خبر ما هي حكايتك؟ .. هآرتس

الساعة 11:00 ص|13 مارس 2009

بقلم: عكيفا الدار

بنيامين نتنياهو يدعي ان عملية اوسلو قد فشلت لاسباب منها ان الاتصالات السياسية لم تترافق مع مساعي لاعداد افئدة الفلسطينيين لقبول حق اليهود بدولة خاصة بها. بكلمات اخرى الفلسطينيون لم يفهموا ولم يستوعبوا الحكاية الاسرائيلية – اليهودية. الكاتب اللبناني الياس خوري ايضا قال قبل عدة سنوات ان "الاسرائيلي هو الاخر. لديه تجربته الانسانية ونحن (العرب) ملزمون بقراءة هذه التجربة".

ولكن دراسة جديدة تشير، الى ان الجانب الاسرائيلي لا يمتلك هو الاخر ما يتفاخر به على الاقل في جهاز التربية والتعليم، عندما تتعلق الامور بمعرفة "الاخر" الفلسطيني. الدراسة التي اشرفت عليها الاخصائية النفسية الدكتورة شيفرا ساغي من جامعة بن غوريون درست اهمية محاولة الاقتراب من "الاخر" وفهم المه والتماهي مع وجهة نظره كنقطة بدء ضرورية لعملية المصالحة المتبادلة.

النتائج تشير الى انخفاض الشرعية التي يمنحها الشبيبة اليهود للرواية الفلسطينية، في موازاة ازدياد شرعية الرواية اليهودية فقط. ربما كدلالة على النفور المتزايد، اظهرت عمليات التصويت الوهمية التي جرت في المدارس قبل الانتخابات الاخيرة للكنيست تأييدا ملموسا لليمين. الشعار من "دون ولاء لا توجد مواطنة" حظي باصداء واسعة في مؤسسات تعليمية كثيرة.

الدراسة جرت بين 1999 و 2007 في اوساط الاف تلاميذ الصفوف العاشر والحادي عشر في المدارس اليهودية والعربية من كافة التيارات باستثناء (الاصولي) بتمويل من اليونسكو ومركز اسحاق رابين لدراسات اسرائيل. الباحثون اليهود والعرب تحققوا من خلال هذه الدراسة من مشاعر واراء التلاميذ من رواية الطرف الاخر. هم طرحوا على المستطلعين العرب – الاسرائيليين التصور اليهودي – الصهيوني بصدد عدة احداث تاريخية ترتبط بالصراع، اما المستطلعون اليهود فقد عرض عليهم التصور الفلسطيني – الوطني.

وهكذا سئل التلاميد العرب: "اسرائيليون يهودا كثيرين يرون في حرب الاستقلال حدثا هاما يؤكد نجاحهم واستقلاليتهم. فكيف تشعر انت ازاء موقفهم هذا؟". في المقابل سئل التلاميذ اليهود: "فلسطينيون كثيرون يعتبرون حرب 1948 نكبة. فكيف تشعر انت ازاء موقفم هذا؟". اسئلة اخرى تعلقت بوعد بلفور والمحرقة النازية، وحرب حزيران والانتفاضتين واتفاقيات اوسلو واغتيال اسحاق رابين.

في اوساط الشبان اليهود وخصوصا العلمانيين وجد الباحثون استعدادية للاعتراف بشرعية ادعاءات الطرف الاخر، الا ان ذلك لا يترجم عندهم الى تعاطف معهم. نسبة التلاميذ اليهود الذين عبروا عن غضبهم من الفلسطينيين ازدادت من 36 في المائة قبل الانتفاضة الثانية الى 56 في المائة في 2004. فك الارتباط وحرب لبنان اديا الى هبوط ملموس اخر في تسامح الشبان اليهود مع الرؤية الفلسطينية وتعزز الايمان بالرواية اليهودية – الصهيونية. يتبين ان العمر لا يحسن من درجة التسامح: تلاميذ الصفوف الحادية عشر ابدو انفتاحا اكبر نحو الرواية الفلسطينية قياسا برفاقهم الاكثر تقدما في السن.

وفي اوساط العرب – الاسرائيليين ظهر خلال السنوات انخفاض في الشرعية المعطاة للرواية الفلسطينية وازدياد في اعطاء الشرعية للروايتين معا. هناك انخفاض في الغضب من رواية "الاخر" . منذ عام 2004 . وتحديدا بعد حرب لبنان الثانية لمس في صفوفهم ازدياد تدريجي في الغضب من الرواية الفلسطينية.

"ابناء الشبيبة اليهود الذين ترعرعوا في البلاد لم يجربوا وضع السلام في حياتهم ولا يعتبرونه قيمة هامة يجب دفع الثمن مقابلها". قالت ساغي، "نحن نعرف كيف نربيهم على اهمية الصراع الوطني والهوية والرواية التاريخية – الوطنية، الا اننا نفشل في مزج السلام في منظومة قيم الشبيبة".

كرة قدم وجوقة

من الممكن ايجاد توصيات لتغيير الوضع في نتائج تقرير لجنة شكلتها وزارة التربية والتعليم لتحقق من التربية على قيم السلام في اوساط التلاميذ. قبل عدة اسابيع قدمت اللجنة التي يراسها البروفيسور غباي سولومن والدكتورة حغاي كوبرمينتس نتائجها لوزيرة التربية يولي تامير.

من الممكن التساؤل ربما لماذا تفرغت تامير من مؤسسي حركة السلام الان لمعالجة هذه القضية فقط في اواخر ولايتها في الوزارة. صحيح ان الوزيرة تبنت التوصيات، ولكن من المحتمل ان لا تطبق بسبب تشكيل يمين.

من بين هذه التوصيات:

1.خطط التربية للسلام والتعايش قد تغير مواقف معينة (من الممكن الوثوق باليهود وعرب كثيرون يريدون السلام)، ولكنها لا تؤثر على المعتقدات (المركزية حق الشعب اليهودي لوطن وحق اللاجئين بالعودة الى منازلهم).

2.اليهود يغيرون مواقفهم نتيجة للمشاركة في الخطط التربوية الا ان العرب يعززون صلتهم بالرواية الفلسطينية. لذلك يتوجب تطوير خطط مغايرة لابناء الشعبين

3.الورشات واللقاءات تؤثر ايجابيا على المواقف ولكن لفترة قصيرة فقط وعليه يتوجب تعزيزها وترسيخها ومنع انطفائها. مع ذلك غياب التحسن لا يدلل على الفشل – بامكان التربية على السلام ان تحول دون تعزيز المشاعر والمواقف السلبية.

4.المشاعر السلبية – مثل الخوف وعدم الثقة والغضب والكراهية – تحول دون تغيير المواقف اكثر من المعتقدات والافكار المسبقة. لذلك يجدر بان تثير اللقاءات مع الجانب الاخر مشاعر ايجابية على المستوى الشخصي من قبل ان تظهر النقاط الخلافية الوطنية.

5.الاعمال المشتركة مثل فرق كرة القدم والجوقات تقلص التناقضات الوطنية وتتسبب بتغيير المواقف والافكار المسبقة.

6.ابناء الشبيبة العرب يؤكدون اكثر من اليهود اهمية الرواية التاريخية ويعترفون باهمية الرواية التاريخية للطرف الاخر ولكن ليس بشرعيتها. وفي المقابل ابناء الشبيبة اليهود يرفضون حتى اهمية وليس شرعية فقط، الرواية العربية.

المشرفة على البحث الدكتور ساغي تورد نموذجا من ماضيها للنفور القائم بين الروايتين الوطنيتين. "بجانب منزلي الذي قطنت به في تل ابيب في طفولتي كانت هناك بيوت عربية وبجانبها اشجار تين وتوت" قالت، "لم يحدثنا احد انه قد كانت هناك قرية عربية اسمها صمويل. لم نعرف ان هناك حكاية اخرى باسثناء حكايتنا".

على حد قولها تعرف الشبان على التصور والرؤية الوطنية من جهة واحدة قد كان صحيح ربما في بداية عهد الدولة ولكن اليوم، "ان اردنا التوصل الى تسوية مع الجار، فعلينا جميعا من الفتيان حتى القادة ان نتعرف على حكايته وان نمنحها الشرعية".