خبر واجب البرهان على كاهل بيبي.. هآرتس

الساعة 09:41 ص|17 مارس 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

الجمهورية الرومانية كانت في ذروة ازدهارها عندما تحكم في مقاليد الامور فيها باتفاق متبادل، قنصلان يتمتعان بمكانة متكافئة. الا ان ذلك حدث قبل الميلاد بعدة مئات من السنين. الآلية الاقرب لطريقة الحكم الرومانية تلك طبقت عندنا في حكومة التناوب بين بيرس وشامير. رغم انهما كانا خصمين سياسيين الا انهما استطاعا بلورة شراكة في ادارة حكومة التناوب ونجحا معا في تخفيض التضخم بدرجة ملموسة ووضعا نهاية لحرب لبنان.

كيف نجح رجل اليسار ورجل أرض اسرائيل الكاملة في العمل معا بهذا التنسيق القوي؟ اولا السبب يعود لنتائج الانتخابات التي لم تسمح باقامة حكومة راسخة في تلك الاوقات العصيبة. وثانيا لان اللغة السياسية ثرية بما يكفي لبلورة برنامج لتلك الحكومة. وثالثا لان مصطلح التناوب لا يعني تقاسم الحكم وانما تقاسم اللقب فقط. فعليا بيرس وشامير عملا بشراكة كاملة في كل مسألة.

المبادرة لاقامة حكومة وحدة مع تسيبي لفني جاءت من بيبي بصورة مفاجئة. ليس معروفا ان كان ذلك ذريعة ام خشية ان يجد نفسه في حكومة يمينية ضيقة ومتطرفة. الا انه رفع سماعة الهاتف اولا. بعد وجبة العشاء التي تواصلت حتى ساعات الليل المتأخرة مع الزوجين جاءت مكالمة اخرى واخرة بين المقربين من الجانبين حيث يحث اتباع لفني قائدتهم على القبول بحكومة التناوب. بيبي لم يرغب بالسماع عن ذلك في البداية. ربما لان اتفاق التناوب بين شامير وبيرس قد نجح ولهذا لا يتخيل بيبي نفسه وهو يخلي مقعده للفني بعد انتهاء مدته.

الا ان بيبي اكثر من اي شيء اخر ليس مستعدا لقبول حقيقة انه لم ينتصر بصورة كاملة. فجوة من مقعد واحد تحوله الى معتمد على نزوات كل سياسي عابر. وفي الوقت الذي تهب فيه في اوروبا رياح مناهضة لاسرائيل وسفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة سابقا جون بولتون يقول ان ادارة اوباما ستعتبر اسرائيل عبئا – يكون حكم اليمين المتطرف آخر مسألة تحتاجها اسرائيل في هذه الفترة.

حكومة الوحدة الواسعة تبدو افضل صيغة سلطوية الان. ولكن مع قاعدة من (27) عضو كنيست يصبح رئيس الوزراء قابلا للابتزاز. ان كان الخبر في ان بيبي هو المبادر للتحالف مع كاديما صحيحا فربما كان اللحن الذي تردد مع عودته (وباراك ايضا) بأنه قد "تغير" صحيحا بالنسبة له على الاقل.

ولكن الشيطان كما نعلم يختبيء في التفاصيل. عندما اقترح على لفني الشراكة اعتقد انها ستسقط على رقبته رغم ان فكرة التناوب لم تلفظ من قبله. الا ان لفني هي "شخص قوي المراس" من الجنس النسوي. هي قالت له وفقا لاحد مقربيها هيا بنا نجلس ونتفق على ان لدينا معا (55) مقعدا وعلى اساس ذلك نبلور وضعا لا يمكن فيه لاي شريك ان يحل الحكومة متى اراد. وبينما يتصبب بيبي عرقا في الائتلاف اليميني المتطرف من شدة الضغط – هذه الميزة التي لازمته في فترته الاولى في كل مرة علق فيها في ضائقة – لفني عرضت عليه شراكة واستقرارا لاربع سنوات ونصف.

حقيقة: ما ان بدأت الانباء حول حكومة الوحدة تتسرب، حتى لطف ليبرمان من لهجته: هو يعترف بحل الدولتين لشعبين ومستعد لاخلاء تجمعات سكانية من اجل السلام وحتى جاهز للرحيل عن بيته في مستوطنة نوكديم. ليبرمان تحول فجأة الى مقرب من لفني اكثر من قرب لفني لبيغن ولرقم 2 من حوله عوزي لاندو. الامر الذي يبرهن على انه مستعد للبقاء في حكومة الوحدة ايضا.

لفني غير مستعدة للتنازل عن مبدأ التناوب. "انا لا ارمش بسرعة كما يتوقع"، هي تقول. هي مستعدة للشراكة ولكن ليس باي شرط. من اللحظة التي انتخبت فيها رئيسة لحزب كاديما ومرشحة عنه لرئاسة الوزراء، تعاهدت بانها ان فازت في الانتخابات باغلبية قوية فستسعى لحكومة وحدة مع الليكود ومع العمل. ولكنها لا تنوي الانضمام لحكومة الوحدة باي شرط وليست عازمة هي وكاديما على ان تكون بصامة.

لفني مستعدة للدخول في حكومة وحدة على اساس الادارة المشتركة مع بيبي: "شراكة حقيقية في الادارة وفي المضمون وفي صنع القرارات خلال كل فترة الحكومة. هذا يعني التناوب بصورة اساسية"، هي تقول. ان كان توجه نتنياهو جديا وليس مناورة فعليه واجب البرهنة : ليطلب غدا من الرئيس تمديدا لطرح حكومة واسعة.