خبر استخدام الاحتلال للدايم والفسفور الأبيض خلال عدوانه وراء الإجهاض المتكرر لنساء القطاع

الساعة 09:27 ص|14 مارس 2009

فلسطين اليوم-غزة

تواجه النساء فى غزة مشكلات اجتماعية وصحية متزايدة جراء الحرب الإسرائيلية على غزة. وحسب المنظمات المدنية المعنية بمتابعة أوضاع النساء فى القطاع المحاصر، فإن حالات الإجهاض غير المرغوب فيه أصبح مشكلة واسعة الانتشار ومتكررة فى القطاع.

وترجع الهيئات الطبية فى غزة هذه المشكلة بالأساس إلى قيام إسرائيل باستخدام «الدايم والفسفور الأبيض» خلال العدوان الإسرائيلى الأخير على القطاع إلى جانب تدهور الأوضاع النفسية للمرأة الفلسطينية.

 

الدكتور وليد حمد، مسئول قسم التوليد بمستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، أكد أن نسبة الإجهاض غير المرغوب فيه والولادة المبكرة ارتفع بشكل كبير فى مرحلة الحرب وبعد انتهائها بقليل، نتيجة الخوف الشديد والضغط النفسى اللذين تعرضتا له المرأة الحامل خلال الحرب، إضافة إلى العواقب الصحية المباشرة لاستنشاق السيدات الحوامل لغازات سامة كانت تنبعث من القذائف التى تطلقها القوات الإسرائيلية.

وأبدى د. حمد تخوفه من حدوث حالات تشوه خلقى لدى الأجنة على المدى البعيد «نتيجة استخدام الاحتلال لأسلحة محرمة دوليا، منها «الدايم» و«الفسفور الأبيض» والتى تخلف «غازات سامة». وقال: «لذلك ندعو (الجهات الدولية المعنية) القيام بإجراء دراسات طبية للكشف عن الآثار المترتبة عن استخدام تلك الأسلحة».

 

ويخشى حمد كما يخشى كثيرون غيره من آثار طويلة المدى على الصحة الإنجابية للمرأة الفلسطينية جراء استخدام مفرط ومحرم للقذائف خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع المحاصر.

 

فى الوقت نفسه، رصدت الهيئات الطبية بالقطاع نسبة كبيرة للوفيات بين الأطفال الذين ولدوا ــ مبكرا أو فى الموعد ــ خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. وترجع هذه الهيئات ارتفاع نسبة الوفيات بين «مواليد الحرب» إلى عوامل عديدة، منها اضطرار النساء للولادة فى المنازل فى غياب أساليب الرعاية الصحية المناسبة بالنظر إلى الخوف من التوجه إلى المستشفيات تحت خطر القصف العسكرى. كما تشير الهيئات الطبية إلى نقص المعدات الطبية اللازمة الخاصة بمساعدة الأطفال المبتسرين، وإلى غير ذلك من المشكلات التى تخص تشغيل الأجهزة الطبية فى غزة جراء الانقطاع المستمر للتيار الكهربائى.

 

وتشير التقارير، التى تعدها الهيئات الطبية العاملة فى غزة، إلى التضرر النفسى الكبير الذى تعرضت له النساء فى القطاع جراء التعرض لعملية الإجهاض غير المرغوب فيه أو المرور بتجارب عصيبة لدى الولادة أو عند فقدان الأطفال حديثى الولادة. وتقول هذه الهيئات: إن المراكز النفسية والخطوط الهاتفية الخاصة بالاستشارات النفسية تواجه تزايدا كبيرا فى هذه الحالات.

 

الإخصائية سائدة الشامى، الموظفة بأحد المراكز النفسية التابعة لمشاريع دعم وتأهيل المرأة الفلسطينية، قالت «تأتينا حالات كثيرة من نساء يعانين مشكلات متركزة حول آلام جسدية وعضوية كآلام بالمفاصل أو بالرأس ويقلن لنا إنهن ذهبن للأطباء أو للمستشفيات وأخذن كل الأدوية المطلوبة غير أنها غير مجدية ولا تزيل الألم فيطلب منهن الطبيب التوجه للعيادات النفسية لأنهن يعانين أعراضا نفسية قاسية».

 

وأضافت الشامى أن المشكلات النفسية التى تعانى منها النساء تتراوح بين الاكتئاب الحاد المصاحب بالرغبة فى إنهاء الحياة وحالات التعثر فى الكلام. وتقول إن استمرار تدهور الأوضاع فى غزة لا يسهم بحال فى سرعة علاج هذه الحالات بل إنه فى بعض الأحيان يؤدى إلى تدهورها.

أما الإخصائية وفاء جحجوح فتشير إلى المشكلات الصحية الناجمة عن تدهور الحالة النفسية للنساء. وتقول إن نساء عديدات فقدن القدرة على الرضاعة الطبيعية بسبب تدهور أحوالهن النفسية. وتقول جحجوح: إن هذه المشكلة لها مضاعفاتها أيضا على صحة الأطفال بالنظر إلى عدم وجود كميات كافية من حليب الأطفال المعلب، وهو ما يعنى سوء تغذية الأطفال الرضع فى كثير من الحالات.

 

وتشير جحجوح، فى الوقت نفسه، إلى الآثار السلبية التى يعانى منها الأطفال جراء المشكلات النفسية التى تواجهها الأمهات. وتقول إن من أبرز هذه التأثيرات وأكثرها انتشارا حول تدهور الحالة النفسية للأطفال بالتبعية وبصورة أعنف.

 

وتحذر الشامى وجحجوح، كما تحذر هيئات طبية عاملة فى غزة، من أن العلاج من الآثار الجسدية والنفسية التى تعانى منها النساء والأطفال فى قطاع غزة سيستغرق الكثير من الوقت والجهد، وستتطلب بالضرورة تغيير الأوضاع الإنسانية والمعيشية فى القطاع، بدءا من رفع الحصار وإعادة الإعمار إلى ضمان تهدئة طويلة يمكن خلالها لسكان غزة تجاوز تجارب ومشاهد القتل والدمار.