خبر سعاد تكابد الحصار في غزة وتُحرم من رؤية أهلها في عمّان منذ سنوات

الساعة 01:30 م|12 مارس 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

وقفت الشابة سعاد يوسف عاجزة بعد محاولاتها المتكررة للحصول على تأشيرة دخول إلى الأردن، للالتحاق بعائلتها التي تعيش هناك، وهي تقبع في قطاع غزة المحاصر منذ ثلاثة سنوات، حرمت خلالها من عائلتها وظلت مع المحاصرين في القطاع لتشهد الحرب الأخيرة عليه.

 

عائلة "يوسف" الفلسطينية التي تنحدر منها سعاد، واحدة من العائلات الكثيرة التي ذاقت مرارة التشتت في بلدان عربية شقيقة، تنقلت كطائر حزين من غصن إلى غصن، دون أن تستطيع الاستقرار في موطن واحد.

 

"في كل لحظة أتذكرهم، فهم يعيشون في وجداني، وقد أصبح الشعور بالوحدة رفيقي .. كم أتألم وأبكي كثيرا عندما أسمع بأن شخصاً خرج من غزة وأنا لا أستطيع العودة لأسرتي".

 

بهذه الكلمات تحدثت سعاد (24 عاما) عن قصة "تقطيع حبل وصالها بأهلها الموجودين في الأردن" بعد أن حرمت من الحصول على "عدم ممانعة" لمغادرة غزة إلى الأردن، حيث والدها، والدتها، إخوانها، أخواتها، وكل عائلتها.

 

قصة سعاد، هي ذاتها قصة نكبة آلاف الأسر الفلسطينية التي هجرت من أراضيها المحتلة، بعد عام 1967، واحتلال الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وطرد نحو (460) ألفاً من السكان الفلسطينيين منها.

 

والد سعاد، هو واحد من (275) ألفاً من الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح والعمل خارج الضفة والقطاع في مناطق الجذب الاقتصادي العربية، بعد أن فرضت عليهم الهجرة القسرية تحت وطأة ضيق القاعدة الاقتصادية الفلسطينية في الضفة والقطاع، التي نالت منها السياسات الاقتصادية للسلطات الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى الآن.

 

وتشرح سعاد قصة تشردها وأهلها قائلة: "خرج والدي من غزة عام 1967 إلى مصر وارتبط بوالدتي الغزية الأصل التي سافرت إليه لتعود إلى غزة عند كل فترة حمل وميلاد لتضع مولودها ليتمكن من الحصول علي الجنسية الفلسطينية".

 

وأضافت: "كنا خلال فترة 1989 حتى العام 1992 حين اختار والدي الانتقال للعيش في الأردن، نذهب لزيارة والدي بمصر ومنذ عام 1992 وحتى عام 1998 أي ما يقارب سبع سنوات لم أر والدي الذي كان يمثل لي الأب الحنون والصديق والرفيق وفى عام 1998 عدت مع أسرتي إلى الأردن ليلتئم شمل العائلة التي طال شتاتها".

 

شهر آذار (مارس) من عام 2006 كان بداية المعاناة الحقيقة والأصعب لـ"سعاد"، حين منعت من الخروج من غزة، بعد زيارة لها للقاء أقاربها وأحبائها، كان مقررا أن تكون قصيرة، إلا أنها طالت.

 

وتغلق الحكومة المصرية معبر رفح بشكل شبه كامل، منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على قطاع غزة في حزيران (يونيو) 2007، وتفتحه بشكل متقطع للحالات الإنسانية.

 

طأطأت سعاد رأسها، وسالت دمعة من عينها اخترقت وجنتيها، قبل أن تضيف والأسى يغطي ملامحها: " لا أعلم ما الخطر الذي أشكله على موطني الثاني "الأردن" لتمنعني من الحصول على قرار "عدم الممانعة" للمرة الخامسة على التوالي لدخول أراضيها وتحرمني الخروج من غزة مع من خرجوا من أصحاب الإقامات لألتقي بعائلتي التي اشتقت لرؤيتها كثيرا".

 

إقامة سعاد في غزة انتهت، وانتهى معها جواز سفرها الفلسطيني، لتبدأ رحلة معاناة جديدة، بدأت حين منعت حكومة فياض إرسال دفاتر جوازات السفر الفلسطينية إلى قطاع غزة، بحجة أن الحكومة هناك غير شرعية.

 

و قالت  سعاد "زادت معاناتي، فكيف لي أن أجدد جواز سفري ورام الله تمنع تجديد الجوازات في غزة أو حتى إرسال دفاتر الجوازات".

 

ومنذ سبعة أشهر، تمنع الحكومة الفلسطينية في رام الله، إرسال دفاتر جوازات سفر إلى غزة، الأمر الذي ترتب عليه منع مئات المرضى من الحصول على جوازات سفر لتلقي العلاج في الخارج وحرمان الطلاب من التعليم في الخارج أو إكمال تعليمهم، بالإضافة لآلاف المواطنين الذين حصلوا على "لم الشمل".

 

وبين غزة ورام الله، تشتعل مأساة سعاد، لتحرق نارها ما تبقى من ضمير لدى إسرائيل ومن تسبب في منعها، فهل حكم على سعاد أن تُحرم من فرحة العودة لحضن عائلتها التي ينتابها القلق المتواصل على ابنتها "المبعدة قسرا"؟.

 

وتكمل بكل حسرة "ما أصعب أن تجد نفسك ورغما عنك بعيدا عن أهلك ومفروض عليك وقت لا تعرف متى قد ينتهي بعد أن طال لأكثر من ثلاثة أعوام لا تملك فيها مكانا لراحة ولا استقرار".

 

"أهل غزة، مضيافون لا يقصرون، وكل من حولي يحاول أن يشعرني بأني في بيتي، ولكن شعور الشوق لأهلي يقتلني والتنقل من بيت لآخر يتعبني فليس للإنسان سوى بيته ووالديه ليشعر بالراحة والاستقرار معهم" بهذه الكلمات حاولت سعاد أن تطمئن قلوبنا أنها في أمان من الخوف والجوع في كنف أقاربها رغم بعدها عن أهلها.