القائد "خالد الدحدوح".. ذكرى استشهاد رجل أمني وعسكري من الطراز الأول

الساعة 10:06 ص|01 مارس 2021

فلسطين اليوم

ما أكثر الذكريات في فلسطين.. فكل يوم تتجدد ذكريات الشهداء العظام.. ومع كل ذكرى نحيي من جديد ذكريات قادة ومجاهدين ارتقوا لعلياء السماء.. وتتجدد ذكرى قائد ومجاهد لطالما تشوقت نفسه أن يكون شهيداً.."

تُطل علينا اليوم الأحد الموافق 1/3/2021 ذكرى استشهاد أحد أبرز قادة العمل الجهادي المقاوم في فلسطين، الشهيد القائد "خالد الدحدوح" "أبو الوليد"، الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية في الأول من آذار/ مارس من العام الماضي 2006.

نشأة قائد

أبصر شهيدنا القائد "خالد الدحدوح" النور في تاريخ 22-5-1965 في حي الزيتون بمدينة غزة الصمود والإباء , وقدر الله عز وجل أن يكون ترتيبه الثالث بين أخوته في الأسرة, وتلقى دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدراس حي الزيتون.

ونشأ شهيدنا المقدام في أسرة مؤمنة مجاهدة , تلمذت أبنائها على حب الجهاد والمقاومة , وقدمت في سبيل الله قافلة طويلة من الشهداء والجرحى , ومازالت سائرة على درب ذات الشوكة .

وقائدنا الشهيد "خالد" متزوج ورزقه الله بـ 6 من الأبناء , وارتقى اثنين منهم إلى علياء المجد والخلود, حيث استشهد كامل الدحدوح نجل الشهيد "خالد الدحدوح" في تاريخ 25-9-2009 في قصف صهيوني استهدفه شرق غزة , وارتقي نجله الثاني "ادهم الدحدوح" في حادث سير مؤسف في تاريخ 10-8-2010.

"أبو الوليد" بين المقاومة والشهادة

برز خالد الدحدوح الشهير بأبي الوليد كأحد أبرز قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة خلال الانتفاضة الحالية. ولمع اسم ابو الوليد وهو في العقد الرابع من عمره بتصدره لقائمة مطلوبي سرايا القدس من قبل الاحتلال خاصة بعد عمليات الاغتيال التي طالت قادة السرايا ومن أبرزهم محمود الزطمة ومقلد حميد ومحمود جودة وخليل الدبش ومحمد الشيخ خليل .

وبحسب قائد في سرايا القدس أكد ان "ابو الوليد" يترأس وحدة التصنيع التابعة للسرايا في غزة كما يقود الوحدة التقنية في السرايا، وأضاف القائد في السرايا أن ابو الوليد وقف خلف العديد من العمليات العسكرية التي نفذها الجناح العسكري ضد الاهداف الصهيونية في قطاع غزة خلال الانتفاضة الحالية وخاصة عمليات اطلاق الصواريخ واقتحام المواقع العسكرية والمستوطنات اليهودية قبل الانسحاب الصهيوني. ووصف القيادي في السرايا فقدان الدحدوح وقد غلبت عليه مشاعر التأثر والحزن بأنه " مصاب جلل وعظيم " .

ويتمتع أبو الوليد بابتسامة وروح مرحه ميزته عن الكثير من القادة العسكريين الذين دوما تغلب عليهم روح الجدية والعصبية.

روح الدعابة مع الحس الأمني

وحسب المقربين منه، فان الدحدوح يتميز بابتسامته الهادئة وروح الدعابة التي يتمتع بها, وقد كان يتمتع بالحس الأمني العالي عندما كان لا يحدث أحداً بما يخطط وبما يدور في رأسه إلا الأشخاص المعنيين والمكلفين لتنفيذ المهمات التي كان يخطط لها.

وقال قيادي في سرايا القدس " كان أبو الوليد في الاجتماعات الخاصة يتخذ كافة التدابير الأمنية, وكان لا يحمل هاتفاً خلوياً في جيبه وكان يطلب تنفيذ الاحتياطات الأمنية في التعامل مع جميع أجهزة الاتصال وخاصة في وقت الاجتماعات حيث كان يطلب منا وضعها خارجاً أو في مكان بعيد.

وأضاف :" في الفترة الأخيرة قبل استشهاده كان يرفض الخروج في السيارات, فهو كان يحب أن ينهي أعماله مترجلا كي لا تشعر به طائرات الاستطلاع والعملاء, فكثيراً ما كان يغير أماكن سكنه وكي لا يعرفه احد في الأماكن التي يسكن بها كان لا يختلط بجيرانه وكان قليل التحرك".

وتابع :" ما كان يخرج في السيارات إلا للضرورة, لكنه كان يطلب من جميع من هم في السيارة أخذ الاحتياطات الأمنية في قضية الجوالات, ورغم أن طبيعة عمله في وحدة التصنيع كان لا بد أن يتحرك إلا ان تحركاته كانت حذرة"

عائلة الشهداء

تعتبر عائلة الدحدوح واحدة من ابرز العائلات الفلسطينية التي كان لهم دورا ًبارزاً في ميادين العزة والفخار، فكان ثمار تضحياتها منذ العام 1948م حتى يومنا هذا سبعة عشر شهيدا ً جميعهم ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، ناهيك عن عشرات الجرحى و الأسرى.

جذور عريقة

عائلة الدحدوح عائلة فلسطينية عريقة تعود جذورها إلى شبه الجزيرة العربية ببلاد الحجاز، حيث انتقلت العائلة للاستقرار في منطقة شرق الأردن، ومن هناك رحل بعضهم إلى سوريا، وآخرين سكنوا شمال فلسطين بمدينة نابلس، والجزء الآخر توزع بين ارض الكنانة مصر، وغزة هاشم حيث استقروا بمنطقة باب "الدارون" بحي الزيتون وسط مدينة غزة، و يبلغ تعدادهم حسب آخر الإحصائيات نحو 2500 نسمة، يعملون في حرف ومهن مختلفة أهمها التجارة والزراعة، وهي من العائلات الميسورة بغزة.

تميزت عائلة الدحدوح على مدار السنوات الماضية بدورها النوعي في مواجهة الاحتلال الصهيوني حيث ساعدت ظروفها الاقتصادية وعملها في التجارة والزراعة على إيواء العديد المجاهدين وتوفير العتاد العسكرية لهم، فقدمت في عام 1948م الشهيد خالد محمود الدحدوح 23 عاماً الذي سقط مدافعا ًعن مدينة "يافا" المحتلة، وفي نكسة عام 1967 قدمت الشهيد أحمد حمدان الدحدوح الذي سقط في حرب "المخيمات"، وفي عام 1968م اعتقل الحاج شعبان الدحدوح والد الشهيد القائد خالد الدحدوح "أبو الوليد" بتهمة دعم الفدائيين وتوفير سبل الأمان لهم، حيث أوى في بيته الفدائيان موسى وعارف عاشور قبل تمكنهم من الخروج إلى مخيمات اللجوء خارج الوطن المسلوب.

عائلة المجاهدين

مع بداية تشكيل النواة الأولى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كان شباب وشيوخ عائلة الدحدوح من أوائل من آمنوا بفكر ونهج حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ضد الاحتلال الغاشم، فكانت الانتفاضة الأولى بمثابة الشرارة التي أججت في صدورهم نار المقاومة والجهاد، فكان منهم الاستشهادي البطل فخري الدحدوح مفجر ثورة سلاح السكاكين حيث استطاع الوصول يوم 15-1- 1993م إلى مدينة تل الربيع "تل أبيب" رغم الإجراءات الأمنية الصهيونية المعقدة، وتمكن من قتل اثنين من اليهود الصهاينة وجرح أكثر من عشرة آخرين بإصابات مختلفة وذلك حسب اعترافات المصادر "الصهيونية" آنذاك، وبعد العملية قامت قوات الاحتلال الصهيونية بحملة اعتقالات واسعة طالت العديد من أبناء عائلة الدحدوح وكوادر حركة الجهاد الإسلامي، وكان على رأس المعتقلين الشهيد القائد أبو الوليد الدحدوح ليقضي ثلاثة سنوات من عمره في غياهب السجون وأقبية التحقيق الصهيونية.

القافلة تمضي

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة كانت عائلة الدحدوح من أوائل العائلات الفلسطينية المجاهدة التي هبت لنصرة القدس والدفاع عن مسرى حبيبنا المصطفي صلى الله عليه وسلم، فقدمت الشهيد تلو الشهيد في العمليات والاشتباكات والاغتيالات إلى أن وصل عددهم في انتفاضة الأقصى( 15 ) شهيدا ً جلّهم من قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، من أبرزهم: "الشهيد محمد الدحدوح "أبو عبيدة"، والشهيد أيمن شعبان الدحدوح، والشهيد أمين حمدان الدحدوح، والشهيد عبد الكريم الدحدوح، والشهيد مهدي الدحدوح، والشهيد محمد شعبان الدحدوح، والشهيد محمد فهمي الدحدوح، والشهيد خالد شعبان الدحدوح "أبو الوليد"، وأخيراً نجله الشهيد كامل خالد الدحدوح" .

إصرار على العطاء

الحاج إبراهيم شعبان الدحدوح "أبو إبراهيم" مختار عائلة الدحدوح بقطاع غزة أعرب عن فخر واعتزاز عائلة الدحدوح بتاريخها المشرف ضد الاحتلال الصهيوني.

وقال أبو إبراهيم :" إننا في عائلة الدحدوح نشعر بالوحدة والتضامن رغم الاختلافات في التوجهات السياسية ووجود التيارات والفصائل المختلفة بصفوف أبناء عائلتنا التي يغلب عليهم الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي"، داعيا ً حركتي " فتح وحماس إلى الكف عن المناكفات السياسية والوحدة لمواجهة غطرسة الاحتلال الصهيوني و الدفاع عن مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.

وشدد الدحدوح على مدى إصرار أبناء عائلته على مواصلة طريق ذات الشوكة وعلى أن يكونوا مشاريع شهادة للرد على أي خروقات واعتداءات صهيونية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.

رحيل القائد

استشهد القائد المجاهد خالد الدحدوح (أبو الوليد) بتاريخ 1-3-2006 م ، قائد سرايا القدس اثر عملية اغتيال بشعة نفذتها طائرات الاستطلاع الصهيونية على سيارته بمدينة غزة.

وذكرت مصادر محلية أن الطائرات الصهيونية أطلقت صاروخا على الأقل على سيارة مدنية من نوع سوبارو كانت تسير بالقرب من مجمع الوزارات جنوب جامعة الأزهر بمدينة غزة مما أدى إلى استشهاد قائد سرايا القدس.

يذكر أن الدحدوح يعد أحد أبرز المطلوبين الفلسطينيين في قطاع غزة لدى الدولة العبرية والذي تصدر اسمه مراراً قوائم المطلوبين للدولة العبرية من سرايا القدس في قطاع غزة.

ونقل عن شهود عيان في مدينة غزة، القول إنه، وبينما كان الدحدوح (ابو الوليد)، الذي نجا من عدة محاولات اغتيال. يسير على قدميه قرب مبنى وزارة المالية الفلسطينية في حي «تل الهوا» انفجرت سيارة مفخخة من نوع سوبارو بيضاء اللون، كانت متوقفة على جانب الطريق، الأمر الذي أدى إلى مقتله على الفور، وتحولت جثته إلى أشلاء تطايرت على امتداد مساحة كبيرة، إذ قضى رجال الإسعاف والمواطنين وقتا طويلا في جمع الأشلاء. وبعد نقل الدحدوح إلى مستشفى دار الشفاء في غزة، توافد الآلاف من عناصر ومناصري حركة الجهاد، وجموع غفيرة من أهالي مدينة غزة، يتقدمهم قادة الحركة والأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية، بينما تجمهر المئات من الفلسطينيين الغاضبين، وطالبوا بالرد الفوري والقاسي على عمليات الاغتيال المتواصلة بحق قادة المقاومة، والعدوان الصهيوني المتواصل في الأراضي الفلسطينية.

وقالت مصادر خاصة بالسرايا، إن الدحوح يحمل صفة «رئيس المجلس العسكري» لـ«سرايا القدس»، وتحمله المخابرات الصهيونية العامة «الشاباك» مسؤولية جميع عمليات إطلاق صواريخ محلية الصنع، التي تقوم بها الحركة ضد البلدات الصهيونية في منطقة النقب الغربي، جنوب الكيان.

وكان اسم الدحدوح يتصدر قائمة مكونة من 70 من قادة وكوادر حركات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مطلوبة حية أو ميّتة لسلطات الاحتلال. وتعرض لخمس محاولات اغتيال، وقتل شقيقه أمين الذي كان قائد وحدة التصنيع في سرايا القدس، وابن عمه ايمن، وهو من القادة الميدانيين في السرايا في محاولة اغتيال وقعت في 29 فبراير (شباط) 2004.

ويحظى ابو الوليد باحترام واسع في قطاع غزة، حيث يقيم شبكة علاقات قوية مع جميع قادة الأذرع العسكرية لحركات المقاومة، فضلاً عن علاقاته المتينة مع العائلات الفلسطينية. وقال أبو أحمد أن (أبو الوليد)، كان من ابرز المنسقين لعمليات السرايا في الضفة الغربية أيضا، مشيراً إلى أنه تولى قيادة السرايا في قطاع غزة وبعض مناطق الضفة الغربية. واضاف أنه كان يشرف شخصياً على عمليات السرايا وعمليات إطلاق الصواريخ، وكان مسؤولاً في المقام الأول عن عمليات تطوير الصواريخ. وتعتبر عائلة الدحدوح من العائلات الغزية التي ينتمي معظم ابنائها إلى حركة الجهاد الإسلامي.

كلمات دلالية