فلسطين اليوم : رأفت حمدونة
بالتأكيد وبعد عام كامل من فقدان الزميل مهندس موقع مركز الأسرى للدراسات الشهيد حسن شقورة افتقد أهالى الأسرى والأسرى وكل حر وشريف جنديا مجهولا فى قضية الأسرى والمعتقلين ، ونقف عاجزين عن إدراك البدايات ، ونتساءل : من أين نبدأ الحديث عن شخصية ملائكية جمعت الكثير الكثير من محاسن الصفات ؟ هل نبدأ بنشأته وتربيته وثقافته ؟ أم نتحدث عن تعليمه ومهنته وعطائه وشخصيته الإبداعية ؟ أم عن أفكاره وانتمائه ودوره الريادي والنضالي وتضحياته ؟ أم عن أخلاقه وعلاقاته وحياته الإنسانية ؟ ؟؟ أم عن وعن وعن .... الخ.
سأكتفي كمدير للموقع أن أتحدث عن تجربتي الشخصية معه ، صدق القائل لكل شخص حظ من اسمه وحسن اسم على مسمى ، حسن فى هيئته ونمط حياته وترتيبه ، وحسن فى التعامل مع زملائه وأصدقائه ومقربيه ، وحسن فى مهنته وعمله ومهماته وحسن فى كل مناحي حياته.
و نذ أولى اللحظات فى التعامل مع حسن لمست انتمائه الحقيقي للقضايا الإنسانية وخاصة فى قضية الأسرى والمعتقلين فى السجون الإسرائيلية ، طلبت منه برمجة وتصميم موقع للأسرى فلم يتوانى وبداً فى العمل به من ألفه إلى يائه كان مخلصاً فى كل التفاصيل ، ولم يعمل به إلا فى بيته وعلى جهازه الخاص وبعد عودته إلى بيته ، لم يثنه التعب طوال النهار من التواصل وكنا نجلس الساعات طوال الليل ، كانت تتراقص أنامله على اللوحة ويعجبني تمكنه منها ، وكان دائم السؤال خلال العمل وكأنه يشحذ الهمة ومع كل معاناة يسمعها عن الأسر وحياة المعتقلين كانت تظهر على الموقع بصمات ابداع لحسن " ويواصل السؤال ويتعمق أكثر ، كم عدد الأسرى ؟ كم عدد السجون ؟ كيف يحقق الأسرى انجازاتهم ؟ ما هي مؤسساتهم وطرق نضالهم ؟ ما معنى إضراب مفتوح عن الطعام ؟ كيف يأكلون ؟ كيف يقضون الساعات والأيام والسنين ؟ ما هى أدوات الصبر لديهم ؟ ما هى أقسى انتهاكات دولة الاحتلال بحقهم ، وكلما عرف أكثر أبدع أكثر وأصر على العمل وتواصل ليساند الأسرى بطريقته أكثر .
أدرك حسن من خلال كثرة السؤال والمعرفة أن الواجب الملقى على عاتق كل متنفذ وقادر وكل انسان باتجاه هذه الشريحة كبير ، هذه الشريحة التى ضحت ليسعد الآخرين ، وباعت زهرة شبابها فى سبيل الله ونصرة وطنها وشعبها ومقدساتها ، وكان يعتقد بأنه يعمل وبلا مقابل يذكر ليرد الجميل لهم ويقول هم يستحقون أكثر 0
وأعترف أن ما قدمه حسن للأسرى بانجاز موقع الأسرى للدراسات المتخصص فى قضية الأسرى فاق المؤسسات الضخمة ذات الميزانيات اللامحدودة وبعشرات الموظفين ، وأن لحسن في رقاب محبي الأسرى دين لن يجازيه بحجمه إلا الله عز وجل .
حسن من خلال رسالة الموقع وبآلاف المقالات والتقارير والأخبار المحدثة على مدار الساعة - والذي بقى صدقة جارية على روحه الطاهرة – استطاع أن يفضح انتهاكات وممارسات دولة الاحتلال بحقهم ، ورد على المزاعم الصهيونية الباطلة بأن الأسرى ما هم إلا " مقاتلين غير شرعيين وقتلة ومجرمين وإرهابيين ومخربين وأياديهم ملطخة بالدماء " ، وأكد على أنهم وفق كل الديانات السماوية والأعراف الدولية والأحرار ما هم إلا طلاب حرية وسيادة واستقلال .
فى ذكرى رحيلك يا حسن نعترف كأسرى ، وأسرى محررين ، وعائلات أسرى ومتضامنين معم بفضلك ، ونعترف بحبنا لك وتقصيرنا فى حقك ، فأنت كنت وستبقى النجمة على جبيننا والتاج فوق رؤوسنا وفوق رأس الأمتين العربية والإسلامية ولن ننساك وفضلك ما حيينا .
وفي هذا اليوم باسم الأسرى وأهليهم ومركز الأسرى للدراسات نجدد المواساة والمشاركة بالمصاب مع حسن عائلته الكريمة ، وزوجته ، وكل محبى وأصدقاء وزملاء الشهيد خاصة فى راديو القدس ومركز الأسرى للدراسات وصحيفة الاستقلال.