خبر في الذكرى السنوية لشهداء بيت لحم الأربعة - صفحات مجد وأكاليل غار

الساعة 09:26 ص|12 مارس 2009

فلسطين اليوم-بيت لحم

قبل عام وفي مثل هذا اليوم ، جلس القيادي بحركة الجهاد الإسلامي الشهيد محمد شحادة (ابو شحادة) في المقعد الخلفي للسيارة وبجانبه الشهيد عيسى مرزوق وفي المقعد المجاور للسائق الشهيد احمد البلبول بينما حاول الشهيد عماد الكامل مغادرة مقعد القيادة في السيارة الا ان رصاصات المستعربين نالت منه على بعد امتار قليلة . كما اكد شهود العيان ان المستعربين تقدموا من السيارة وعادوا اطلاق النار مرة اخرى للتأكد من اتمام عملية الاعدام . وسارعت قوات كبيرة من جيش الاحتلال للدخول من محاور متعددة في المدينة لتغطية انسحاب قوة المستعربين .

 

وكان المطاردون الاربعة تعرضوا لملاحقات لا متناهية من جانب الاحتلال بهدف اغتيالهم الا ان الله كان يكتب لهم النجاة في كل مرة فمن هم الشهداء الاربعة

 

الشهيد محمد شحادة في اواسط الاربعينات من العمر التحق بحركة فتح في اواسط السبعينات واعتقل على خلفية نشاط مسلح حيث امضى عشرة اعوام ليخرج في صفقة التبادل عام 85 . اعتقل اداريا عدة مرات في انتفاضة الحجارة والتحق بحركة الجهاد الاسلامي وكان من ابرز ناشطيها في فلسطين وابعد على مرج الزهور واصبح مطاردا للاحتلال منذ عودته ومع اندلاع انتفاضة الاقصى التحق ابو شحادة بالمقاومة وطورد من بدايتها وتعرض لعدة محاولات اغتيال ودوهم منزله عشرات المرات الى ان هدم قبل اسبوع على اعتقاد انه في داخله حيث شاركت الطائرات المروحية في الحصار وكذلك المجنزرات والجرافات .

 

الشهيد احمد البلبول ايضا في اواسط الاربعينات من العمر التحق بحركة فتح واعتقل في نهاية السبعينيات وكذلك مع بداية الثمانينيات وكان من مؤسسي لجان الشبيبة في بيت لحم . اعتقل عدة مرات اداريا في الانتفاضة السابقة الى ان اتهم بتهريب كمية من الاسلحة عبر البحر الميت واعتقل لسنوات على اثرها . ومع بداية الانتفاضة طورد للاحتلال وتعرض لعدة محاولات اغتيال ودهم لمنزله وعرف عنه قدرته على التخفي والتنكر .

 

الشهيد عيس مرزوق في الثلاثينيات من العمر عضو بلدية بيت لحم من نشطاء الجهاد الاسلامي وكان مراسلا لقناة المنار في بيت لحم امضى اكثر من اربع سنوات في سجون الاحتلال وكان ناشطا طلابيا في جامعة بيت لحم متمتعا بقدرات خطابية وثقافة واسعة .وكان ممثل حركة الجهاد اللأسلامي في لجنة الطوارئ الوطنية والاسلامية والناطق بلسان حركة الجهاد في الضفة الغربية .

 

الشهيد عماد الكامل في الثلاثينات من العمر واعتقل عدة مرات من جيش الاحتلال على خلفية نشاطات للجهاد الاسلامي وشارك في مقاومة الاحتلال خلال انتفاضة الاقصى .

 

اثنان من الشهداء ( البلبول وابو شحادة ) كانا زارا في وقت سابق ظهر اليوم مقر وكالة معا للالتقاء مع قادة من حركة فتح وفي خلال اللقاء العاجل ابلغا رئيس التحرير رسالة للعالم مفادها ( ان الاحتلال لا يريد اعتقالنا بل يريد اغتيالنا ) .

 

وحمّلا الاحتلال مسؤولية انهيار ما يسمى بالتهدئة وقال المطاردان محمد شحادة واحمد البلبول خلال تواجدهما في وكالة معا ( حتى لو نريد نحن التهدئة فان الاحتلال يبحث عنا ليقتلنا ) .وقبل ان يغادر مقر معا ، قال محمد شحادة للزميل ناصر اللحام : المهم ان تبلغ العالم ان اسرائيل لا تريد ان تعفو عن المطاردين بل تريد قتلنا .

 

وفي الذكرى السنوية تقدّم اخوة واصدقاء الشهداء واهالي المحافظة الى وكالة معا لنقل كلمات العز والفخر بهذه المناسبة ، فالشهداء الاربعة حافظوا على طهارة السلاح ، لم يظلموا السكان ولم يبتزّوا التجار ولم يعربدوا ولم يطلقوا النار فوق رؤوس السكان ، بل كانوا نموذجا لطهارة سلاح الانتفاضة ، وكثيرا من الاحيان تغنّت بيت لحم بقصص انسانية لهم حين كانوا يناصرون المظلومين ويهبوا لنجدة المحتاج وابن السبيل ، حتى انهم وفي اكثر من مرة كانوا يهددون امنهم الشخصي ويخرجون لفض نزاع عشائري او للتدخل عند اجهزة الامن الفلسطينية لرفع الظيم عن مظلوم . حركة فتح في محافظة بيت لحم عملت على تكريم الشهداء يوم الجمعة الماضي في فندق بيت لحم بحضور حشد كبير من رجال المجتمع والشخصيات الوطنية والاسلامية والاعتبارية ورجال الطوائف .

 

محمد شحادة - ابو شحادة - من امراء الجهاد الاسلامي في فلسطين - جلس قليلا وسارع لتقبيل الحاضرين بحرارة وثقة وكان يحمل بندقيته ( MP5) وكأنما يحتض ولدا من اولاده ، ثم طلب ان نضع له فنجان القهوة في كاس من البلاستيك ليشربه وهو في السيارة ، وردا على أسئلتنا التي انهمرت عليه مثل المطر قال " انا حزين جدا لانهم هدموا بيتي الذي نشات وترعرعت فيه منذ صغري ، وهذا البيت غالي على قلبي " . ثم اردف يقول ( انهم لا يريدوننا احياء لا يريدون اعتقالنا انهم يريدون قتلنا وعليكم انتم كصحافيين ان تعرفوا انهم لا يريدون حل مشكلة المطاردين بل اعدام المطاردين .

 

احمد البلبول ( ابو محمد ) الرجل الذي سخر دائما من الموت ، بل كان يلعب بالموت مثلما يلعب ضابط بمسدسه بكل ثقة .كان يحب اولاده لدرجة انه كان يحملهم معه في السيارة وهو مطارد ، كان يحب الحياة لانها من حقه وحق اسرته ، متابع من الدرجة الاولى ، ومنتمي لقضيته بقناعة ، ذات يوم شاهد رجل يعتدي على امرأة عجوز في شوارع البلدة القديمة ببيت لحم فاطلق الرصاص فوق رأس الرجل وقال له : لا تعتقد ان بيت لحم خلت من رجالها .

وكان البلبول يتعجب دائما لماذا لم يتم ادراج اسمه في قوائم العفو عن المطاردين .

 

عيسى مرزوق - عضو بلدية منتخب في بيت لحم ، هادئ واثق ، غير متردد ، احب محمد شحادة ونشطاء الانتفاضة لدرجة انه لازمهم وعاش معهم في الكهوف ، وبالاضافة الى ثقافته المتميزة وثقته بنفسه ، كان عيسى مناضلا مؤمنا لا يشق له غبار ، اكثر ما يؤلمه الظلم ، وكان لا يتردد في دخول اي معركة مع اي كان للدفاع عن مظلوم .

 

عماد الكامل - شاب في اوج الحياة والانتماء ، يشبه الخيل الاصيل وهو من عائلة وطنية أصيلة ، كان خير رفيق للقائد ابو شحادة . وكان في كل مرة يراه الصحافيون يسارع الى الابتسامة في وجوهم وكأنما كان يقول لهم " لا تخافوا اطمئنوا " فيزرع الثقة في نفوس الجمهور ويعطيهم الامان وكأنما ثقته في نفسه وفي قضيته تقهر اعداءه وتمنح محبيه الامل .

 

عاشوا اصدقاء وماتوا اصدقاء ، وبعد عام على استشهادهم لا يزال الناس يتناقلون قصص الوفاء والمجد عن سيرتهم ، ويقطفون من ذكراهم عسل السيرة العطرة ، ويؤكد ذووهم واصدقاؤهم ان الشهداء كانوا ذهبوا الى الاستوديو والتقطوا الصور وطلبوا من المصور ان يجهز لهم بوستر وكأنهم كانوا على موعد مع الشهداة ، ويؤكد من حظي بشرف رؤيتهم في يومهم الاخير انهم كانوا يتمنون الشهداة وكأنها وعد من الله الى جنوده الذين اصطفاهم ، كانوا يحبّون الوطن ويكرهون من يثني عزيمة الجمهور بالاقاويل المحبطة ، وكانوا يمنحون من حولهم سببا لحب الحياة والتغيير ، وكان الجميع يخاف عليهم وهم لا يخافون الا على الوطن ..... أوليست الحياة بكل ما تعنيه سوى لحظة عزّ ؟