خبر الحوار الفلسطيني إلى أين ؟ .. عبد الله اسكندر

الساعة 03:28 م|15 مارس 2009

بقلم: عبد الله اسكندر

باستثناء مفاجأة غير متوقعة لم يزل الحوار الفلسطيني في القاهرة، برعاية مصرية، يراوح في مكانه. هذا الحوار لم يكن ممكنا لولا سلسلة الضغوط العربية على أطرافه، ولولا حاجة حركة "حماس" لإبقاء جسور التواصل مع مصر، خصوصا بعد الدعم الدولي والعربي الواسع والحاسم للجهود المصرية في معالجة الشأن الفلسطيني، بشقيه السياسي وإعادة الإعمار في قطاع غزة.

ولعل الإفادة من هذا الحوار الذي ما زال مخاضه يخضع لعملية قيصرية تكمن فقط في لقاء الفلسطينيين وجها لوجه، بعد فترة انقطاع ومواجهة سياسية وعسكرية، وفي ضبط الخصومات بما يحول دون تجدد المواجهات في ما بينهم، حاليا على الأقل، وفي انتظار مرور استحقاق انعقاد القمة العربية في نهاية هذا الشهر في الدوحة. اذ ان الرغبة العربية التي جرى التعبير عنها في القمة الرباعية في الرياض بدعم المصالحة الفلسطينية تعكس في الوقت نفسه رغبة في انجاح قمة الدوحة. صحيح ان هذه الرغبة تختلف دوافعها بين بلد عربي وآخر، لكنها في النهاية تحولت ضغطا على الاطراف الفلسطينية من اجل تجاوز الانشقاق الكبير بعد العدوان الاسرائيلي على القطاع، وما رافقه من تراشق عربي بالاتهامات والتخوين وتصعيد كاد ان يطيح الخيط الرفيع الذي ما زال يربط اعضاء الجامعة العربية.

واستمرار الحوار الفلسطيني تعبير عن هذه الرغبة العربية التي حركتها مبادرة المصالحة السعودية، لكنه في الوقت نفسه ما زال يفتقد العناصر الذاتية لدى الاطراف الفلسطينية للاستفادة من اجواء التهدئة العربية، خصوصا لجهة الاهداف المتوخاة من هذا الحوار. اذ يبدو ان كلا من الطرفين الاساسيين في الحوار، "فتح" و "حماس"، لم يتمكن من تجاوز آثار الخصومات والصدامات الى تشكيل نظرة جديدة الى الوضع الفلسطيني، بعد العدوان الاسرائيلي على القطاع والحكومة اليمينية المتطرفة في اسرائيل، وبعد التأكيد الدولي، والاميركي تحديدا، على ضرورة حل الدولتين. هذا الوضع السياسي الجديد لن ينعكس ايجاباً على سعي الفلسطينيين الى دولة مستقلة، ما لم تتوافر العناصر الذاتية الفلسطينية لاقامة هذه الدولة، وخصوصا تلك المتعلقة بإدارة المفاوضات.

أما واقع الحوار في القاهرة فما زال بعيدا عن تشكّل هذه النظرة. لا بل ما زال عند حدود الجدل الذي كان وراء انفجار العنف في القطاع وصولا الى فرض "حماس" سيطرتها عليه بقوة السلاح، وما ادى اليه من اضرار بمشروع الدولة الفلسطينية.

فالخلاف الفلسطيني على نوعية الحكومة المقبلة والمرجعية السياسية وكيفية انعكاسها على برنامج هذه الحكومة ومسألة الاجهزة الامنية والاعتقالات، سيبقى مستمرا ما لم تتشكل لدى الفلسطينيين قناعة بأن الوضع الجديد الذي يواجهونه مختلف عما كان عليه سابقا يوم اختلفوا وتقاتلوا، حتى لو تمكنت القابلة المصرية من انهاء العملية القيصرية بتركيبة ما، تعيد الى المقعد الفلسطيني في قمة الدوحة وحدة شكلية. اذ سيعود التناحر الى الواجهة في اليوم التالي للقمة، وستتكرر مآسي الحصار، وستُعاود محاولة تحويل القطاع الى مصدر إقلاق وضغط على مصر، بما يعيد الخلافات العربية - العربية الى المربع الاول.