خبر يرفضون ويبكون.. هآرتس

الساعة 09:38 ص|17 مارس 2009

بقلم: عكيفا الدار

وفقا للصفقة المتبلورة مع حماس، جزء هام من السجناء الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم من السجون لن يسمح له بالعودة الى منزله. هم سيخرجون لمناطق اخرى، على افتراض ان هذا الامر سيصعب عليهم التواصل مع المسؤولين عنهم. هم سيضطرون للاكتفاء بحق جمع شملهم مع عائلاتهم. في صفقة مشابهة جرت قبل سبع سنوات اثر تمترس ثلة من المسلحين في كنيسة المهد في بيت لحم، تم ابعاد سلطان الهريمي وصهره ياسين الى قطاع غزة. رويدا الزوجة والابنة والاطفال ماجد ووليد انتقلوا هم ايضا من الضفة الغربية ولحقوا بالاب والجد.

في اطار اتفاق المبعدين خرجت رويدا واطفالها في ايلول 2006 لزيارة ابناء العائلة في بيت لحم. منذ ذلك الحين لم يعد من حق الثلاثة ان يعودوا للقطاع. وهي تحاول منذ عامين ونصف مرارا وتكرارا مجربة حظها بالعودة الا ان كل طلباتها ترفض بتعليل امثل: "حظر امني"، وهذا بسبب تغير الظروف – سيطرة حماس على القطاع والاغلاق العام المفروض على المنطقة، باستثناء حالات انسانية. رويدا توجهت اسفة الى مركز حماية الفرد، مؤسسة حقوق الانسان التي تساعد الفلسطينيين في ضائقة للحصول على خدمة قانونية امام القضاء الاسرائيلي. المحاميان عبير جبران وعيدو بلوم ذكرا قضاة محكمة العدل العليا بقرار كان قد صدر عن نفس المحكمة في عام 1999 وجاء فيه: "ليست هناك صلة نفسية بالنسبة للانسان اقوى من صلته بابناء عائلته المقربين. وصلة الانسان باطفاله وزوجه او زوجته هي الاقوى. هذا هو حال علاقة الام باطفالها وكذلك علاقة الاب باطفاله. هذه عبارة طبيعية وهي اقوى واسمى من اي عبارة اخرى".

رئيسة محكمة العدل العليا دوريت بينيش والقضاة مريم نائور واليكيم روبنشتاين اتفقوا على ان امامهم امرأة واطفالا قد تم ابعادهم عن اعزائهم من دون ذنب اقترفوه. القرار الذي صدر في الشهر الماضي جاء فيه بان القضاة مدركون للوضع الصعب الذي علقت فيه العائلة المحظورة من جمع شملها. وهم يفترضون ايضا ان هذا الوضع سيتغير ان طرأ تغيير على الوضع الامني في هذا السياق او ان تغيرت السياسة المشتقة من هذا الوضع. من الممكن تقريبا رؤية الدموع وهي توشك على الخروج من عيون القضاة ولكن الخلاصة – "لا نرى ذريعة للتدخل من اجل تقديم المساعدة المطلوبة".

يبدو ان قطع صلة الاب باطفاله والزوج بزوجته والابنة بابيها والاطفال بجدهم يعتبر مشكلة انسانية فقط عندما يتعلق الامر بجندي اسرائيلي اسير. التمعن في تقرير "مذنبين" الجديد الذي نشرته منظمة "حاجز ووتش" يفيد بان المئات بل الالاف من المواطنين الفلسطينيين يقبعون في السجون اشهرا وربما سنوات من دون ذنب اقترفوه. التقرير يصف حادثة فايزة فودا ابنة الثالثة والخمسين عاما من بيت لحم هذه المرأة اعتقلت في تشرين الاول 2006 بتهمة العضوية والنشاط في تنظيم ارهابي. جوهر نشاطاتها ادارة روضة اطفال بجمعية النقاء. المحكمة العسكرية قبلت الادعاء بان فودا لم تعرف بالمرة ان الشاباك قد اعلن عن جمعية النقاء التي شغلتها طوال سبع سنوات كمؤسسة محظورة. معلمة الروضة هذه حكمت 18 شهرا في السجن 15 شهرا في السجن مع وقف التنفيذ.

يرفضون ويبكون – 2

ايضا في ظل حالة شعوان جبارين يطرح التساؤل عن سبب شكوى وزير العدل دانيال فريدمان من ان محكمة العدل العليا اكثر اصغاءا لادعاءات الفلسطينيين من اصغاءها لاحتياجات اسرائيل الامنية. في الاسبوع الماضي رفضوا التماسه الرابع. شعوان هو المدير العام لمؤسسة الحق لحقوق الانسان الاكثر قدما في المناطق وهي موجهة ضد الشاباك الذي يمنعه منذ اكثر من عامين من السفر للخارج. جبارين لا يمتلك اي تصور تقديري للسبب الذي يقف من وراء حظره باستثناء الادعاء العام بانه عضو في منظمة معادية. الدعوة الاخيرة رفضت مثل سابقاتها على اساس وجود معلومات امنية سرية ولا يسمح للمتهم بالاطلاع عليها.

النيابة العامة للدولة تسعى في الرد الذي قدمته في هذه الايام لمحكمة العدل العليا في اطار استجابتها لدعوى مقدمة من زهافا جالئون ومنظمات حقوق الانسان ضد "قانون المواطنة" تسعى في الواقع لاخراج الشاباك من اية انتقادات شعبية او قضائية. "جهاز الامن العام هو الطرف المهني الاساسي الذي يتحقق بصورة مفصلة من اوضاع رعايا العدو (بنفس الوثيقة تقرر ان العدو هو الشعب الفلسطيني) وهو الذي يتحمل المسؤولية ان فشل تقديرهم التفصيلي هذا وتسللت التنظيمات الارهابية الى اسرائيل بوسائل مختلفة".

وكيف يمكن رغم ذلك كله دحض ادعاءات الشاباك؟ الدولة تطالب بان "يطرح الملتمسون موقفا مهنيا مضادا ومبرهنا حول فعالية وجهة النظر التفصيلية الشخصية التي يقدمها الشاباك". كيف بالضبط؟ ان يقوم الاطفال المبعدون عن آبائهم بتشكيل شاباك بديل؟ ام ان تطرح الامهات امام القضاة "مادة امنية سرية"؟.