خبر إفلاس .. يديعوت

الساعة 09:14 ص|18 مارس 2009

بقلم: اليكس فيشمان

مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية

المنطق يقول انه كان شيء كهذا. ان هذا بدأ بعد فترة وجيزة من اختطاف جلعاد شليت. وأنه في كل اسبوع، على الاقل، يوضع على طاولة لواء في هيئة الاركان تقرير يعنى بفرص وامكانيات انقاذ جلعاد شليت. هكذا تصرفوا، على الاقل، في حالات مشابهة في الماضي. مسموح لنا ايضا أن نفترض بانه خلاف التقارير التي تراكمت يقف اناس طيبون جدا خبراء في الاستخبارات وفي العمليات على حد سواء.

لبعض منهم اصبح جلعاد شليت الشغل الشاغل الاساس. وهكذا مرت عليهم سنتان، نحو ثلاث سنين. والطقوس تكرر نفسها: تقرير آخر وبعده تقرير آخر، أما شليت فيوك. وكأن الارض ابتلعته. الاكثر راحة هو اتهام اولمرت. ولكن رجال المهنة الاكثر جودة في العالم او الزعماء الافضل لا يمكنهم أن يفعلوا شيئا اذا لم يكن يتوفر لديهم المعلومات الجيدة.

عجب العجاب. اولئك الاشخاص بالذات ممن كان يفترض بهم ان يأتوا بالمعلومات الاستخبارية عن تواجد جلعاد، الحبيس اغلب الظن على مسافة بضع كيلو مترات من البيت في القطاع المليء بوكلاء الاستخبارات والعملاء، وقفوا أمس في جلسة الحكومة ممتلئين بالشكاوى كالرمان. كلهم مذنبون: الحملة الاعلامية افشلتنا، الهوس الجماهيري اسقطنا، ثرثرة الوزراء صلبت مواقف حماس. كلهم مسؤولون. فقط الاستخبارات غير مذنبة. ليس لديها أي يد او قدم في الفشل. على الاقل في النصف الثاني من الجملة هم محقون. حسب النتيجة حتى الان يخيل أن ليس للاستخبارات حقا أي يد او قدم. فهي لم تساهم اكثر مما ينبغي، على اقل تقدير، في تقدم مسألة شليت. ما فعلته الاستخبارات في جلسة الحكومة فعله في واقع الامر كل باقي المتحدثين: بناء حجة غيبة لفشل مدوٍ.

الحكومة أبنت امس عمليا سياسة المفاوضات لتحرير شليت، والتي اتخذتها في السنوات الثلاث الاخيرة. للوهلة الاولى كان لاسرائيل سياسة كهذه حيال حماس تضمنت مبادىء، خطوط حمراء، تقنيات لاستخدام روافع ضغط، مناورات، استخدام تقنيات مختلفة، استخدام زعماء دوليين وقنوات سرية، ممارسة ضغوط نفسية على المشاركين في القضية وما شابه.

أمس فقط، في الحكومة جلس كل الشركاء الاسرائيليون في المفاوضات لحديث اجمالي وكشفوا السر الفظيع: لم تكن مفاوضات. اسرائيل أدارت مفاوضات من طرف واحد مع نفسها. لعبنا لعبة التظاهر. حماس قررت شروطا قبل نحو سنتين ولم تتحرك عنها قيد أنملة. نتيجة كل المناورات، الالاعيب والتذاكي من جانبنا كانت واحدة: تآكل متواصل للموقف الاسرائيلي، بالمبادىء وبالخطوط الحمراء. نحن شجعنا حماس وتآكلنا بانفسنا. جئنا مع 70 اسما وحماس القت بهم. جئنا مع 120 اسما – حماس القت بهم. جئنا مع 220، حماس القت بهم. جئنا مع 320 – حماس ألقت بهم. إذن ما الذي تغير في كل هذا الزممن؟

وزير الدفاع فهم قواعد اللعب منذ زمن وقال: "اعطوهم الـ 450 خاصتهم ولننتهي من ذلك". آخرون، بمن فيهم رئيس الوزراء، ظنوا حتى يوم امس بان لدينا سياسة ادارة مفاوضات. أمس حسم الامر لديهم. الامر الوحيد المطلوب الان هو ايجاد سياسة مفاوضات حقيقية.

القرارات التي اتخذتها ظاهرا الحكومة أمس هي محاولة المحاولة لانقاذ شيء ما من السياسة القديمة. لعل حماس تصنع معروفا وتتنازل عن شيء ما في اللحظة الاخيرة. عندها تقرر تشكيل لجنة تعنى باساءة الشروط الاعتقالية لرجال حماس. لا ريب أن احمد الجعبري سيكف عن النوم في الليالي. عندما يقال انه ستتشكل لجنة يوم الاحد القادم فان هذا يعني في واقع الامر ان هذا ما ستعنى به الحكومة القادمة. كما تقرر نشر اسماء 10 سجناء وافقت اسرائيل على تحريرهم و10 سجناء آخرين لم توافق عليهم. هذا القرار ايضا هو بث تجاه الداخل: انظروا كم حاولنا، انظروا كم سرنا بعيدا من أجل شليت.

لحماس يقول هذا البث: نحن لا ننشر كل القائمة كي لا نقيدكم. فلعلكم رغم ذلك تتفضلوا، في الايام القليلة المتبقية من حياة هذه الحكومة بان تنقلوا الينا قائمة اسماء تكون مقبولة من جانبنا ايضا.

اذا لم تفعلوا ذلك فسننشر كل القائمة، وعندها فان عائلات السجناء ستضغط عليكم ايضا. هنا ايضا لا يوجد شك: خالد مشعل يجلس في دمشق خاشيا من امكانية أن تنشر اسرائيل قائمة السجناء الكاملة التي تطالب بها حماس ولا تحصل عليها. مظاهرة لعائلات السجناء في غزة تزعج حقا قيلولته في دمشق.

الفرصة الوحيدة لرؤية شليت في الايام القريبة القادمة متعلقة بحماس وبحساباتها الداخلية. ولا بد أن قادة حماس يهضمون الان ما حصل في الحكومة امس. اذا ما توصلوا الى الاستنتاج بانهم نجحوا في استنفاد الحد الاقصى ولن يحققوا اكثر من ذلك، يحتمل ان يقرروا اللقاء مجددا مع عوفر ديكل في القاهرة، ان يطرحوا قائمة مغايرة وان يقبلوا جزءا من شروط اسرائيل. الفرصة وان لم تكن كبيرة – الا انها قائمة.

في هذه الاثناء يا سادتي، فشلتم في معالجة مسألة جلعاد. ما كان يمكن تحقيقه في الاسبوع الاول بثمن زهيد ودون المس بمصالح اسرائيل يمكن تحقيقه اليوم بثمن باهظ مع مس شديد بمصالح الدولة. هذه ليست مفاوضات. هذا إفلاس.