست عدوا للعرب، وأنه يجب تحقيق المصالحة في لبنان وفلسطين، ولكن لم يتم حسم تفاصيل هذه الخطوط بصورة نهائية بل تم الاتفاق على البحث فيها في قمة الدوحة وفي اللقاءات التي ستجري بعد هذه القمة.

 

الموقف من إيران

وحول ما جرى بحثه في قمة الرياض بشأن علاقة سورية مع إيران أكد المصدر أنه كانت هناك محاولة لإبعاد سورية عن إيران ولكن سورية لم تستجب لهذه المحاولات من منطلق أنها لا ترى أن علاقتها مع إيران هي مصدر الخلاف وأن إيران هي مصدر الخطر، وأضاف: 'حاولت سورية أن تشرح نقطتين أساسيتين حول هذا الموضوع خلال القمة تتلخص الأولى بأن توسع النفوذ الإيراني في المنطقة جاء بسبب غياب نفوذ عربي وهذا يقتضي حسب وجهة النظر السورية ملء الفراغ وليس معاداة من مَلَأ مكاناً فارغاً، والنقطة الثانية هو أنه يجب استغلال قوة إيران وعلاقاتها لخدمة القضايا العربية'، وفي المقابل أوضح المصدر أن وجهة النظر السعودية ـ المصرية حيال إيران والتي قُدمت خلال قمة الرياض تمحورت حول أن قنبلة نووية إيرانية ستشكل خطراً على الخليج العربي أكثر من خطر قنبلة نووية إسرائيلية بحكم القرب الجغرافي من إيران، إضافة إلى أن ثمة أطماعا سمتها كل من السعودية ومصر بالأطماع الفارسية في الخليج العربي، مع التذكير السعودي ـ المصري لسورية بأن دعم إيران للمقاومة في فلسطين ولبنان هو لاستخدامها في عملية التفاوض مع أمريكا.

 

الخلاف السوري ـ المصري

وحول ما اعتبره المراقبون خلافاً سورياً مصرياً أشد منه خلافاً سورياً سعودياً برر المصدر ذلك بأن مصر رأت أن سورية كان لها دور 'جزئي' في تشويه الدور المصري وتجاهل دورها العربي الريادي وتحميلها مسؤولية إغلاق المعابر وحصار غزة، وأن سورية تحرض الفصائل الفلسطينية الموجودة على أراضيها كحماس والجهاد على عدم إتمام المصالحة الفلسطينية في القاهرة بهدف عدم إعطاء مصر أي مكسب سياسي على الأرض، ونوه المصدر إلى أن كلا من سورية ومصر قد طلبتا من حلفائهما الفلسطينيين المتحاوين في القاهرة حالياً استيعاب المرحلة القادمة وخطورتها والعمل على إتمام المصالحة وتحقيق التوافق الفلسطيني.