خبر رصاصة في قلب المفاوضات- يديعوت

الساعة 11:09 ص|16 مارس 2009

بقلم: اليكس فيشمان مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية

غدا، في الوقت الذي تجتمع فيه حكومة اسرائيل للبحث في تحرير جلعاد شليت، تجلس عائلتا الشرطيين اللذين قتلا في عملية اطلاق النار في الغور، ايام الحداد السبع على عزيزيهما.

العملية أمس والجنازتان اللتان ستأتيان بعدها ستعيد الى وعينا جميعا وجود الارهاب الفلسطيني المنظم، ذاك الذي لم نشعر فيه منذ زمن طويل في الضفة. ما عرفناه في الاشهر الاخيرة كان اساسا "ارهاب شخصي" في القدس، تعلمنا، لسبب ما، كيف نتعايش معه.

الوزراء الذين سيقفون اليوم امام  الميكروفونات ليلقوا كلمات التأبين الرسمية ويعلنوا عن اننا لن ندع القتلة واننا سنطاردهم ونعاقبهم، سيكون من الصعب عليهم جدا ان يتخذوا غدا قرارا بتحرير 450 قاتلا القي القبض عليهم في ظروف مشابهة بل واسوأ من هذه. ثلة اطلاق النار على شرف الشرطيين في المقبرتين ستجسد ايضا للمواطن الاسرائيلي، الذي كاد ينسى ما هو الارهاب، حجوم الثمن الذي ستدفعه اسرائيل لحماس. من ناحية عائلة شليت، القاتل في الغور من شأنه أن يشكل ضربة شديدة واخراج الريح من اشرعة الضغط الجماهيري الذي يمارس هذه الايام على اصحاب القرار.

تحذيرات من عمليات في الضفة كانت ولا تزال كل الوقت. صباح أمس فقط انشغل افراد شرطة لواء تل أبيب بانذار ازيل بالنسبة لعملية محتملة في قلب المدينة. الارهاب لم ينم. خلايا سرية لحماس في الضفة تواصل العمل، خلايا الجهاد الاسلامي تستيقظ، ويوجد ايضا المنشقين عن فتح.

في الاسابيع الاخيرة فقط نشرت السلطة الفلسطينية بان قواتها اعتقلت خلية ارهابية في الضفة اتخذت لنفسها أسم "خلية مغنية". وكانت الخلية تتشكل من رجال قوات الامن الفلسطينيين الذين قرروا العمل باسم الجهاد العالمي والانتقام لاغتيال عماد مغنية في دمشق. وامس نشرت في "الجزيرة" بان الخلية التي اخذت على عاتقها المسؤولية عن قتل الشرطيين تسمى "خلية مغنية". من غير المستبعد ان تكون تلك الخلية التي اعتقلت جزئيا فقط هي التي نفذت العملية.

في اسرائيل يعتقدون بان الهدوء النسبي الذي ساد في الضفة على مدى اشهر طويلة هو نتيجة السيطرة العميقة للمخابرات والجيش الاسرائيلي على الارض، والاعمال المكثفة والناجعة لاجهزة الامن الفلسطينية الخاضعة للسلطة ضد محافل المعارضة على انواعها. هذا التقدير المتفائل دفع اسرائيل الى اتخاذ القرار بمنح الفلسطينيين بضع تسهيلات في الحركة، بما في ذلك ازالة حواجز في منطقة نابلس. فهل توجد صلة مباشرة بين ازالة الحواجز حقا في هذه الايام والعملية أمس؟ الطريق التي نفذت فيه العملية واختيار الهدف يدلان على قدرات قائمة في الميدان. مع قدرات كهذه فانها مسألة وقت فقط الى أن تتسلل العمليات الى داخل الخط الاخضر ايضا.

في هذه النقطة يجدر الانتباه جيدا الى شريط نشره اول أمس اسامة بن لادن. القسم ذو الصلة في الشريط من ناحية اسرائيل ليس بالذات الاعلان بان حملة "رصاص مصهور" في غزة مثلها ككارثة يهود اوروبا. بن لادن دعا الى تحويل الاردن الى قاعدة انطلاق للجهاد العالمي ضد اسرائيل. ثمة مجال للفحص اذا كان المخربون الذين نفذوا العملية أمس قد انطلقوا من الاردن. تصريحات من هذا النوع من جانب بن لادن ليست صدفة، فهي تعبر بشكل عام عن استعدادات ونوايا، وقد حددت اسرائيل كهدف للجهاد العالمي في عصر ما بعد الخروج الامريكي من العراق.

ورغم كل ذلك، سيكون من الخطأ تأبين المفاوضات لتحرير شليت منذ الان. صحيح أن عوفر ديكل ورئيس المخابرات يوفال ديسكن يعودان من مصر في ذروة ازمة كبيرة، الا ان هذه الازمة لا تبشر بالضرورة بنهاية المفاوضات وبنهاية هذه الجولة دون شيء. ازمات كهذه تتميز بها الاوضاع عشية انهاء المفاوضات، على شفا اتخاذ القرارات الحاسمة.

منذ يومين وهم يعدون الرأي العام في اسرائيل للدراما. الكثير من الخطابة ستسمع غدا في جلسة الحكومة. رئيس الوزراء لا بد سيعرض الجهود التي بذلت لتحرير شليت، الثمن بالخطوط العامة وحقيقة أننا وصلنا الى "الخط الاحمر" بمعنى ان هذا هو الثمن الاخير والنهائي الذي نقترحه على حماس. كما أنه تجاه هذه الدراما ينبغي التعاطي كجزء من مراحل المفاوضات. حماس في القاهرة تحافظ على "وجه جامد لا ينم عن أي مشاعر"، وبالمقابل تعلن اسرائيل بان هذا هو، اكثر منه غير مستعدة لان تقدمه.

ولكننا لسنا حقا في اللحظة الاخيرة. الطرفان يفهمان بانه يوجد على الاقل اسبوع آخر، ان لم يكن ثلاثة اسابيع، الى أن تعرض الحكومة الجديدة في اسرائيل بحيث انه يوجد وقت آخر لشد الاعصاب المتبادل. العملية أمس يجب أن توضح لحماس بان الزمن لا يلعب في صالحها وان مزاج الرأي العام في اسرائيل يمكن أن يتغير بسرعة. وتجدر الاشارة الى انه في اللحظة التي تتشكل فيها حكومة جديدة في اسرائيل ستمر كل المفاوضات في نوع من الفحص المتجدد بل وربما يتغير المفاوضون.

رئيس  المخابرات يوفال ديسكن سافر هذه المرة مع عوفر ديكل الى القاهرة لان المخابرات هي التي استخدمت الفيتو ضد تحرير جزء من السجناء الى ديارهم. المخابرات اصرت ولا تزال على ابعاد نحو 100 من السجناء الى خارج حدود الدولة. حماس لا تقبل بهذا الشرط. احد كبار الناطقين بلسانها أعلن امس بان حماس لن توافق على طرد فلسطينيين من المناطق. فـ "حماس هي منظمة تعمل في سبيل حق العودة ولن تساهم في الابعاد مثل منظمة فتح". يوجد هنا موضوع رمز وطني تصر عليه حماس، وهذا في واقع الامر هو لب الازمة الحالية في المفاوضات. اضافة الى ذلك توجد قائمة اخرى من بضع مخربين قلائل تطالب حماس بتحريرهم بينما اسرائيل لا تعتزم تحريرهم باي حال من الاحوال.

حماس تريد جدا 1.400 سجين وعليه ففي اثناء الاسبوع القريب القادم هناك ايضا سيجرون الحساب. سيتعرفون جيدا على المزاج في النقاش في الحكومة اليوم وعلى المزاج في الجمهور بعد العملية، ولن نفاجأ اذا ما وصلت في غضون يوم – يومين من مصر رسالة تقول: "يوجد ما يمكن الحديث فيه، حماس مستعدة الان لابعاد 70 سجينا. وعندها ماذا سنفعل، ألن نرسل مبعوثا؟ الن نحاول فحص امكانية عقد الصفقة؟".