بسم الله الرحمن الرحيم
" و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقــوا "
" انما المؤمنون أخـوة فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله لعلـكم ترحمون "
** الحوار الوطني الفلسطيني **
(( لجنة المصالحة الفلسطينية ))
- أعـــداد :
القاضي الدكتور/ جميل جمعة سلامة
خطة عمل
· مدخل :
بعد نحو سنتين من الأنقسام السياسي و الجغرافي و الشعبي الفلسطيني بعد أحداث 14/ حزيران 2007م الدامية بين شركاء الوطن أخوة و رفاق الدم و المقاومة و التي أسفرت عن نتائج مؤلمة أسقطت المئات من الضحايا بين قتيل و جريح وتدمير و حرق العديد من الممتلكات العامة و الخاصة ، و ما تبع ذلك من أنقسام سياسي و صراع على سلطة تحت الأحتلال وما صاحب ذلك من سلوكيات في مقدمتها تغول الأنتماء الحزبي على الأنتماء الوطني و بروز التعصب الفئوي الضيق و و ظهور خطاب اعلامي نشر الكراهية و الضغينة و أعمل الحقد في النفوس و فتت النسيج الأجتماعي الفلسطيني و خلق حالة أحتقان غير مسبوقة في الساحة الفلسطينية تشكل أرضية للثأر و الأنتقام و الأنتقام المضاد و الفعل و رد الفعل مما ساهم في شحن المزيد من المناخ الفلسطيني بالتوجس و التخوف من الأقدام على أي مشروع مصالحة خشية حدوث ما لا تحمد عقباه .
و مع بشائر الحوار الوطني الجاد هذه المرة و المدعوم من الأشقاء المصريين و العرب ، و بعد وصول جميع الفرقاء لقناعة أن الوطن للجميع دون استثناء يساهم في تحريره و بنائه و حكمه الجميع و أن فريقاُ لن يستطيع الغاء الأخر ، و ان الأحتكام الى السلاح لحسم الخلافات سلوك شاذ و غريب عن شعبنا المترابط ، و ان الحوار السبيل الأوحد و الوحيد لتسوية خلافاتنا الداخلية.
و مع بداية النجاح المأمول الذي توج بتشكيل خمس لجان لتسوية جميع بنود الخلاف و في مقدمتها لجنة المصالحة ، و التي نرى فيها اللجنة الأهم للوصول بمشروع الحوار الى شاطىء النجاح و النتائج المتوخاة لما لهذه اللجنة من دور في اعادة و حدة النسيج الأجتماعي و صفاء النفوس و نزع فتيل التوتر الداخلي و توحيد الصفوف و رد المظالم و تبديد حالة الأحتقان و بالتالي توفير المناخ المناسب للحوار الجاد لاعادة الوحدة الجغرافية لجناحي الوطن و توحيد مؤسسات السلطة و بناء م .ت.ف. لتضم الجميع و تحقيق النجاح الذي ينشده شعبنا كل شعبنا فأنني أساهم بهذه المذكرة التي تتضمن تصورا متكاملا لعمل اللجنة و أليته لتحقيق الأهداف المرجوة .
· الأهداف :
- نشر ثقافة الأنتماء للوطن و سموها على سائر الأنتماءات الحزبية و الفئوية و العائلية و الجهوية الضيقة ، و تعميم ذلك في المناهج الدراسية على مستوى رياض الأطفال و المراحل التعليمية المختلفة الأبتدائية ، الاعدادية ، الثانوية و حتى الجامعية .
- تسوية جميع المنازعات والخصومات التي خلفها الأنقسام بشتى الوسائل التوفيقية و القضائية.
- تعميم ثقافة التسامح و المحبة و عدم الأحتكام للسلاح لفض الخصومات .
- تكريس ممارسة الأنتخابات و التنافس الشريف كأساس للتداول على الحكم و المسؤولية على مختلف مستويات مؤسسات المنظمة و السلطة و النقابات و الأتحادات و الأحزاب .... الخ .
- نشر ثقافة الأختلاف و أحترام الرأي و الرأي الأخر و نبذ ثقافة الشقاق و الأحتراب كسلوك دخيل على شعبنا و اللجوء للقضاء كسلوك حضاري .
- تكريس التناقض الرئيسي مع الأحتلال و ممارساته الأجرامية ضد شعبنا .
- نبذ لغة التخوين و التكفير و بث الأشاعات و الأدعاءات الباطلة و تسميم أجواء المصالحة.
- تبديد حالة الأحتقان الداخلي و تعزيز التنوع الفكري و السياسي و التعايش المشترك .
- نبذ عناصر التوتير و الفتنة الداخلية و الأشارة اليهم بأصابع الأتهام .
· قضايا المصالحة :
1) قضايا القتل : و تشمل الضحايا الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة سواء من نشطاء الفصائل و و على وجه الخصوص حركتي فتح و حماس ، أو من قتلوا بتهم مختلفة كالعمالة ...وغيرها خارج اطار القضاء و المحاكمة العادلة .
2) قضايا الاصابات و اطلاق النار : و تشمل الجرحى و المعاقين الذين أصيبوا بالرصاص أو بالسلاح الأبيض أو بالرمي من أماكن شاهقة أو بالتعذيب .... الخ ، و تسبب ذلك في جروح و أصابات و أعاقات سيما ما عرف بظاهرة الركب المأساوية .
3) قضايا الأعتقال : و تشمل الموقوفين و السجناء الذين تعرضوا للتعذيب أو التوقيف التعسفي خارج اطار القضاء و اجراءات المحاكمة العادلة .
4) قضايا الأذى المعنوي : و تشمل التشهير و اتهامات التخوين و التكفير و بث الأشاعات و المنشورات بوجه غير حق و ما ألحق ذلك بالأبرياء من قدح بشرفهم و وطنيتهم و مساس بسمعتهم و عائلاتهم .
5) قضايا الخسائر المادية : و تشمل خسائر الممتلكات العامة و الخاصة على السواء التي تعرضت للنهب و الأتلاف و الحرق و الأستيلاء بالقوة سواء تعلقت بعقارات أو منقولات .
6) قضايا المهجرين : و هم الذين غادروا طوعا أو كرها قطاع غزة للضفة الغربية أو لمصر أو لبلدان أخرى على خلفية الأحداث الأخيرة ، و ذلك بأعادتهم لديارهم و ذويهم وفقاً لأسس الحوار و المصالحة .
7) قضايا أخرى : أي مظالم أو قضايا خلاف ما سبق .
· هيكلية اللجنة :
- وفقاً لهيكلية مشروع الحوار الوطني بالقاهرة و المكون من لجنة المتابعة العربية العليا التي تشكل مع مصر المرجعية العربية للجان الحوار الخمسة " الحكومة – منظمة التحرير – الأمن – الأنتخابات – المصالحة " جميعا .
- و حيث أن لجنة المصالحة المشكلة من (21 ) عضوا تضم ثلاثة ممثلين عن حركة فتح و مثلهم عن حركة حماس و مثلهم أيضاً للمستقلين و ممثل واحد لكل فصيل من الفصائل الفلسطينية ، و التي تشكل معاً المرجعية الفلسطينية لمشروع المصالحة الوطنية و المسؤولة عن وضع الأطار العام لعمل اللجنة و رسم سياساتها العامة و أقرار برنامج عملها .
- فان التحدي أمام عمل هذه اللجنة و التي تعتبر الحلقة المفصلية في مشروع الحوار و مقياس نجاحه الفعلي من عدمه تحتاج لعمل فني لأنجاز مشروع المصالحة و تنفيذه على أرض الواقع و أجتثاث حالة الأحتقان القائمة و افشاء السلم الأهلي و تحقيق السلم الأجتماعي و المصالحة الشعبية بين مكونات المجتمع الفلسطيني بأسره ، و في تقديرنا فان ذلك يحتاج لعمل مضني و دؤوب و أحترافي لأنجاز ذلك من خلال هيكلة الطاقم الفني الذي سيضطلع بهذه المهمة " الرسالة الوطنية " النبيلة و التاريخية من خلال الوحدات التالية :
1) دائرة المظالم / و تتولى أستقبال شكاوى و مظالم المواطنين المختلفة على خلفية الأنقسام و جذوره و مسبباته و يشمل ذلك أحداث القتل و الأعدام و الأصابات و اطلاق النار و حرق و تدمير الممتلكات......الخ ، و ذلك من خلال نماذج و ملفات قانونية تعدها اللجنة لهذا الغرض ، و بعد ذلك يتم تصنيف القضايا و أحالتها لأحدى الدوائر المختصة ( التوفيق – التحكيم – القضاء ) للبت فيها وفق الأصول .
2) دائرة التوفيق / و تتولى التسوية الودية الرضائية بين الخصوم على أساس الصلح بأعتباره سيد الأحكام و توقيع سندات تسوية و توافق بين الأطراف الخصوم .
3) دائرة التحكيم / و تتولى التحكيم كأحد الوسائل البديلة للقضاء لحل المنازعات بين الفرقاء من خلال التوافق بينهم على تسوية النزاع من خلال التحكيم و ذلك بالتوقيع على سندات تحكيم بينهم .
4) الدائرة القضائية / و هي دائرة قضائية محايدة و مستقلة تمارس عملها القضائي بمعزل عن القضاء النظامي الرسمي الذي لم يسلم بدوره – للأسف الشديد – من الأنقسام ، و مهمتها ذات طبيعة خاصة و مؤقتة تنتهي بأنتهاء ملف المصالحة الوطنية و ينعقد أختصاصها الأقليمي على مستوى الوطن و تصدر أحكاما قضائية ملزمة و واجبة النفاذ .
5) دائرة التثقيف والأعلام / و تضطلع بمهام عديدة منها نشر أهداف اللجنة و تعميمها و نشر ثقافة التسامح و الأنتماء للوطن الواحد المشترك للجميع و توظيف شتى وسائل الأعلام لهذا الغرض سواء المطبوعة ، المسموعة و المرئية الى جانب اللقاءات الجماهيرية و الشعبية و الندوات و ورش العمل و المواقع الألكترونية.... الخ .
· ألية العمل :
- بعد أقرار المصالحة و تشكيل حكومة التوافق الوطني و أقرار برنامج و خطة عمل اللجنة يتم الأعلان رسميا عبر وسائل الأعلام المختلفة سيما الرسمية منها عن مباشرة اللجنة عملها من خلال دوائرها المختلفة .
- المواطنون مدعوون للتقدم بمظالمهم و شكاويهم المختلفة للجنة من خلال دائرة المظالم التي تقوم بدورها بفتح ملف لكل قضية و أحالته للدائرة ذات الأختصاص .
- تبت كل دائرة من الدوائر الثلاث ( التوفيق – التحكيم – القضاء ) في القضايا المعروضة عليها وفقاً للاجراءات القانونية و أستناداً لأحكام القانون الفلسطيني و مبادىء الشريعة الأسلامية و روح العرف و العدل و الأنصاف و نظام العمل المُقر من اللجنة ، و تصدر قراراتها و سنداتها ممهورةً بخاتم اللجنة الرسمي للتنفيذ .
- تضطلع الشرطة و الأجهزة المختصة بتنفيذ قرارات اللجنة .
- يجوز للفرقاء الأستعانة بمحامين أو وكلاء عنهم لتمثيلهم .
- تصدر اللجنة قرارات فردية أو جماعية حسب ظروف الوقائع و القضايا المطروحة .
- قرارات اللجنة نهائية وقطعية غير قابلة للطعن مالم تكن هنالك أخطاء قانونية تستدعي مراجعتها .
- نظراً لطبيعة و وقائع القضايا ( الخلاف السياسي ) فللجنة بالتنسيق مع أجهزة منظمة التحرير و السلطة الوطنية صلاحيات منح الضحايا ما يلي :
أ- وسام شهداء الوحدة الوطنية " تنشئه المنظمة و السلطة " .
ب- قرارات أحتساب ضحايا ضمن شهداء فلسطين .
ت-اصدار قرارات بألزام السلطة بدفع الديات الشرعية و التعويضات المالية .
ث-أصدار شهادات رد الأعتبار و البراءة للمظلومين ممن تثبت اللجنة بطلان التهم الموجهة لهم و ما يتبع ذلك من أضرار جسدية أو معنوية لحقت بهم .
ج- ألزام السلطة بالتكفل بعلاج الجرحى و المعاقين و تكفل عوائلهم .
و لهذا الغرض تنشىء اللجنة مكتبين مركزيين لها و لدوائرها في مدينتي غزة و رام الله ، و لها انشاء مكاتب فرعية اذا دعت الحاجة لذلك .
يتشكل طاقم اللجنة و دوائرها المختلفة من كفاءات فلسطينية قضائية و قانونية و شرعية و عرفية مستقلة و محايدة تتميز بالأحتراف و المهنية و التوافق عليها من جميع الأطراف و تعكس ارادة الشعب الفلسطيني الواحد الموحد و تحمل روح العدالة و الأنصاف و الأجماع الوطني .
· الأطار الزمني :
هو الاطار المتفق عليه في القاهرة للجان الخمسة لأقرار خطة و برنامج العمل ، أما التنفيذ فأطاره الزمني يبقى مفتوحا حتى انجاز مشروع المصالحة بشكل كامل ، بيد أنه يمكن تحديده بفترة المرحلة الأنتقالية لتنظيم الأنتخابات التشريعية و الرئاسية القادمة بحيث يضطلع الرئيس والمجلس التشريعي المنتخبين و الحكومة المنبثقة عن الأنتخابات بأدارة السلطة الفلسطينية على أرضية المصالحة و الوئام و طي صفحة التشتت و الأنقسام ، و متابعة أي ذيول أو استحقاقات للمصالحة الوطنية مستقبلاً .
أخيرا .....قد يتحفظ البعض على هذه الخطة و أليتها و يصفها بأنها لا تتناسب مع أسس الحوار و أنها تطيل أمده عوضاً عن كونها تنكأ الجراح التي يجب أن تبقى شيئاً من الماضي ، و انها تفتح عش الدبابير الذي لن ينته ........
ان هذا الرأي الذي أحترمه و أعطف عليه في أن واحد يحمل في طياته بذور الفشل الحقيقي الكامن في تربتنا الأجتماعية و التي سرعان ما تترعرع و تطفو على السطح و تفسد كل ما تم بين عشية و ضحاها ، و لنا في محطات من تاريخ قضيتنا أمثلة عديدة رغم أن شعبنا المغلوب على أمره لديه الأستعداد للجود و التضحية بالعديد من حقوقه الخاصة في سبيل حقوقه الوطنية .
و نخلص الى أن هذا الحوار مشروع تاريخي و يشكل رافعة هامة لأستكمال المشروع التحرري على أساس قاعدة " جبهة داخلية قوية و متماسكة و متصالحة مع ذاتها تثمر مقاومة قوية و مفاوضات جادة و ندية " في علاقة تكاملية نحو تحقيق مشروعنا الوطني و أمالنا المشتركة في الحرية و ألأستقلال و أقامة دولتنا المستقلة ذات السيادة .
كما أن هذا المشروع - اذا قدر الله تعالى له النجاح و نساله ذلك - سيكون محطة مفصلية في تاريخ شعبنا و قضيته العادلة و سيطوي صفحة سوداء غير مشرفة من تاريخ شعبنا المشرق منذ نحو قرن من الزمان المزهو ببطولات و تضحيات رجالاته البررة الخالدين بدءاً بالفدائيين الأوائل محمد جمجوم و فؤاد حجازي و عطا الزير مرورا بالقادة أمين الحسيني و أحمد حلمي عبد الباقي و احمد الشقيري و صولاً للطلائع الشهداء ياسر عرفات ، أحمد ياسين ، فتحي الشقاقي ، أبوعلي مصطفى و سائر شهداء شعبنا ، محطةً ستشفي صدور شعبنا المكلوم المكتوي بنار الفرقة و الأنقسام ، المستباح دمه و ماله و عرضه تحت الرصاص الصهيوني المصبوب التواق بحرقة بكرة و عشيا لوحدة أبنائه الفرقاء ، و تثلج نفوس من تسكن فلسطين قلوبهم و عقولهم من الأشقاء العرب و المسلمين و الأنسانية جمعاء الغيارى على قضيتنا المقدسة ، كما أنها حتماً ستغيظ من يتربصون بنا الدوائر و ترد كيدهم الى نحورهم ، و ستشكل بالتأكيد نموذجا و مثالاً يحتذى للذين أكتووا بمثل نارنا .
ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
و الله من وراء القصد ، و هو الهادي الى سواء السبيل ،،،،
** غزة : 6 /3 / 2009م