خبر محللون لـ« فلسطين اليوم »: الحوار الوطني في خطواته الأخيرة نحو التوافق والأهم التطبيق على أرض الواقع

الساعة 05:08 م|18 مارس 2009

فلسطين اليوم- وكالات

 أجمع محللون سياسيون فلسطينيون أن الحوار الوطني في القاهرة يسير في خطواته الأخيرة نحو إنهاء كافة الملفات العالقة من خلال اجتماعات لجنة التوجيه العليا التي تواصل جلساتها مع تواجد مصري فاعل لتحقيق إنجاز تنتهي بموجبه حال الانقسام ويستعيد الوطن وحدته. واعتبر المحللون السياسيون في لقاءات منفصلة مع  أنه لم يعد من الممكن العودة إلى الوراء في أي من القضايا الخلافية، وبات الأمر مسالة وقت فقط لإنجاز اتفاق وطني يضمن عدم العودة مجدداً للاقتتال الداخلي. وأكدوا أن إنجاح الحوار الوطني لا يقتصر على التفاهمات النظرية، بل على تطبيق ما يتم الاتفاق عليه في القاهرة على أرض الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة، أن النجاحات المتكررة في حسم معظم قضايا الحوار الوطني تؤشر أن عربة الاتفاق الفلسطيني قاربت على الوصول إلى محطتها الأخيرة، التي ستتوج باتفاق فلسطيني شامل ينهي مرحلة سوداء من التاريخ السياسي الفلسطيني.

وقال "هناك إخفاقات محدودة في عدد من النقاط التي أحيلت إلى لجنة التوجيه العليا، والمتوقع ردم الهوة بشأنها في أية لحظة، لا سيما أن إرادة النجاح كانت واضحة لدى مختلف الأطراف المتحاورة خصوصاً حركتي فتح وحماس". واضاف "الحوارات الفلسطينية هذه المرة أخذت طابع البحث في كل التفاصيل على عكس الحوارات السابقة التي ظلت تبحث في العموميات، وبالتالي ظلت الاتفاقات ذات طابع شمولي، أما ما شاهدناه في حوارات القاهرة، فهي تخصيص لجان لكل الملفات المختلف عليها والتي بحثت في كل الجزئيات".

 

واعتبر أبو سعدة أن رغبة الفصائل الفلسطينية في إنجاح الحوار الوطني اقترنت هذه المرة بتدخل إيجابي وفاعل للراعي المصري الذي يؤدي أدوراً هامة للغاية، استطاعت من خلالها مصر أن تساهم في حسم العديد من العقبات والملفات الشائكة، لافتاً أن مصر تريد تحقيق إنجاز يعيد لها دورها القومي قبل عقد القمة العربية العادية في الدوحة بعد عدة أيام، خصوصاً بعد ما قيل عن فشل مصري في إنجاز أي من الملفات الفلسطينية سواء التهدئة أو شاليت او الحوار الداخلي.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية لم تكن بعيدة عن أجواء الحوار الفلسطيني في القاهرة، إذ أن الراعي المصري حريص على تهيئة المجتمع الدولي لأي اتفاق فلسطيني داخلي.

 

وقال أبو سعدة "الأهم هو ما يلي عملية التوقيع على التفاهمات الفلسطينية- الفلسطينية في القاهرة، وهو الشق الخاص بالتطبيق على أرض الواقع، الذي لن يكون سهلاً كما هو الحال في الاتفاق على الأسس النظرية للقضايا الخلافية"، وتابع "لكن عدم التعثر في التطبيق مرهون بمدى ثقة الأطراف في بعضها، مع حسن النوايا والإرداة الصادقة في الخروج من هذا النفق المظلم، نزولاً عند رغبة الجماهير الفلسطينية، وإلا لن تكون الأمور بسيطة كما يتخيل البعض، وقد تنزلق إلى مناح منافية لروح الحوار الوطني السائدة الآن".

 

ويتفق المحلل السياسي طلال عوكل في أن الأجواء الحالية، والرعاية المصرية، تؤكد أن الحوار الفلسطيني لن يعود إلى الوراء، وإنما ستتوج القاهرة هذه الجلسات المتتالية للفرقاء الفلسطينيين بإعلان اتفاق ينهي حال الانقسام السياسي والجغرافي بين شقي الوطن، واشار إلى أن الظروف الموضوعية كلها مهيأة لإنجاح الحوار الفلسطيني، لا سيما على الصعيد الداخلي، حيث الحصار الجاثم على القطاع، والتعثر على صعيد التسوية السلمية، علاوة على التحسن في الأجواء العربية التي بدأت تشهد انفراج في العلاقات بين مصر والسعودية وسوريا.

وأوضح أن الشعب الفلسطيني ينتظر المرحلة الأصعب التي تتعلق بتطبيق ما يتفق عليه في مختلف الملفات، خصوصاً مع وجود نقاط ليست بالهينة تحتاج إلى إرادة حقيقية في تجاوز أي عقبة قد تطرأ مستقبلاً.

وقال "صحيح أن الأمور ليست سهلة، لكن تطبيقها لن يكون مستحيلاً طالما اتفق الفرقاء على آليات محددة للتنفيذ في القاهرة، ولن يكون هناك مجال للعودة من جديد إلى الانقسام والاقتتال الداخلي".

 

ويختلف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية في غزة وليد المدلل مع سابقيه في سهولة تنفيذ التفاهمات التي يتم إبرامها في القاهرة، إذ إن فشل الاتفاقات السابقة لم يكن لولا الصعوبات التي واجهات الفصائل في التطبيق.

وقال "إذا كانت هناك صعوبات في التوافق حول الصيغ النظرية، فلا بد لنا أن نتوقع زيادة حجم العقبات عند التطبيق، الذي يرتبط عادة بتقاطعات لها علاقة بالاحتلال والموقف الأميركي والأوروبي مما سينجز في القاهرة".

وتابع "أصبح من المؤكد أن الحوار لن يعود إلى المربع الأول، لكن إذا ما تجاوزنا نقاط ثقة الأطراف الفلسطينية في بعضها والإرادة الجادة في إنهاء الانقسام، فلا يمكننا مثلاً التأكد من أن إسرائيل ستسمح بتنظيم انتخابات جديدة، أو أنها سترفع الحصار وتفتح المعابر لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، أو أنها ستسهل عملية تطوير الأجهزة الأمنية".

ولفت إلى أنه حتى اللحظة لا يوجد ضمانات بأن المجتمع الدولي سيتعامل مع الحكومة التي ستفرزها حوارات القاهرة، وهو ما يعطي دلالات واضحة أن الأمر، وإن كان مرهوناً بالموقف الفلسطيني الداخلي، فإنه مرتبط بمواقف إسرائيل والولايات المتحدة بالأساس، ومن ثم دول الاتحاد الأوروبي.

 

ووصف ما يحدث من تطورات في الحوار الوطني بالقاهرة بمرحلة عض الأصابع، حيث يحاول كل طرف تحقيق إنجازات لصالحه في الساعات الأخيرة ما قبل الاتفاق النهائي، وبالتالي فإن حسم ما تبقى من قضايا خلافية سيكون تحصيل حاصل. وبين أن أحداً من الأطراف الفلسطينية لا يمكنه تحمل أية مسؤولية عن التراجع في الحوار، ما يعطي مؤشراً على أن تتويج هذه الجلسات سيكون باتفاق وطني خلال أيام.

وقال "لا أعتقد أن أحداً يريد العودة إلى الذكريات السابقة من حال الاقتتال المسلح، نتيجة الاستحقاقات التي تم دفعها جراء ذلك، ومن ثم فإن كل طرف ليس لديه الاستعداد للعودة إلى نقطة الصفر مهما كلف ذلك من ثمن".

 

الجدير بالذكر أن وفود الفصائل والقوى والشخصيات الفلسطينية غادرت القاهرة مساء أمس، وعادت من حيث أتت إلى قطاع غزة والضفة الغربية ودول الشتات، بينما واصلت اللجنة العليا للتوجيه المكونة من عدد محدود من ممثلي الفصائل والشخصيات جلساتها لحسم عدد من النقاط التي تركت من دون توافق في لجان الحوار الخمس.