خبر المياه متوافرة في الشرق الأوسط والمشكلة سياسية وفي توزيعها

الساعة 07:20 ص|16 مارس 2009

فلسطين اليوم-وكالات  

من الطبيعي أن يشعر العرب بالمخاوف على مصيرهم لأسباب متعددة، ليس أقلها سماعهم عن تقديرات تنذر بوقوع أزمات مائية. وربما يكون هذا هو ما حدث في ظل التحذيرات الجديدة للأمم المتحدة باندلاع أزمة مياه عالمية حادة، تحرم نصف نحو سكان العالم من المياه بحلول العام 2030.

لكن الخبير الجغرافي التونسي المتخصص في قضايا الموارد الحيوية حبيب عائب، يرى المسألة من زاوية مختلفة. تحدثت «السفير» لعائب (52 عاماً)، الأستاذ في جامعة باريس، والجامعة الأميركية في القاهرة، عندما كان يحاضر في مدريد، حول قضايا الحصول على الموارد في الشرق الأوسط، في مقر «البيت العربي» الذي سيصدر له كتابا حول التداعيات الاقتصادية والبيئية للأزمات في العالم العربي.

ويذّكر الباحث بأن معظم المراقبين وصانعي القرار اعتادوا دق نواقيس الخطر من ندرة المياه في الشرق الأوسط، بل تنبأوا باندلاع الحروب بسببها، وأن شخصية سياسية مهمة، مثل بطرس غالي، كان قد توقع منذ 21 عاما، أي قبل تعيينه أمينا عاما للأمم المتحدة، أن تكون الحرب المقبلة هي «حرب المياه»، التي «لحسن الحظ لم.. ولن تقع».

لماذا؟ يجيب عائب: لأن المياه متوافرة جدا في المنطقة. الشرق الأوسط يقع في الرقعة الصحراوية الممتدة من المحيط الأطلسي إلى جبال زاغروس أي إلى إيران والعراق. وإذا جمعنا كميات المياه الجوفية ومياه الأنهار والأمطار، لوجدنا أن إجمالي المياه في المنطقة يتجاوز 2000 مترا مكعبا للفرد سنويا، فيما يقدر حد الندرة بحوالى 500 متر مكعب للفرد سنويا.

ويتابع: كذلك فإن المنطقة تستورد المياه من الخارج. فنهر النيل يمتد مياهه من البحيرات الكبرى في أعماق أفريقيا، فيما ينبع نهرا دجلة والفرات في أراضي تركيا. هذه الأنهار تساهم بحوالى 160.000 متر مكعب سنويا، وهي كمية تفوق، بكثير، حاجة سكان المنطقة، وتعدادهم 150 مليون نسمة.

إذاً، أين تكمن المشكلة؟ سألت «السفير». فأجاب: «المشكلة تكمن في خلل التوزيع.. غير العادل». بلدان تحظى بكميات كبيرة من المياه، تصل إلى أربعة آلاف متر مكعب للفرد سنويا في العراق، فيما لا تتجاوز 200 ليتر في قطاع غزة على سبيل المثال، بينما لا يتوافر للضفة الغربية أكثر من هذه الكمية.

لا يترك الباحث لـ«السفير» الفرصة لإنهاء سؤالها، عما إذا كانت المياه قضية «سياسية»... فيسارع: هل هناك قضية سياسية أخرى؟

السياسة إذاً! تسأله «السفير»: هل يكفي النظر إلى خريطة المياه في الشرق الأوسط، لمعرفة شكل الدولة الفلسطينية المأمولة، واستطراداً حدود كيان اسرائيل؟ فيجيب: ليس الأمر كذلك. فلا يتوافر لفلسطين أو لإسرائيل ما يكيفها من مياهها الذاتية. عليهما أن تعتمدا على موارد مائية خارجية.

وهنا تقفز الحيرة: ألم يقل إن المؤتمر اليهودي العالمي والوكالة الصهيونية قد رسما، في أواخر القرن الثامن عشر في سويسرا، خريطة مستقبلية لإسرائيل، تقود إلى نهر النيل؟ فيقول الباحث إن هذا هو ما تردد عن المشروع الصهيوني، لكنني لا أعتقد أنه سيسمح لإسرائيل بتوسيع حدودها أبعد كثيرا مما هي عليه.

ماذا سيحصل بالفعل؟ سؤال سيتكفل الزمن بالإجابة عنه.