خبر حملة لتحسين صورة الدولة العبرية ..ياسر الزعاترة

الساعة 09:04 م|17 مارس 2009

صحيفة الدستور الأردنية

بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فقد قررت وزارة الخارجية شن حملة لتحسين صورة الدولة العبرية، معترفة بأن تلك الصورة قد تضررت كثيراً بسبب الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتقارير المتواصلة عن استمرار الاستيطان.

 

بحسب الصحيفة، فإن تقارير مقلقة تصل من السفارات الإسرائيلية في الخارج تتحدث عن "تآكل في شرعية دولة إسرائيل"، وأنها "توشك أن تعتبر في أوساط نخب معينة في أوروبا دولة منبوذة مثلما كانت جنوب إفريقيا في عهد الآبرتهايد".

 

لا يعنينا هنا مدى نجاح الحملة المذكورة، في وقت ندرك فيه قدرة اللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة وأوروبا على تزوير الحقائق والتلاعب بالرأي العام، ومن يتابع الحضور اليهودي في هوليوود منذ عقود، لا سيما ذلك الحشد الرهيب من الأفلام التي عالجت قضية الهولوكست، وما زالت تنتج إلى الآن، يدرك هذه الحقيقة.

 

ما يعنينا هنا هو أن كل الأكاذيب التي قيلت بشأن الصراع مع الفلسطينيين، وبشأن الصواريخ التي تستهدف المدنيين، وكل الزيارات التي رتبت وما زالت ترتب للمناطق التي تستهدفها تلك الصواريخ والدموع التي تذرف، لم تغير كثيراً في واقع التعاطف الغربي مع الفلسطينيين، حتى عندما كانت حماس المتهمة بالإرهاب هي التي تقودهم في المعركة الأخيرة على القطاع.

 

عندما يكون مصير جندي واحد في الخطاب الإعلامي الغربي، ومعه الخطاب الرسمي، أكثر أهمية من مصير 11 ألف معتقل في سجون الاحتلال، فمن الطبيعي أن يشعر المواطن الغربي بالنفاق الذي تمارسه أنظمته الرسمية. وعندما لا يتجرأ أحد على التحذير من مشاركة عنصري مثل ليبرمان في الحكومة الإسرائيلية، بينما انتفض بكل قوة عندما فاز اليميني العنصري هايدر في النمسا، فلا بد أن يشعر الناس بحجم ذلك النفاق.

 

ما يعنينا أكثر من ذلك هو التأكيد على أن المقاومة لا تشوه صورة الفلسطينيين، حتى في أكثر تجلياتها قوة (العمليات الاستشهادية)، كما لا تخدم صورة العدو، بل إن المفاوضات والقبلات هي التي تخدم العدو أكثر، بدليل أن واحدة من أكثر المراحل قوة في عطاء المقاومة، أعني مرحلة انتفاضة الأقصى وصولاً إلى معركة مخيم جنين البطولية هي التي دفعت 59 في المئة من الأوروبيين، وبحسب استطلاع للاتحاد الأوروبي، إلى القول إن الدولة العبرية هي الأخطر على السلام العالمي، تليها الولايات المتحدة، وها هي المعركة الأخيرة تفعل ذات الشيء، ومن يتابع تلك المواقف الغربية هنا وهناك من الكيان الصهيوني بعد العركة يدرك ذلك تمام الإدراك.

 

نعم، ليس صحيحاً أن السلام والمفاوضات ورفض العسكرة والعنف هو الذي يمنح الفلسطينيين صورة الضحية ويجلب التعاطف معهم، بينما يفعل عكس ذلك مع الطرف الآخر، فالشعوب الحرة في كل مكان من هذا العالم تحترم الشعب الذي يقاوم عدوه ولا يستسلم لإملاءاته، والفلسطينيون يكسبون كلما تحدوا عدوهم وضحوا خلال مواجهتهم معه.

 

إن هذه الوفود التي تقاطرت إلى قطاع غزة هي في معظمها تعبير عن هذه الموجة من التعاطف مع الفلسطينيين وصمودهم ومقاومتهم، وعندما تذرف امرأة بوزن الوزيرة البريطانية السابقة كلير شورت الدموع أمام الأنفاق التي ذكّرتها، بحسب قولها، بواقع أهلها أيام الحرب العالمية، فتلك رسالة بالغة الأهمية أن هذا الظلم الإسرائيلي لن يزيف وعي العالم إلى ما لانهاية.

 

إن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد الذي يجلب الإنجازات للفلسطينيين، بينما لم يمنحهم خيار التفاوض سوى البؤس والمذلة، في ذات الوقت الذي حسّن صورة عدوهم، ومنح كبار مجرميه أوسمة السلام، بينما هم اليوم خائفون من دخول عدد من الدول المحاكمة خشية التعرض للاعتقال والمحاكمة، ولا يخفف عنهم سوى الانحياز الأمريكي والغربي الرسمي لهواجسهم.