الاستقامة السياسية في خطاب الأمين العام.. بقلم/ احمد المدلل

الساعة 10:19 م|03 ابريل 2021

فلسطين اليوم

في ظل الفوضى التي تعيشها الساحة السياسية الفلسطينية وعدم وضوح الرؤيا لدى الكثير من القوى والنخب السياسية والفكرية والثقافية والمجتمعية والمعطيات تقول أننا ذاهبون بعد الانتخابات التشريعية إلى نتائج غير واضحة المعالم . لا يزال موقف حركة الجهاد الاسلامي ثابتاً لم يتغير أمام ضغط الواقع والمشككين والمتربصين حول عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية ...

الأمين العام للحركة السيد زياد نخالة (من خلال مؤتمر نقابي عُقد في دمشق ) يُطل علينا وكما هي عادته بخطاب سياسي مختصر ومفيد ومحدود الكلمات ، خطاب ممزوج بالهمّ والغضب أمام هذا الانشغال والتدافع نحو انتخابات لن تكون مدخلاً حقيقياً وواقعياً لإنهاء الانقسام ولا لإنهاء الاحتلال او وقف جرائمه وقد وضع في خطابه النقاط على الحروف وأعطى صورة واضحة للوضع الفلسطيني تحت الاحتلال الذى لا يحتمل خيارات السلطة السياسية المتمثلة بالانتخابات لإعادة انتاج ما هو أسوأ من أوسلو وتجديد شرعية سلطة وهمية كما يريدها الرئيس الفلسطيني والفصائل التي تبعته وتنوى المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي وأصبح معظم الفلسطينيين فى حالة انشغال فى ظل حدوث سيلان انتخابي غير مسبوق ولا نراه في دول عظمى ، عندما تقدمت ست وثلاثون قائمة انتخابية الى دائرة الانتخابات المركزية بمئات الأعضاء والذين يُعتبرون نُخب الشعب الفلسطيني السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والاكاديمية والمجتمعية والعشائرية والنسوية مما يُوحى بتغير الأولويات لدى هؤلاء جميعاً بدلاً من وضع برنامج وطني لمقاومة الاحتلال ودعم صمود الشعب الفلسطيني ونحن لا زلنا نعيش مرحلة التحرر الوطني ومن أجل مواجهة جرائم الاحتلال ، يتنافس هؤلاء جميعاً في تكريس مرجعية اوسلو الذى تعطى الشرعية للاحتلال الذى يُصعّد من جرائم الاستيطان والتهويد والهدم والاقتحامات المستمرة للمسجد الاقصى والاعتقالات والملاحقات والقتل ، واعطاءه مزيدا من الشرعية للانطلاق الى المنطقة العربية ومزيد من الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الامنية والثقافية وكىّ وعى الجماهير العربية لتمرير الرواية الصهيونية على حساب حقيقة الرواية الفلسطينية التاريخية . أمام هذا كله لا بد ان يكون هناك موقف مسئول يعيد الأمور الى نصابها ويوضح حقيقة الوضع الفلسطيني ويطرق جدار هذا الانشغال القائم في غير محله ويصرخ فى وجوه القوم متسائلاً مهموماً : أين انتم ذاهبون بالشعب والأرض والقضية ؟؟؟

لقد أكد الامين العام من جديد موقف الحركة الرافض للمشاركة فى انتخابات المجلس التشريعي تحت حراب الاحتلال وبذلك قام بتثبيت ما هو معلوم من أطروحات الحركة الفكرية حول الصراع مع الاحتلال الصهيوني والمواقف السياسية الثابتة لحركة الجهاد الإسلامي بعدم الاعتراف باتفاقية اوسلو والرفض المطلق للخوض في انتخابات تشريعية مرجعيتها اوسلو لم تجلب الا مزيداً من الضياع للقضية الفلسطينية وعناوينها وثوابتها وأيضاً مزيداً من التشظي و الخلافات الفلسطينية الداخلية وفى المقابل تكريس الاحتلال الذى يسرق الارض ويمارس جرائمه ضد الشعب الفلسطيني صباح مساء ، ويقتحم المدن والقرى والمخيمات متى يشاء ليعتقل ويقتل من يشاء حتى أعضاء التشريعي ومن يفكر بالترشيح او المشاركة في انتخابات التشريعي لم يسلم من بطشه وقد يمنع حدوثها في القدس ويعرقلها في مناطق ب و ج كما نصت عليه اتفاقية اوسلو الذى منحت السيطرة الأمنية فيها للعدو الصهيوني ، فما معنى حدوث انتخابات في ظل هذا التغول الصهيوني في كل شيء ... لذا عبّر الامين العام لحركة الجهاد الإسلامي عن الاستقامة السياسية التي تتميز بها حركة الجهاد الإسلامي والتي تعنى التمحور حول المبادئ والمنطلقات ، قد يعتقد البعض أن هناك مصلحة وطنية او حزبية او شخصية سنجنيها من دخول الانتخابات والواقع يقول غير ذلك . وقد أعجبتني كلمات للشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي عن الاستقامة عندما قال ( اذا تعارضت المبادئ مع المصالح فإننا نقدم المبادئ ) والمبادئ التي تربينا عليها كفلسطينيين عدم التنازل عن حقوقنا الثابتة في فلسطين التاريخية وعدم الاعتراف بشرعية الاحتلال والثبات على نهج المقاومة . إن صراعنا مع الاحتلال الصهيوني هو صراع وجود ، احتلال جاء بمزاعم توراتية وتلمودية بأن هذه الأرض بالنسبة اليه ارض الميعاد ، اسرائيل اليهودية ، أرض اللبن والعسل ، يهودا والسامرة وأورشليم ، احتلال إحلالي ...

ما يؤكده السيد نخالة هو نفس المنطلق الذى انبثقت من خلاله حركة الجهاد الإسلامي وتحدث به الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله عام ١٩٩٤م حول المشاركة في انتخابات الحكم الذاتي ( التشريعي) عندما قال : لسنا مستعدين أن نخوض انتخابات لتشكيل دُمية بيد الكيان الصهيوني ضد شعبنا وطموحاته في الحرية والاستقلال الكاملين ، كنا نفهم ان يكون هناك معنى للانتخابات لو كان للفلسطينيين سلطة حقيقية او سيادة حقيقية ، أما انتخابات الحكم الذاتي المطروحة ( التشريعي ) فليست سوى إدارة بيد الكيان الصهيوني .... انه نفس الموقف الذى أعلنه الدكتور رمضان وهو يحذر من خلال وعيه ورؤيته - الاستشرافية- الفلسطينيين من نتائج الانتخابات عام ٢٠٠٦ وقد حدث بالتفصيل بعد ذلك ما حذر منه د رمضان رحمه الله من عدم قبول نتائج الانتخابات التشريعية عام ٢٠٠٦ والتي فازت فيها حركة حماس وحدث الانقسام الفلسطيني والذى أضر بالقضية الفلسطينية ولا يزال شعبنا يجنى حصاده المر الى هذه اللحظة ... لا تغيير في المبادئ أمام ضغط الواقع ، لأن الاستقامة تعنى شيئا واحدا هو التمحور حول المبادئ .

كلمات دلالية