خبر أبعاد وملامح الدور الإسرائيلي في السودان ..أحمد الغريب

الساعة 09:12 ص|13 مارس 2009

 

أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماما متزايداً بقرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بحق الرئيس السوداني عمر البشير لاعتقاله وتقديمه للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، وهو الأمر الذي أكد أبعاد الدور القذر التآمري الذي تلعبه الأيادي الإسرائيلية في هذا البلد العربي المسلم الذي يعد التدخل فيه بمثابة بداية لانفراط عقد تلك المنطقة ووقوعها تحت أيدي القوى الاستعمارية الكبرى.

فقد أشارت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' إلى أن مجلس الأمن قد طلب من 'لويس مورنو أوكامبو' المدعي بالمحكمة الدولية الجنائية في اذار (مارس) 2005 بالتحقيق في جرائم الحرب التي نُفذت في دارفور. وفى الرابع عشر من تموز (يوليو) من العام الماضي أصدر 'أوكامبو' لائحة اتهام ضد الرئيس 'البشير' تتهمه بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور وقتل ما لا يقل عن 35 ألف شخص، فضلاً عن تشريد ما بين 80 إلى 265 ألف شخص من سكان دارفور.

 

القرار تأخر كثيراًً

 

وزعمت الصحيفة في تقريرها بأن القرار بحق الرئيس السوداني، كان يجب أن يصدر منذ شهور، لكنه تأخر بسبب تعقيدات الملف، وأن هذا القرار يعد سابقة تاريخية إذ تصدر المحكمة قراراً باعتقال رئيس دولة ما زال في الحكم، مضيفة بأن هذا القرار سيكون له انعكاسات خطيرة على ما يحدث داخل إقليم دارفور، وعلى سلامة المراقبين الدوليين سواء في الإقليم أو في السودان عموماً. وهنا أبرزت الصحيفة العبرية قرار عدد من المنظمات الدولية، من بينها 'أطباء بلا حدود' بإخراج موظفيها من السودان.

بينما قالت صحيفة 'معاريف' العبرية في معرض تعليقها على قرار المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني بأن الكثيرين اعتقدوا أن تقديم لائحة اتهام ضد الرئيس 'البشير' ستجبره على إحلال إصلاحات، وإنهاء الحرب في دارفور، أو أن يدفع الحزب الحاكم في السودان إلى إقالته من منصبه، لكن النتائج كانت عكسية تماماً. مضيفة بأن هناك مخاوف من أن القرار الأخير لن يغير من الوضع شيئاً، بل سيعمل على إشعال الحرب الأهلية مجدداً في جنوب السودان، والذي يحظى بشبه حكم ذاتي مستقل، واستقرار فى الفترة الأخيرة.

ونقلت الصحيفة العبرية عن المبعوث الأمريكي السابق في السودان 'أندرو نتسيوسا' قوله 'من المتوقع أن تحدث بعد صدور القرار روندا جديدة، وصومال وكونغو ثانية، يلقى فيها الآلاف من البشر مصرعهم'.

 

استهداف السودان يصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي

 

وكم كانت الكلمات التي أدلى بها مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية والقيادي البارز في حزب المؤتمر الوطني السوداني وأتهم خلالها إسرائيل لمحاولاتها المستمرة من أجل زعزعة الاستقرار في السودان، بمثابة دليل دامغ وواضح كما أكد على أن ذلك يأتي في سياق استهدافها لسبع دول في المنطقة وان الإستراتجية الإسرائيلية تهدف إلى حرمان السودان من استغلال إمكانياته لأنه لو استغلها لأصبح دولة عملاقة وهذا لا يصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي.

ولا يخفى على أحد التوجس والخيفه التي أبدتها سائر الأطراف العربية وعلى رأسهم مصر من مغبة أن يكون السودان مرتعاً صهيونياً، وسط تأكيدات متلاحقة على أن الدعوات للتدخل الدولي في إقليم دارفور المضطرب (غرب السودان)، تؤكد أن السودان مستهدف مثل العراق والصومال، وهو الأمر الذي دفع كبار المسؤولين في مصر وكذلك بجامعة الدول العربية لتوجيه الاتهام لإسرائيل وجهات دولية أخرى بالعمل على تقسيم السودان ، بغرض إضعاف دوره في المنطقة العربية، وهو الأمر ذاته الذي برز خلال اجتماع لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري، حيث تم التأكيد على إن السودان يواجه أربع مشكلات رئيسية: وهي الأوضاع الداخلية، وأزمة دارفور، ومشكلة الجنوب، وقرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الرئيس عمر البشير.

 

أمن السودان جزء من أمن مصر

 

كما برز التحذير المصري من مغبة تطورات الأوضاع ومستقبلها في السودان من خلال تصريحات السفير محمد قاسم مدير إدارة شؤون السودان بوزارة الخارجية المصرية، الذي أكد على دعم مصر القوي لبقاء السودان موحدا رغم محاولات العديد من القوى الإقليمية وبعض الدول - ومنها 'إسرائيل' - تقسيم السودان، وقال إن أمن السودان جزء من أمن مصر وأي تداعيات لهذا الأمن تؤثر على مصر.

 

أبعاد التدخل الإسرائيلي في السودان

 

هذا وسبق أن تحدث وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي أفي ديختر، باستفاضة وبشكل غير مسبوق فى ندوة عقدها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي قبل عدة أشهر عن الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه كل من لبنان، وسورية، والعراق، وإيران، ومصر والسودان، ووضع خلالها تصوراً كاملاً لأبعاد التدخل الإسرائيلي في السوداني الذي سعى من أجل الرد على أسئلة الكثيرين الخاصة بأسباب التدخل الإسرائيلي في ملف دارفور رغم أن قدرة السودان على التأثير على الأوضاع في 'اسرائيل' معدومة، ومعدومة كذلك قدرته على المشاركة الفعالة في قضية فلسطين؟ مشيراً إلى أن 'إسرائيل' سبق أن حددت وبلورت سياساتها واستراتيجياتها تجاه العالم العربي بصورة تتجاوز المدى الحالي والمدى المنظور، مؤكداً أن لدى خبراء الإستراتيجية في 'إسرائيل' رؤية تتمحور في أن السودان، بموارده الطبيعية الكبيرة، ومساحته الواسعة، وعدد سكانه الكبير، إذا ترك لحاله، فسوف يصبح أهم من مصر والسعودية والعراق، وسوف يصبح قوة هائلة تضاف إلى قوة العالم العربي.

وذّكر الوزير الإسرائيلي مستمعيه ببعض إسهامات السودان في الماضي في المجهود الحربي العربي ضد إسرائيل باعتبار نفسه دولة عربية تمثل عمقا استراتيجيا حربيا للجيش المصري، وقال ان السودان شارك في حرب الاستنزاف التي شنها الرئيس عبد الناصر ضد 'اسرائيل' بين عامي 68 و 70 عن طريق إيواء سلاح الجو المصري، وتوفير المجال لتدريب القوات البرية المصرية، وحتى لا يتكرر هذا كان على الجهات المختصة الإسرائيلية أن تحاصر السودان في المركز وفي الأطراف بنوع من الأزمات والمعضلات التي يصعب حلها، ومضى قائلاً 'إنه كان لزاما على 'اسرائيل' ان تنزع المبادرة من يد السودان حتى لا يتمكن من بناء دولة قوية ومستقرة، وكان هذا العمل بمثابة التنفيذ الفعلي للإستراتيجية الإسرائيلية التي تبنتها رئيسة الوزراء 'الإسرائيلية' غولدا مائير منذ العام 1967 والخاصة بإضعاف الدول العربية واستنزاف طاقاتها في أطار المواجهة مع 'أعدائنا'، وكشف الوزير الإسرائيلي عن بؤر ومرتكزات أقامتها 'اسرائيل' حول السودان لكي ينطلق منها المخطط الإسرائيلي، وقال ديختر ان تلك البؤر أوجدت في إثيوبيا وأوغندا وكينيا وزائير، واشرف عليها قادة 'اسرائيل' المتعاقبون من بن غوريون وليفي أشكول وغولدا مائير ومناحم بيغن وإسحاق شامير وإسحاق رابين وارييل شارون وذكر أن إقامة تلك المرتكزات والبؤر في الدول المذكورة والمجاورة للسودان حتمه بعد السودان الجغرافي عن 'اسرائيل'، مشيراً الى ان المخطط قد نجح في إعاقة قدرة السودان على إقامة دولة سودانية قادرة على تبوء موقع الصدارة في المنطقتين العربية والإفريقية.

ثم أكد أنه وفيما يتعلق بدارفور فأن التدخل الإسرائيلي كان حتميا، وذلك لأن الهدف كان دوماً خلق سودان ضعيف ومجزأ، كما نضع في نصب أعيننا كذلك حق سكان دارفور وواجبنا الأدبي والأخلاقي تجاههم، كاشفاً عن أن 'إسرائيل' لها وجود قوي في دارفور، بدعوى وقف الفظائع ضد شعبها، ولتأكيد حقه في التمتع بالاستقلال وإدارة شؤونه بنفسه، مدعياً أن العالم يتفق معهم في انه لا بد من التدخل في دارفور، مشيراً الى أن الموقف العالمي ساعد في تفعيل الدور الإسرائيلي وإسناده كدور منفصل عن الدورين الأمريكي والأوروبي.

كاشفاً عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون كان هو صاحب فكرة تفجير الأوضاع في دارفور، مشيراً الى أن شارون اثبت انه يمتلك نظرا ثاقبا وانه يفهم الأوضاع في القارة الأفريقية، وقد تبين ذلك من خلال خطاب كان شارون قد تحدث فيه عن ضرورة التدخل في دارفور، وهذا ما تحقق بالفعل، وبنفس الآلية والوسائل والأهداف التي رمت إليها 'اسرائيل'. وطمأن الوزير الإسرائيلي مستمعيه بأن قدرا كبيرا وهاما من الأهداف الإسرائيلية تجد فرصتها للتنفيذ في دارفور الآن.

 

علاقة وثيقة مع متمردي دارفور

 

ويشار في هذا السياق الى الصلة الوثيقة التي تربط بين عبد الواحد النور زعيم الفصيل المسمى باسمه من حركة تحرير السودان وإسرائيل وزياراته المتكررة لها، وتأكيده على اعتزامه زيارتها مرات عديدة وفتح سفارة لها وقنصليات في أقاليم السودان المختلفة عندما يتولى الحكم - حسبما يؤكد -، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح بابا واسعا للتدخل الإسرائيلي في صراع دارفور، والإسهام في تعقيده أكثر، وتصفية حسابات تل أبيب مع الخرطوم وتصعيد الضغوط عليها لتتخلى عن تأييدها لحركات مثل حماس والجهاد الفلسطينيتين وحزب الله اللبناني التي اعتبرتها هي والولايات المتحدة ودول غربية أخرى منظمات إرهابية .

ويشار كذلك الى اللقاء الذي كان قد أجراه عبد الواحد النور مع رئيس المخابرات الإسرائيلية اللواء مائير دجان ومسؤول آخر في وزارة الدفاع، يعد مؤشرا قويا على طبيعة الدور الذي يريد عبد الواحد أن تقوم به 'إسرائيل' في دارفور خاصة والسودان عامة من قلقلة الأوضاع أكثر أمام حكومة الخرطوم، مرورا بالتنسيق بين حركات التمرد المتنامية كالسرطان حتى بلغ عددها 19 فصيلا بالمقارنة بحركتين فقط في بداية التمرد عام 2003، وانتهاء بكيفية تزويد تلك الفصائل بالسلاح .

 

هل يتدخل الجيش الإسرائيلي لحسم الصراع في دارفور

 

وكانت صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية قد كشفت النقاب عن طلب عبد الواحد محمد نور، زعيم 'حركة تحرير السودان' من إسرائيل دعم مليشياته المقاتلة في مواجهة الجيش السوداني في إقليم دارفور، وفضحت الصحيفة وبالطبع بتعليمات عليا من أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية لقاء محمد نور التقى بالجنرال، عاموس جلعاد، رئيس الأمن السياسي بوزارة الدفاع، خلال زيارته لإسرائيل في مطلع شهر شباط (فبراير) الماضي، وذلك لعدة أهداف منها:

1. إرباك القيادة السودانية.

2. منح فصيل نور المزيد من القوة والثقة بالنفس.

3. أن توقيت الإعلان عن هذا اللقاء الذي من المؤكد قد سبقه العشرات من اللقاءات السرية يشكل بداية للتدخل العلني الإسرائيلي في الشأن السوداني بعد أن ظل التدخل يتم بشكل سري.

وكشفت الصحيفة عن قيام نور بزيارة 'إسرائيل'، برفقة مجموعة من يهود أوروبا، للمشاركة في مؤتمر 'هيرتسيليا' السنوي، ولم يتحدث عبد الواحد في أي من جلسات المؤتمر إلا أنه حضر العديد منها. وأثناء المؤتمر تم تقديم عبد الواحد إلى جلعاد ورتب الاثنان للقاء عُقد بعدها بأيام قليلة في وزارة الدفاع، ونقلت الصحيفة تعقيبا من الوزارة جاء فيه: 'من أجل الأمن القومي تمت عدة لقاءات، وليس من سياستنا تقديم ردود بعد كل من هذه اللقاءات، وبالطبع فأن هذا الرد في حد ذاته يعد أقوى دليل على صحة ما سبق وأن أكده مصطفى عثمان إسماعيل مستشار رئيس الجمهورية السودانية من أن إسرائيل تخطط ومنذ أمد بعيد لحرمان الســــودان من اســــتغلال إمكانيـــاته لأنه لو استغلها لأصبح دولة عملاقة وهذا لا يصب في مصـــلحة الأمــن القومي الإسرائيلي، وهو ما يعني أن الصهاينة قد شرعوا بالفعل في تنفيذ مخططاتهم البغيضة وبشكل فج وعلني مثير للدهشة والاستغراب.

المثير للضحك هو أن عبد الواحد نور والمقيم حالـــياً في فرنسا رفض الحديث في البداية عن فحوى زيارته لتل أبــــيب وتهرب من كافة من حاولوا الاتصال به للوقوف على أبعاد هذا اللقاء العلني الذي أن دل على شيء فإنما يؤكد على عمق العلاقة بين إسرائيل ونور وأمثاله.

لكن ومع وطأة الضغوط راح يسوق أدلة واهية عن أسباب فعلته تلك وصرح في حوار لقناة 'العربية' بأن زيارته إلى إسرائيل جاءت للوقوف على أحوال اللاجئين السودانيين في 'إسرائيل'، وأنه كزعيم لحركة تحرير السودان يقوم بزيارات إلى كل الدول التي بها لاجئون سودانيون للوقوف على أحوالهم، وعن أن الحركة لها مكتب في 'إسرائيل'، قال نور 'نعم لدينا مكتب في 'إسرائيل'، مشيراً الى أن هنالك تطبيع مع 'إسرائيل' على المستوى الشعبي، حيث إن اللاجئين يعملون ويأكلون ويتعلمون مع 'الإسرائيليين'، أما على المستوى السياسي فقال 'إنه لو استلم السلطة في السودان فسوف يفتح سفارة 'لإسرائيل' في الخرطوم وقنصليات في الأقاليم'. وأضاف أنه زار 'إسرائيل' عدة مرات وسوف يزورها مراراً. وأوضح أن 'إسرائيل' حمت اللاجئين من دارفور من الإبادة من طرف حكومة الخرطوم بمنحهم حق اللجوء.

 

محاكاة تجارب الماضي في دارفور

 

ولا يخفى على أحد أن إسرائيل ستظل دوماً العون والسند لأي جهة سواء أكانت دينية أم عرقية أم أثنية أو حزبية متمردة وراحت تتواصل معهم في لبنان والعراق وسورية ودول أخرى غيرها بهدف زعزعة أنظمة الحكم القائمة فيها والسعي من أجل فرض الإرادة الإسرائيلية على تلك الدول والعبث فيها بشتي السبل والوسائل.

وعلى ما يبدو فأن مسؤولي أجهزة الأمن والاستخبارات في 'إسرائيل' قد لقنوا 'نور' دروساً في حب إسرائيل وخدمتها وبذل المستطاع من أجل رفعتها وأتساع أراضيها، وهو ما بدا واضحاً من تصريحاته التي كشف فيها عن مدى خضوعه التام لإسرائيل وتحالفه معها، حيث قال وبالحرف الواحد 'نحن يجب أن نصوغ تحالفات جديدة لم تعد مستندة على الجنس أو الجين، لكن على القيم المشتركة من الحرية والديمقراطية.. لذلك فقد فتحنا مكتباً تمثيلياً للحركة في 'إسرائيل'، لمساعدة اللاجئين السودانيين الذين وجدوا في 'إسرائيل' ملاذاً يحميهم من العنف الدائر في دارفور.

ويشار الى أن الناطق باسم الخارجية السودانية، علي الصادق، اعتبر في وقت سابق أن زيارة زعيم حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور عبد الواحد محمد نور إلى إسرائيل دليل على أن الأزمة في الإقليم تحركها أيادٍ خارجية، وقال إن نور كان ينفي مراراً صلته 'بإسرائيل'، ولكن الآن أمره أنفضح، وأضاف أن الزيارة تؤكد ما ذهبت إليه الحكومة السودانية منذ اندلاع أزمة دارفور بأنها تحركها أيادٍ خارجية تدعم حركات التمرد مادياً وأدبياً ومعنوياً، وأضاف الصادق قائلا: إن وجود علاقات بين نور و'إسرائيل' أمر مفضوح رغم أنه ظل ينكر ذلك، ونوه إلى أن أحد وزراء 'إسرائيل' ذكر العام الماضي أنهم يدعمون الحركات في دارفور وحسب الناطق باسم الحكومة فإن زيارة نور إلى 'إسرائيل' لن تزيده إلا بُعداً عن المواطنين في دارفور، وقال إن المواطن في دارفور متمسك بدينه وعقيدته وهو ضد من يعمل ضد المسلمين، كما نرى ذلك من قِبَل 'إسرائيل' ضد الفلسطينيين. واعتبر الصادق حديث نور بأن زيارته 'لإسرائيل' تجيء من أجل تفقد أوضاع اللاجئين من أبناء دارفور في إسرائيل، بأنه 'غطاء لممارسة تعامله مع إسرائيل'، قبل أن يتهم نور بممارسة 'اللف والدوران والهروب من عملية السلام في دارفور'.

 

فصيل متمرد لا يقبل السلام

 

وكانت الحركة التي يتزعمها نور قد رفضت التوقيع على اتفاقية 'أبوجا' التي وقعت بين حكومة الخرطوم وبعض فصائل المعارضة، كما رفضت، إلى جانب فصيل تمرد رئيسي آخر، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مبادرة عربية لرعاية مفاوضات لإحلال السلام في الإقليم، وبررت الحركة رفض المبادرة العربية بدعوى أنها تستهدف دعم الرئيس السوداني وتأجيل إجراءات المحكمة الجنائية الدولية حول دارفور بعد أن اتهم مدعيها العام لويس مورينو أوكامبو في تموز (يوليو) الماضي البشير بالإبادة الجماعية وطلب إصدار مذكرة توقيف دولية بحقه وتتكون حركة تحرير السودان من مقاتلين ينتمون أساسا إلى قبائل الزغاوة والمساليت والفور، وهي من أبرز القبائل الأفريقية بإقليم دارفور، وعرفت الحركة في البداية باسم 'جبهة تحرير دارفور'، وتحمل مسماها الحالي منذ 14 اذار (مارس) 2003 ، وفي وقت سابق، أبدى محمد نور، الذي فر إلى فرنسا عام 2007، تأييده تطبيع العلاقات بين السودان و'إسرائيل'، بل وأشار إلى عزمه فتح مكتب لحركة تحرير السودان في تل أبيب.

 

أدلة قوية على الدور الإسرائيلي

 

ويشار كذلك الى أنه سبق وأن أكد الزعيم الليبي معمر القذافي الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، مسألة الدور الإسرائيلي في دارفور حينما أشار بأصابع الاتهام الى 'قوى أجنبية' من بينها 'إسرائيل' بالمسؤولية عن الصراع في دارفور، وتأكيده كذلك على أن الجيش الإسرائيلي من بين من يؤججون الصراع، مؤكداً ليس سرا أن نعلن أننا اكتشفنا بالدليل المادي القاطع أن مشكلة دارفور تحركها قوى أجنبية وتذكي نارها، وأشار كذلك بقوله' لقد اكتشفنا أن بعضا من قادة التمرد المهمين في دارفور قد فتحوا مكاتب لهم في تل أبيب ويجتمعون بالعسكر هناك لكي يضعوا مزيدا من الوقود على النار في دارفور.

 

خليل إبراهيم والتعاون مع إسرائيل

 

هذا ولم تقف الاتهامات والأدلة الدامغة بالتعاون مع إسرائيل عند عبد الواحد نور، فقد سبق وأن اتهم الرئيس البشير اخرين بتلقي أموال من 'إسرائيل' بهدف القيام بانقلاب ضد النظام الإسلامي في السودان، وقال إن هؤلاء ينفذون 'أجندة خارجية'، مستشهدا على ذلك بالتساؤل عن الجهة التي اشترت لهم العربات والسلاح ومولتهم لترويع المواطنين و'الحلم باحتلال الخرطوم'.

الثابت أنه ومن المؤكد فأن قرار توقيف البشير من شأنه أن يشكل حافزاً جديداً أمام إسرائيل للتغلغل في السودان حتى يتسني لها تحقيق ما تريد مستقبلاً، وهو ما يتطلب تكاتفاً عربياً وإسلامياً وأفريقياً لإنقاذ هذا البلد قبل أن تتوحش فيه أذرع الأخطبوط الصهيوني وتبدأ في العبث في بلدان المنطقة الواحد تلو الأخر، وعلى هذا الأساس فأن على الجميع التكاتف الآن من أجل إيجاد مخرج سريع للأزمة التي دخل فيها السودان وإنقاذه.

 

' كاتب مصري متخصص في الشؤون الإسرائيلية