خبر هكذا أباد الجيش الصهيوني عائلات فلسطينية بأكملها!! ..بقلم: نواف الزرو

الساعة 07:31 م|10 مارس 2009

ما جرى في غزة ربما يرتقي الى مستوى  تسونامي.. او إعصاري..او بركاني.. او زلزالي.. او نكبوي ان جاز القول، فكافة مفردات المحرقة/الكارثة المجازرية مهما بلغت درجات ومقاييس وشدة وقعها لن يكون بمقدورها أن تعبر تعبيرا حقيقيا عما حدث ولن يكون بمقدورها ان تختصر ما جرى بعبارات الالم والمأساة والوجع الكبير.

 

فبعد هذه الحرب المحارقية التي تواصلت على مدى 22 يوما طفحت كلها بمشاهد مروعة قاسية، استيقظت غزة لتتفقد جراحا كبيرة غائرة، غرستها الحرب/المحرقة  في خاصرتها، وشوهت خارطة تفاصيلها الجميلة.

 

وحجم الوجع هذه المرة وفق صورة قلمية فلسطينية "شديد الاتساع لدرجة أفقدت أقلامنا القدرة على النطق، ولم نعد ندري من أين نبدأ؟ من شرق الحزن أم من جنوبه؟ من شماله أم من غربه؟".

 

فمع كل خطوة كانوا هناك "يتعثرون بدمعة ساخنة، أو بقصة دامية، أو مشاهد مريرة لا يمكن لكل كاميرات الدنيا أن تلتقط دموعها".

 

فواقع المشهد الفلسطيني الراهن على ارض القطاع"ان تلك الجولة الحربية هي الاكثر نزفا في النزاع" (يديعوت احرونوت - 2008/12/30)، و"ان ايام العدوان كانت الأكثر دموية في تاريخ الاحتلال لغزة منذ 41 عاماً" (يو.بي.آي) – قدس برس 2009/1/2، وصفها مركز حقوقي فلسطيني غزة بأنها "الأكثر دموية والاشد وحشية في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي للقطاع منذ 41 عاماً"، فـ"الغارات الإسرائيلية غيرت معالم قطاع غزة وأبادت عائلات بأكملها"  (فلسطين اليوم- الإثنين 29/ 12/ 2008)، و"رائحة الموت تفوح من كل أرجاء غزة وحتى القبور باتت صعبة المنال"! (الحياة الجديدة – صورة قلمية 2008/12/30 )، و"الفظائع تتلاحق" و"القصف يبيد تسعة أطفال في غزة وهم نيام" (قدس برس - الإثنين 29 / 12 / 2008)، وكذلك "يبيد خمس شقيقات .. ثلاثة أشقاء .. وطفلة"، و"مشفى الشفاء في غزة في كل ركن فيه حكاية وعلى كل سرير مأساة"..(عــ48ـرب/ 24/01/2009)، ووصل الاجرام الى مستوى "ان ذئاب بشرية من بني صهيون على جسد الطفل إبراهيم.. جنود إسرائيليون يتدربون على القنص" (الحقيقة الدولية – اسلام اون لاين 14.1.2009)، وفاقت الجرائم التصور فـ"اخذ الاحتلال يذبح الأطفال والأسر والمقاومة تواجه" (الخليج- الثلاثاء 06/01/2009)، بل "ان يوم السبت الاول في العدوان كان اسودا،  فالجثث بلا رؤوس .. وألاطراف متطايرة .. وكان هناك احياء يبحثون عن احبائهم وسط عشرات الجثث"، (معا/2008-12-28)، فاخذ نعمان شبورة من حي التفاح في غزة يبكي صارخا: "قتلوا زوجتي أبنائي بيتي دجاجي، برتقالي، و.."

– وكالات- الإثنين 19 / 1 / 2009، باحثا عن فلذات كبده "أين أحمد؟ وأين شمس؟"، وكان يصرخ بغضب حزين: "لم يبق لي أحد، دمر الاحتلال بيتي.. قتلوا زوجتي.. مات أبنائي الستة.. لقد تركوني وحيدا".

و"بصوت أقرب للهذيان بدأ ينادي على أحبة رحلوا ولن يعودوا: "أحمد.. شمس.. مروة.. شادي...".

 

ووفق التقارير الفلسطينية فقد اشتدت المحرقة الإسرائيلية في قطاع غزة من يوم ليوم وعلى مدى اسابيع العدوان، وتميزت ب"  ذبح الأطفال والنساء والعائلات الكاملة"، وحسب الشهادات والصور القلمية ف"ان رائحة الموت- كانت- تفوح من كل أرجاء غزة وحتى القبور باتت صعبة المنال/ الحياة الجديدة – 2008/12/30 "، الى ذلك فـ"ان أطفال غزة-كانوا- يصبحون ويمسون بين القصف ورعب الكوابيس" (الجزيرة  /2009/1/3 )، و"يصابون بالصدمات النفسية جراء القصف المتواصل ... بحيث اخذت تظهر أعراض التبول اللاإرادي والخوف من الظلام" (سما /2008/12/31 )، بل ان"أطفال غزة يتكومون أحياء إلى جانب جثث أمهاتهم"، اذ قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر انها "عثرت على  عثرت على عدد كبير من الجثث، وعلى اطفال يجلسون الى جانب جثث امهاتهم اللائي استشهدن".

 

وربما يكون الخطر الابعد اجرامية في  المشهد برمته "ان دولة الاحتلال ابادت عائلات باكملها".

 

فقد استهدفت قوات الاحتلال من العائلات على سبيل المثال عائلة السموني التي ابيد من ابنائها اكثر من ثلاثين فردا معظمهم من الاطفال والنساء"، ما شهد عليه نائب السموني (25 عاما) من العائلة قائلا: "إن قوات الاحتلال التي توغلت شرق حي الزيتون قامت بتجميع عشرات الأسر من عائلاتنا السموني في بيت واحد مساحته 180 مترا مربعا، ومن ثم قامت بدكنا بالقذائف لمدة عشر دقائق حتى سقطنا جميعا بين جريح وشهيد"، مضيفا: أنه "بعدما قامت قوات الاحتلال بإمطارنا بهذا العدد من القذائف، تحوّل البيت إلى بركة من الدماء، فمنّا من مات على الفور، ومنّا من ظل جريحا يصارع الموت حتى فارق الحياة بعد ساعات".

 

ورصد مركز حقوقي قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بـ"قصف تسعة أطفال في قطاع غزة، وهم نيام في منازلهم، ليلة الأحد/ الاثنين/ 29 / 12 / 2008"،  وشهد المركز في بيان صادر عنه أنه "في مشهد من أبشع المشاهد الإنسانية، سقط  خلال تلك الليلة 22 طفلاً فلسطينياً ما بين قتيل وجريح وهم داخل منازلهم". وأضاف "حيث قتلت خمس شقيقات طفلات في مخيم جباليا، شمال القطاع وهن نائمات داخل منزلهن، فيما قتل ثلاثة أشقاء أطفال  في مخيم رفح وهم نائمون داخل منزلهم، وطفلة تاسعة من مدينة غزة، أيضاً وهي داخل منزلها"، واستناداً لتحقيقات المركز "قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية  مسجد عماد عقل المكون من ثلاثة طوابق في بلوك 4 في مخيم جباليا، ذو أعلى كثافة سكانية في العالم، وأسفر ذلك عن تدمير المسجد بالكامل، وتدمير منزل مجاور يعود للمواطن أنور خليل بعلوشة، المسقوف بالاسبستوس، وانهياره على رؤوس قاطنيه، مسبباً مقتل خمسة من طفلاته، أصغرهن  في الرابعة من عمرها، فيما أصيب هو وزوجته وثلاثة من أطفاله الآخرين، بجراح"، وكانت الناجية الوحيدة رضيعة تبلغ الأسبوعين من عمرها، والشهيدات هن: جواهر (4 أعوام)، دنيا (8 أعوام)، سمر (12 عاماً)، إكرام (14 عاماً)، تحرير (17 عاماً).

 

كما استشهد خمسة مواطنين من عائلة واحدة في حي التفاح شرق مدينة غزة، وقالت مصادر طبية "ان جميع الشهداء ينتمون لعائلة بكر التي تقطن حي التفاح وان من بين الشهداء طفل في العام الاول من العمر، وطفلة في الثانية من العمر" (سما 2009/1/4)، واكدت مصادر طبية فلسطينية في مشفى الشفاء بغزة "ان سبعة افراد من عائلة ابو عيشة وصلوا اشلاء من منطقة المشتل شمال مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة"، واكدت المصادر "استشهاد الاب والام وخمسة من الاطفال في الغارة التي وقعت بعد ان سقطت قذيفة اطلقتها الزوارق الحربية على المنزل فمدمرت اجزاء واسعة منه" (سما 2009/1/4).

 

 اما المشهد الاشد ترويعا فكان في مدرسة الفاخورة التابعة للاونروا، حيث استشهد  فيها حوالي اربعين فلسطينيا معظمهم من الاطفال، وحيث ألاشلاء المتناثرة.. والدماء.. وألاجساد مقطعة وأخرى متفحمة.. والجدران مهدمة.. وأصوات صراخ..

 

 هكذا كان المشهد اذن واكثر...!

ف"جنرالات الاحتلال تجاوزوا في مجازرهم وجرائمهم حدود وسقوف  تلك المجازر والجرائم، واصبحوا يقترفون منها ما يمكن ان نطلق عليه ما بعد الجريمة، او"المحرقة "المفتوحة، وان كانت هذه المحرقة مفتوحة على نحو ارهابي لم يسبق له مثيل ضد كل ابناء الشعب العربي الفلسطيني، فانها مفتوحة على نحو اشد وابلغ وابعد اجرامية  ضد اطفال فلسطين، اذ اصبحوا يستهدفونهم  مع سبق التبييت والترصد، واصبحوا"يغطون المجزرة بمجزرة أفظع، ويقابلون شجاعة المقاتلين، بالمزيد من إبادة الأبرياء، وبات الموت فائضاً يتجاوز قدرة من يراقبون من بعيد، على الاحتمال والتماسك، فما بالنا بمن يفيض هذا الموت في مهاجع نومهم، وفي كل موضع من رقعة وجودهم، بل ان المدمنين على الجريمة باتوا لا يعرفون متى يتوقفون/ الحياة الجديدة".

 

ونقول حينما تتجمع مثل هذه الاعترافات والوثائق فانها تنضاف إلى جملة اخرى طويلة من الشهادات والوثائق ومن ضمنها شهادات ضباط آخرين في الجيش الإسرائيلي في مقابلات أجريت معهم، والذين قاموا بالكشف عن المجازر التي نفذت ضد جنود مصريين في العام 1956 وفي العام 1967، فانه لا يبقى عمليا سوى ان تتحرك العدالة الدولية /الغائبة المغيبة حتى اليوم/ وان تتحرك محكمة الجنايات الدولية الفعالة على جبهات اخرى غير الجبهة الاسرائيلية..!!

 

·        كاتب وباحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية، يقيم في الأُردن. -