خبر حتى الحرب القادمة.. هآرتس

الساعة 09:59 ص|12 مارس 2009

بقلم: جدعون ليفي

فجأة اصبح لدينا اجماع وطني جديد:- الحرب في غزة قد فشلت. المستقيمون يقولون:- "فشل". المضللون يقولون:- ان "الانجازات" قد بددت. اليساريون بدورهم يقولون:- "لم تكن هناك حاجة للبدء" اليمينيون يقولون:- "لم تكن هناك حاجة للانتهاء". والجميع يعترفون معا:- اخفاق وفشل.

ولكن الفشل صغير الى هذا الحد في نظرنا لان الحرب كانت شبه مجانية، (13) قتيلا اسرائيليا فقط. لذلك ستكون اول حرب منذ (36) عاما تنتهي من دون تشكيل لجنة تحقيق على اثرها. كان هناك اخفاق لا يقل جسامة عن كل ما سلفه ولكن ليس هناك ما يمكن التحقيق فيه لاننا قَتَلنا فقط من دون ان نُقتَل وهدمنا دون ان نتعرض للهدم.

لجنة التحقيق لن تتشكل ولذلك لن يدفع احد فاتورة الحساب. (1300) قتيل فلسطيني وعشرات الاف الجرحى والمعاقين و (100) شخص جديد بلا مأوى هم ليسوا ثمنا جديرا بأ، يقوم احد بتحمل المسؤولية والذنب.

كل ما حدث كان سدى فلم يتحقق اي انجاز او هدف. لا ردع ايقاف للتهريب او اضعاف حماس او اطلاق سراح جلعاد شليت فهذه مسألة يجمع عليها الجميع لانها تقوم على الحقائق الراسخة.

ولكن الادهى من ذلك ان هذه الحرب تمخضت عن ثمن باهظ:- حماس زادت قوتها والشعب الفلسطيني جريح واشد كراهية واسرائيل تظهر في صورة المارق المجذوم في نظر الرأي العام الدولي مع اعمال شغب في ملعب كرة السلة في انقرة ومباراة تنسى من دون مشاهدي في مالو مثل اكثر الدول كراهية ونبذا.

لن يدفع احد ثمن كل هذه الامور. لا السياسيين الذين اخرجونا في هذه الحرب الجنونية ولا القادة العسكريين الذين كانوا مقاولين ثانويين لهذه الحرب. لن يتعرض احد للاقالة اما التقديم للمحاكمة فلا يتحدث احد عنه ولا حتى عن الهزة الخفيفية في جناح الجبروت والطغيان والعنف الاسرائيلي.

وفي اطراف هذه النبوءات الرهيبة – جوقة المشجعين ربما يتوجب ان نسوي الحساب معهم هم؟ هم جلسوا في الاستوديوهات والصحف واخذوا يحللون ويثيرون الحماس والغلواء، يحفزون ويضربون ويضغطون. المهم ان تعطوهم المزيد من هذه الحروب. ضربوا وقتلوا وهدموا وتقدموا بلا اشباع او توقف. هم حثوا طوال اشهر على الخروج بعد نفاذ صبر "للعملية الكبيرة" التي يتوقون لها وعندما تحققت امنيتهم اخذوا يصرخون مشجعين بانفعال لا تستهينوا بما فعله هؤلاء. كان لهم تأثير كبير في ظل وجود سياسيين انبطاحيين وضباط غامضين ضعفاء.

صوتهم دوى من ادنى البلاد الى اقصاها:- ان اضربوهم. ثم قالوا:- حرب لا تضاهى في نجاحها وعدالتها. هم وضعوا بانفعال واثارة التحركات والخطوات العسكرية العبقرية واخفوا الفظائع عن سوء نية وخبث واظهروا الهجمة المنفلتة من دون عدو مقاتل على انها حرب وصوروا لنا التقدم من دون عوائق على انه قتال بينما صوروا المناورات العسكرية على ظهر السكان المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة بانها نجاح.

الزبد لم يجف بعد من شفاههم منذ استعراضهم الرهيب الناجح سابقا في حرب لبنان الثانية وها هم يتداعون للاستوديوهات. مرة اخرى يعود الجنرالات احتياط والمحللون المجندون الذين لاقوا فشلا ذريعا في حرب لبنان الثانية الى غزة الاولى مع نفس العبارات الاجترارية والحماسية، لم يفكر احد باستبدالهم باصوات اخرى بعد فشلهم المدوي سابقا. هم لم يتعملوا شيئا ولم ينسوا شيء ومن ورائهم اغلبيتنا الساحقة نهز رؤوسنا بانصياع اعمى وراء ما يقولونه.

وهجمة "عليهم عليهم" لم تنتهي:- مرة اخرى بعد حرب لبنان الثانية تحولوا مرة اخرى الى طليعة المنتقدين – طبعا بعد ان انتهى كل شيء بالفشل مع توقيت غير هام بالمرة. من دون خجل او ندم، ندم الغطرسة والغرور والتعتيم. الان هم يعترفون:- الحرب التي هللوا لها قد فشلت. لماذا؟ لديهم تفسير:- لم نقتل عددا كافيا. لو اتيح لنا المجال قليلا – قليلا تعني 200 طفل قتيل اخرين و 500 امرأة جريحة – لتحقق النصر. لم يطالب احد منهم بالرد:- ماذا الذي كان سيحدث بالضبط لو واصلنا المزيد؟ هل كان شليت ليخرج من اسره؟ وهل كانت حماس لترفع راية بيضاء؟ ام ان الشعب الفلسطيني سينضم والحالة هذه الى الحركة الصهيونية؟

والان استعدوا للمتعة القادمة. هم يحثون على الخروج مرة اخرى الى غزة ولبنان دون اهمية للاولوية. وعندما سيتحقق مبتغاهم سيعودون للاستوديوهات في بداية الحرب القادمة وسيكونون مع العملية ومن ثم ينقلبون ضدها ولن يحاسبهم احد على عملهم الاجرامي هذا ولن يكون هناك جديد تحت الشمس.