خبر حول الحلقة الأخيرة من مسلسل شاليط ..ياسر الزعاترة

الساعة 08:15 م|19 مارس 2009

صحيفة الدستور الأردنية

 

منذ 33 شهراً ونحن نتابع مسلسل الجندي الإسرائيلي شاليط، والذي صار أشهر من أشهر نجوم الغناء وكرة القدم، الأمر الذي لم يحدث إلا لأنه من "شعب الله المختار" الذي يتحكم دهاقنته بسياسة الدولة الأكبر في العالم، بينما يتمددون في شرايين عدد لا يحصى من الدول المهمة الأخرى: على رأسها فرنسا قلعة الحرية التي يهتم رئيسها ذو الجذور اليهودية بحياة شاليط أكثر من اهتمامه بموقع فرنسا في المشهد الدولي.

 

في سياق هذا المسلسل ثمة حقائق لا ينبغي أن تغيب بصرف النظر عن مصير الصفقة: أولها أن حماس كانت ولا تزال الأكثر اهتماماً بأسراها وأسرى الشعب الفلسطيني، حيث حاولت مراراً أسر جنود إسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين (اختطاف الجندي آفي سبورتاس 3 ـ 2 ـ 89، اختطاف الجندي إيلان سعدون 3 ـ 5 ـ 89، اختطاف الجندي نسيم توليدانو 13 ـ 12 ـ 92، اختطاف حافلة وركابها تموز 93، اختطاف الجندي نحشون فاكسمان 11 ـ 10 ـ 94، والذي داهم الجيش الإسرائيلي مكان احتجازه، فقتل الجندي، ومعه قائد الوحدة الإسرائيلية الخاصة وجرح 12 من الجنود، بينما استشهد القساميون الثلاثة، عملية الوهم المتبدد التي أسر فيها شاليط 25 ـ 6 ـ 2006، وصولاً إلى محاولات عدة لأسر جنود خلال المعركة الأخيرة في قطاع غزة، انتهت إحداها بقتل الجندي ومعه القسامي الخاطف).

 

ثاني تلك الحقائق أن العملية التي أسر فيها شاليط كانت إبداعية بكل المقاييس، خططها ونفذها أبطال رائعون من أبناء هذا الشعب العظيم. أما الحقيقة الثالثة فتتلخص في الإنجاز العظيم المتمثل في القدرة على إخفائه طوال هذه المدة في قطاع ضيق يتمدد فيه جحافل من العملاء الذي صنعهم المحتل على عينه طوال عقود، ولو تمكنوا من الوصول إليه اليوم أو غداً لا قدر الله لما قلل ذلك من أهمية ذلك الإنجاز، مذكّرين بأن تحرير من الأسر كان واحداً من أهداف الحرب الأخيرة على القطاع.

 

ولكن لماذا يهتز المجتمع الإسرائيلي لأسر جندي واحد، بينما يصبر المجتمع الفلسطيني على وجود 11 ألفاً من أبنائه رهن السجون؟ هل لذلك تفسير آخر غير منحنى البطولة والصمود الصاعد في هذا المجتمع مقابل الهزيمة الروحية والمعنوية في المجتمع الآخر، ولعلنا نذكّر هنا بمنظمة الأمهات الأربع التي ساهمت في الانسحاب من لبنان، والتي تشكلت من أمهات أربعة من الجنود الإسرائيليين وقفن بإصرار ضد الوجود الإسرائيلي في لبنان.

 

سيقولون إنه مجتمع يحافظ على أبنائه، ولا يتركهم قيد الأسر، وهو كلام صحيح، لكن الوجه الآخر للصورة، وربما الأكثر أهمية، هو الخوف من أن يؤدي بقاء أحدهم في الأسر إلى ضرب معنويات زملائه، وقد تابعنا شيئاً من ذلك في معركة غزة الأخيرة حين كان الهدف الأول والأخير للجيش هو تجنب الخسائر والحيلولة دون اختطاف جندي آخر.

 

إن أية صفقة مهما كانت ستكون جيدة ما دامت تفتح باب الأمل أمام أكثر من 700 من المحكومين بالمؤبدات، فضلاً عن الآخرين، في ذات الوقت الذي تؤكد فيه أن هذا الشعب العظيم لا ينسى أبطاله، طال الزمان أم قصر، وهو سيحررهم بكل وسيلة ممكنة، في ذات الوقت الذي يرفض جعل تحريرهم مبرراً للتنازل عن الأهداف التي ناضلوا وأسروا من أجلها.