خبر اختبار المسؤولية الأخير.. هآرتس

الساعة 10:00 ص|12 مارس 2009

بقلم: يسرائيل هارئيل

المصانع تغلق والاف المعيلين يتعرضون للاقالة. التباطؤ في الاقتصاد يقلص مجال النشر، والاعلام يمر في حالة ضغط هي الاصعب ربما بالمقارنة مع تلك الحالات التي يمر بها الاقتصاد عموما. الهدف تحقيق اكبر قدر ممكن من المشاهدة لاعادة الناشرين، يبرر اية وسيلة على ما يبدو.

الوسيلة الاكثر فعالية هي التركيز المنفعل والخداع على قضية الاسرى والمفقودين. في هذا الاسبوع وصلت هذه الوسيلة في حملة دعاية فظة منفلتة لاطلاق سراح جلعاد شليت، الى ذروة لم نشهدها من ذي قبل في الجوالات السابقة، حيث تم اطلاق سراح مخربين كثيرين مقابل جثتي الداد ريغف واودي غولد فاسر.

هناك شك ان كانت هذه الطريقة ستعيد وسائل الاعلام الى استقلالها الاقتصادي، ولكن من الواضح ان جزءا ملموسا من الجمهور بما فيه اولئك الذين يجمعون على ان ثمنا غير متناسب سيدفع مقابل اطلاق سراح شليت، سئم مؤخرا وجبات الدعاية المتزاحمة التي تغرقه بها وسائل الاعلام في هذه القضية. منذ ان اقامت عائلة شليت في خيمة الاحتجاج في القدس، يبدأ جزء كبير من نشرات الانباء  في الاذاعة والتلفاز بقضية شليت بينما تقدم المشاكل الحقيقية التي تعاني منها الدولة كالاقتصاد وتشكيل الحكومة ومشاكل الامن وعلى راسها وصول ايران الى عتبة القنبلة النووية كمواضيع ذات اهمية ثانوية.

عندما يمنح التلفاز والاذاعة دقائق بث طويلة للمتوجهين لخيمة عائلة شليت – من الذي يمكنه ان لا يتوجه الى تلك الخيمة. ها هو وزير الدفاع الذي تعرض لضربة في الانتخابات ايضا لانه فشل في اعادة جلعاد بالتاكيد في اطار عملية "الرصاص المصهور" يتوجه الى الخيمة "للتضامن"، وكانه ليس اول المتحملين للمسوؤلية في هذه القضية. ابناء العائلات الذين فرضوا على الدولة اطلاق سراح كبار المخربين مقابل جثث اعزائهم حظوا هم الاخرين برعاية اعلامية واسعة. هؤلاء قد حددوا مستوى عاليا ثمينا وخطيرا لا تعرف هوية ضحايا وعددهم بعد، مقابل اطلاق سراح المخطوفين والضحايا المستقبليين.

هدف وتوقيت اقامة الخيمة قبالة منزل ايهود اولمرت معروف: ممارسة ضغط لا يمكنه ان يتحمله. انت الذي ارسلته وانت الذي تتحمل المسؤولية الشخصية – تقول حملة الضغوط الساعية لاستمالة الراي العام والمغطاة اعلاميا والتي لا تذكر طبعا المسؤولية الاخرى الاكثر شمولية التي يتحملها رئيس الوزراء. في السياق نحو الكثيرين من الذين قد يتعرضون للاختطاف او فقدان ارواحهم ان اطلق سراح منفذي اعمال القتل الجماعية وقادتهم.

وان كانت هذه الجلبة غير المتناسبة تحدث حول قضية اطلاق سراح اسير واحد وتنجح في غسل دماغ الكثيرين من الجمهور وصناع القرار لدرجة انه يطالبون بدفع اي ثمن تطلبه حماس – سيكون من السهل علينا ان نخمن الجلبة التي ستثور والاثمان التي سنتطالب بدفعها – (اثر "الانتصار" في حملة الدعاية الحالية)، ان اختطف جنود لا سمح الله او مواطنون بعدد اكبر.

بامكان اولمرت ان يعيد القليل من التقدير لنفسه ان تصرف في اللحظة الاخيرة كقائد يضع المصلحة الوطنية نصب عينيه ولا يخضع لجاذبية الراي العام وعناق من دافعوا عنه في الماضي ويشاركون الان في اثارة الهستيريا الجماعية (فمن الناحية الجوهرية يمكن القول ان الموقف المؤترج نحوه في الماضي والسلوك عديم المسؤولية في قضية شليت في الحاضر يتساوقان معا).

يطالبونه بان يقوم بعمل ما الا ان ما تبقى لديه من ضمير لا يتيح له على ما يبدو ان يفعله: المس بالمصالح الاستراتيجية والحقيقية طويلة المدى للدولة. ان تصرف كقائد في الايام الاخيرة التي ما زالت الصلاحيات خلالها بين يديه – لن يغفر له التاريخ ذلك.