خبر العلاقات الاردنية القطرية تحت الاختبار بسبب حلقات هيكل

الساعة 06:27 ص|20 مارس 2009

فلسطين اليوم – القدس العربي

تواجه المصالحة الرخوة عمليا بين الاردن وقطر تحديا اساسيا هذه الايام بعد الحلقات المثيرة التي بثتها محطة الجزيرة للصحافي المصري محمد حسنين هيكل والتي أثارت غضبا عارما في الجبهة الاردنية على مستوى الشارع وعلى مستوى النخب والحكومة ومؤسسات الحكم والقرار.

وبذلت المؤسسات الاردنية طوال الاسبوع الماضي مجهودا كبيرا حتى تضمن الحفاظ على مصالحة سياسية انجزت اصلا بصعوبة بعد اربع سنوات باردة في العلاقات الثنائية، وخلال الساعات القليلة الماضية كانت عمان تستخدم ثقلها الحكومي والرسمي مع الجانب القطري حتى تضمن عدم اتساع الخلافات على امل ان تمتنع محطة الجزيرة عن بث حلقة اضافية من برنامج هيكل يفترض ان تبث مساء امس الخميس.

ولم يعرف بعد ما اذا كانت المجهودات الدبلوماسية والرسمية الاردنية قد نتج عنها الاتفاق على اي ترتيب بالخصوص حتى لا يتأثر مستوى المشاركة الاردنية في قمة الدوحة نهاية الشهر الجاري، لكن مصادر 'القدس العربي' في الجانبين تؤكد بأن مفاوضات شاقة جرت وتجري في الكواليس واتصالات موازية بين اعلاميين اردنيين وآخرين يعملون في 'الجزيرة' على امل ايجاد حل لازمة لا زالت صامتة من الناحية العملية وقابلة للتطور.

ومن الواضح ان عمان وضعت هدفا يتمثل في التأكد من عدم وجود جولات اضافية من الاساءة لها في جعبة هيكل او 'الجزيرة' وهي مسألة يقول الاردنيون انها باتت اساسية ليس فقط لتقييم مسار المصالحة والتواصل السياسي مع قطر ولكن ايضا للتيقن من ان اهداف معسكر الاعتدال العربي في حل ما يوصف بالمشكلة القطرية قابلة للتحقق.

عمليا تعاملت السلطات المرجعية في عمان بحكمة بالغة وهدوء اعصاب عندما كرر هيكل تحرشه الموسمي بالاردنيين وقياداتهم، فقد صدرت التعليمات للكتاب وللصحافة الرسمية بتجنب اي ذكر لدولة قطر والتركيز في الردود والتعليقات على هيكل نفسه فقط، وبنفس الوقت تحركت الاتصالات الجانبية التي تحاول الاستفسار من محطة الجزيرة وتحاول ابلاغ الموقف المستاء للجانب القطري الرسمي وبصورة غير علنية.

وشكل ذلك تكتيكا متبعا حتى عصر الخميس للحكومة الاردنية مع العلم بأن ما ذكره هيكل بخصوص الاردن أثار استياء وغضب قطاع واسع في الجمهور الاردني نفسه هذه المرة، حيث ولدت في مناسبات اجتماعية وشعبية وحزبية تعبيرات تستنكر حديث هيكل وعودته الموسمية للحديث عن تاريخ الاردن فقط مع اصطياد معلومات هنا وهناك وتسليط الضوء عليها.

وحتى هيكل نفسه لم يستهدفه اي تصريح رسمي من قبل الناطق الرسمي ولوحظ بوضوح ان كتاب الصف الاول في الاعلام الاردني تجنبوا الخوض في المسألة تقديرا للحساب السياسي خلفها.

لكن التعبيرات الرسمية اقتصرت على تعليق على شكل معلومة كشفها وزير الداخلية في الحكومة الاردنية نايف القاضي الذي هاجم هيكل وحمله مسؤولية الهزائم العربية وقال: ان محمد حسنين هيكل هو من ورط الرئيس جمال عبد الناصر 'القومي النظيف' بالحروب التي خسرها العرب جميعا مع اسرائيل .

واضاف بأن هيكل لا يريد الا الاكاذيب مشيرا الى ان هيكل طلب منه في وقت سابق وعندما كان سفيرا في القاهرة وعلى مدار اربع حلقات تستمر الواحدة لاربع ساعات تفاصيل ما حمله الوفد الاردني للمفاوضات مع اسرائيل، وبعد ان اطلع على جميع الوثائق ولم يجد فيها ما يروج له لم يذكرها في كتابه الذي نشرة مؤخرا معللا عدم نشرها بأن ليس فيها فضائح 'وهي متنفس' هيكل كما قال الوزير الاردني.

وفي السياق تؤكد المصادر الرسمية بأن عمان لا تريد لما قاله هيكل ان يحدث شرخا قويا في العلاقات التي تصلبت بصعوبة اصلا مع قطر الا اذا اصر ت الدوحة على تجاهل تام لكل الملاحظات الاردنية في السياق خصوصا وانها تحالفات مع ملاحظات سعودية سمعها القطريون مؤخرا من الامير سعود الفيصل.

وبسبب ذلك يعتقد بان هيكل بما قاله سواء اكانت مقصودا او مبرمجا ام لم يكن كما تقول ادارة الجزيرة، وضع بغرض او بدونه العلاقات الصعبة بين عمان والدوحة في واجهة اختبارية دقيقة الحساسية. وموضوع هيكل بعيدا عن محطة الجزيرة والدولة القطرية اصبح مثيرا لتساؤلات جوهرية في معادلة الاعلام الاردني الداخلية من حيث كفاءته ومهنيته ونفوذ وحضور رموزه وتاثيرها خارج جزء من الضاحية الغربية لعمان العاصمة، وهي تساؤلات طرحها الجميع بما في ذلك الذين فضلوا التريث من رموز الاعلام الرسمي بتجنب التعليق او تجنب نشر مقالات قوية تملك امكانات الرد الحقيقي على هيكل.

ونفس التساؤلات المح لها وزراء في الحكومة الاردنية على هامش تساؤلات دارت في ذهن النخبة السياسية والرسمية بعنوان: هذا هو هيكلهم فاين هيكلنا؟