خبر اياكم والقفز بالرأس -هآرتس

الساعة 10:35 ص|10 مارس 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: الثرثرة حول ايران بلا داع وقدرة اسرائيل محدودة - المصدر).

لم نقرر بعد ان كنا سنهاجم ايران ام لا وليس واضحا لنا ان كانت ايران ستهاجمنا. كما اننا لا نعرف ما الذي يوجد لديهم بالضبط في الترسانة النووية وان كنا قد اصبحنا في دائرة التهديد. حتى ان الاستخبارات الامريكية لا تعرف ما الذي يخطط له احمدي نجاد والى اي مدى اقترب من تحقيق تهديداته. ولكن الامر الواضح هو اننا نثرثر حول التهديد الايراني زيادة عن اللزوم لو كان بامكان الكلمات ان تقتل لكنا الآن في خضم حرب مع ايران.

في عام 1963 وصلتنا معلومات بأن علماء المان خبراء في تطوير الصواريخ والاسلحة غير التقليدية قد جندوا من قبل مصر بهدف انتاج قنبلة كوبلت وصواريخ. كالعادة في مثل هذه الحالات عندنا اندلع حينئذ جدل محتدم حول كون ذلك تهديدا شديدا، وان كان كذلك كيف يتوجب الرد عليه. غولدا مئير وايسار هارئيل رئيس الموساد في تلك الفترة كانا مع شن عملية كبيرة، اما بن غوريون فقد ايد عملية هادئة بسب الصداقة التي بدأت تتطور مع المانيا والتزام كونراد ادنهاور بأمن اسرائيل.

وبالفعل ارسلت المغلفات الناسفة الموضعية الى هنا وهناك من دون ان تبقي بصمات اصابع. بهدوء وبطء تدريجي اخذ العلماء يتخلون عن المشروع ففشل – من دون تهديدات او بيانات رنانة.

منذ مدة من الزمن تحول نقاش التهديد الايراني الى مسألة علنية وكل ناشط في الساحة السياسية وجد امامه مكبر صوت استخدمه لاطلاق التهديدات على ايران. شاؤول موفاز خرج بتصريح مفاده ان على اسرائيل ان تهاجم ايران. في المقابل قال باراك ايضا كعادته امرا وخلافه. مرة يوجه سهامه ضد موفاز قائلا "إن تصريحات موفاز حول مهاجمة ايران تفتقد للمسؤولية". ولكن في مرحلة لاحقة حذر باراك نفسه من ان "الوقت ينفذ من بين الاصابع". باراك قال لكونداليزا رايس خلال زيارتها الاخيرة هنا اننا "لن نقبل بايران النووي ولا نستبعد اي خيار عن الطاولة".

لا مجال للاختلاف حول حق وزير الدفاع في قول ما قاله لوزيرة الخارجية ولكن شريطة ان يكون ذلك غير معلن وليس عبر عناوين الصحف (ليست رايس هي التي سربت الخبر بالتأكيد). في مناسبة اخرى نقل عن باراك قوله:- السلاح النووي بيد ايران هو تهديد مركزي للنظام العالمي كله بالتأكيد وهو على وجه الخصوص تهديد وجودي لاسرائيل".

مئير شطريت صوت العقل هو الذي حذر في مقابلة مع صحيفة هآرتس من انه يحظر مهاجمة ايران او التحدث عن ذلك بأي شكل من الاشكال. "المبادرة للهجوم هي فكرة متغطرسة وتفتقد للمسؤولية"، قال. ولكن باراك كان محق ايضا عندما قال ان من الافضل التقليل من التصريحات بشأن التهديد الايراني. "لا حاجة لاطلاق تصريحات بلا داع ويجب القيام بما يتوجب القيام به في الموعد الملائم دون الاكثار من الكلام".

نحن نثقل ونعرقل حل معضلة التهديد الايراني من خلال الثرثرة التي لا داعي لها ونسهل على الدول الاخرى التي لا تتحمس للتورط في عملية التملص من المواجهة – يقول قائد سلاح الجو السابق ايتان بن الياهو. الخطورة التي تحدق باوروبا وامريكا والدول الاسلامية المعتدلة لا يقل عن التهديد الذي يحيط باسرائيل وليس صدفة ان اولى خطوات اوباما كانت عرضه على بوتين عدم مساعدة ايران مقابل عدم نشر الدرع الصاروخية في اوروبا. تهديداتنا بضرب ايران ان شعرنا ان وجودنا في خطر قد تحث دول العالم على زيادة العقوبات والضغوط على ايران. شريطة ان نفكر الف مرة قبل الانجرار لامور لا يمكن التراجع عنها.

قرار بيغن بقصف مفاعل تموز العراقي في عام (1981) لاقى التفهم في العالم. ولكن ليست في ايران نقطة واضحة ومحددة لضربها كما حدث في العراق. هناك في ايران بنى تحتية واسعة، هي في اغلبها تحت سطح الارض. كما ان البنية تحتوي على آلاف العلماء العاملين في المشروع. القضاء على المشروع الايراني لن يكون سهلا مثلما حدث مع مفاعل تموز العراقي. اليعازر تسفرير احد قادة الموساد المتقاعدين كان محقا عندما حذر من ان "مهاجمة ايران ستدفعها لأمطار اسرائيل بالصواريخ". شكرا على التحذير الا اننا جربنا ذلك على جلودنا في الحربين الفاشلتين اللتين خاضتهما الحكومة المغادرة.

الان تحديدا حيث تلوح في الافق حكومة ضيقة ومتطرفة من المهم ان يكون رئيس الوزراء القادم بنيامين نتنياهو حذرا ومدركا لمحدودية القوة الاسرائيلية. لا تواصلوا الثرثرة والتهديدات ولا تقفزوا مع الرأس للامام.