خبر لا يوجد ما يدعو الجنود الى الكذب-هآرتس

الساعة 11:34 ص|19 مارس 2009

بقلم: عاموس هرئيل

 (المضمون: كشف اول عن شهادات جنود شاركوا في حرب غزة وهي شهادات تدعو الى النظر من جديد في سلوك الجيش الاسرائيلي وقيمه - المصدر).

ان شهادات جنود الجيش الاسرائيلي من خريجي المعهد الاعدادي على اسم اسحاق رابين والتي تنشر ها هنا، تمنحنا نظرا اوليا غير مراقب الى ما تم في بعض الوحدات المحاربة في عملية "الرصاص المصهور". يبدو ان الامور الميدانية تمت على هذا النحو بقدر كبير. وكالعادة، هذا واقع يختلف اختلافا جوهريا عن الرواية اللينة التي منحها قادة الجيش الجمهور والاعلام طوال العملية وبعدها.

لا يكذب الجنود لسبب بسيط هو انه لا يوجد ما يدعوهم الى فعل ذلك. ان من سيقرأ غدا في صحيفة هارتس العرض الموسع عن مؤتمر الخريجين، الذي يظهر ايضا في صحيفة المعهد الاعدادي، لن يجد هنالك حماسة او عجرفة. فهذا هو ما رأه المحاربون في غزة من وجهة نظرهم. توجد ها هنا سلسلة طويلة من الشهادات من مناطق مختلفة، تصور صورة مقلقة ومحزنة. سيحسن الجيش الاسرائيلي احسانا كبيرا الى نفسه قبل الجميع اذا عالجها بجدية وفحصها فحصا عميقا.

يمكن دائما ما ظلت الامور اتية من افواه شهود عيان فلسطينيين او من الاعلام المعادي، رفضها على انها دعاية تخدم العدو. لكن ماذا نفعل عندما يكون هذا ما يرويه الجنود انفسهم؟

قد يكون طرأ في وصف الامور هنا او هناك تشويش او مبالغة، لان قائد الكتيبة او القسم لا يرى الصورة التامة دائما. لكن هذه شهادات من مصدر اول، على كل ما كان يفضل اكثر الجمهور الاسرائيلي كما يبدو كبته. هكذا ادار الجيش حربا مع نشطاء ارهاب مسلحين، في حين علق في الوسط سكان مدنيون عدتهم مليون ونصف نسمة.

في رد على توجه صحيفة هارتس امس، قال رئيس المعهد الاعدادي، داني زامير انه قرر نهائيا نشر الشهادات في صحيفة الخريجين بعد مراسلة واحاديث الى ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي فقط. في هيئة القيادة العامة بينوا لزمير ان التحقيقات الميدانية للقتال في غزة، وفيها ايضا "التحقيق الاخلاقي" ما تزال بعيدة من نهايتها. وزعم الضباط الكبار ايضا له انهم لم يلقوا شهادات على حوادث من النوع الذي يصفه المحاربون في المؤتمر.

اذا كان الجيش الاسرائيلي لم يسمع حقا عن هذه الحوادث، فان الفرض المعقول هو ان ذلك لانه لا يريد ان يعلم. فالمحاربون يصفون واقعا يحدث في السرايا الميدانية، من مستوى قائد السرية فنازلا. يشارك في التحقيقات على نحو عام قادة سرايا فصاعدا. يبدو اننا اذا اسثنينا حالات قليلة، فان التوجه السائد هو: اذا لم تسألوا فلن نتكلم.

ان من يثير اخر الامر السر الغامض هم الجنود الحائرون؛ اولئك الذين مضوا مع القوة، لكنهم في الطريق اضيئت لهم بضعة مصابيح تحذير ايضا. سنسمع في الايام المقبلة، كجزء من الجهد لرفض المزاعم، سنسمع على وجه اليقين ايضا عن "ماضي" رئيس المعهد الاعدادي داني زامير. لقد حكم عليه في 1990، اذا كان قائد سرية احتياط، بالسجن لرفضه حراسة مراسم ادخل فيها أناس من اليمين كتب توراة الى قبر يوسف في نابلس. لكن بالرغم من ان زامير لا يخفي مواقفه السياسية، فان قراءة اللوائح تدل على انه يعمل بغير مبالاة، صادرا عن قلق عميق على روح الجيش الاسرائيلي.

لم تولد مشكلات الجيش الاسرائيلي القيمية في 2009 . لقد نشرت "محادثة المحاربين" الاولى بعد حرب الايام الستة. لكن ضباط الاحتياط الذين نظروا امس في تقرير صحيفة المعهد الاعدادي زعموا انه "ليس هذا الجيش الاسرائيلي الذي عرفناه". فالاوصاف تصور تطرف النظر الاسرائيلي الى العدو، في سلسلة متصلة للتدهور – من حرب لبنان الاولى الى الثانية، ومن الانتفاضة الاولى الى الثانية، ومن "السور الواقي" الى "الرصاص المصهور". وما يزال الكثير متعلقا بروح القائد. فأوصاف الخريجين، الى جانب معطيات اخرى عند صحيفة "هارتس"، تظهر فروقا كبيرة بين سلوك الوحدات المختلفة.

يوجد ايضا جانب مثير للاهتمام في الشهادات. فالجنود يصفون القليل جدا من حوادث القتال الحقيقي، من مدى قريب بيقين. ليس عرضيا كما يبدو ان العملية في غزة لم تخرج الكثير من قصص البطولة. حسن ان القتال انتهى الى خسائر قليلة نسبيا للجيش الاسرائيلي، لكن اوصاف الجنود تقوي انطباع ان أناس حماس في اكثر الحالات هربوا ببساطة من وجه الجيش المتقدم.

ان من يعتقد ايضا ان الرد الاسرائيلي الشديد على اطلاق الصواريخ المتصل كان حقا وضروريا، يجب ان يعرف اثاره بصدق. تحت القادة الاسرائيليين الذين يعدون بتعليم حماس درسا، والجنرالات الذين يأخذون بسياسة "عدم الاخطار" على القوات، ورجال الدين الذين يدعون الى حرب واجبة – تحتهم يوجد المحاربون الذين دخلوا عمق المنطقة الآهلة من غزة. ان عمليتهم ليست مفصولة عن كل ما سمعوه حولهم بل هي امتداد مباشر لذلك.

ان وثيقة "روح الجيش الاسرائيلي" تضمن ان يعمل الجنود "بحسب قيم الجيش الاسرائيلي واوامره، مع الحفاظ على قوانين الدولة وكرامة الانسان". عد من جملة هذه القيم وثيقة "حياة الانسان" و "طهارة السلاح". بعد قراءة شهادات خريجي معهد رابين الاعدادي، يبدو انه قد حان وقت ان يفحص الجيش من جديد هل ما يزال حقا ثابتا عند الاهداف السامية التي نصبها لنفسه.